تشهد حركة النزوح في
الرقة قصصا مؤثرة لعائلات غادرت هربا من الموت، في ظل معارك عنيفة تشهدها المدينة التي تعد معقلا رئيسا لتنظيم الدولة، ورصدت "
عربي21"، واحدة من هذه القصص.
إذ تستمر موجات النزوح من مناطق سيطرة
تنظيم الدولة بعد المعارك العنيفة التي تشهدها مدينة الرقة وريفها، حيث يحاول المدنيون الهروب إلى مناطق سيطرة مليشيات قوات سورية الديمقراطية "
قسد"، وذلك لتجنب قصف قوات النظام.
وروى عامر أبو سيف الذي وصل إلى إعزاز منذ أيام عدة، قصة النزوح هذه، والأيام الأربعة المرعبة التي قضاها هربا من الموت من مناطق سيطرة تنظيم الدولة.
وقال لـ"
عربي21": "خرجنا ليلا من إحدى القرى القريبة من معدان في ريف الرقة، وأردنا التوجه نحو مناطق درع
الفرات، مرورا بمناطق سيطرة قسد، وقررت العبور إلى مناطق قسد عبر نهر الفرات".
وأضاف: "وصلنا إلى ضفة نهر الفرات ليلا بسبب منع تنظيم الدولة الأهالي من الوصول إلى الضفة، باعتبار ما نقوم به بحسب قولهم فرار من الزحف، وعند وصولنا إلى ضفة النهر، كنا خائفين من قناصة قوات قسد على الضفة الأخرى، من أن تصيب أحد أطفالي أو زوجتي".
وتابع: "طال انتظارنا أكثر من 36 ساعة، حتى أخذنا القارب ووصلنا إلى الضفة المقابلة"، مضيفا: "يوجد بعض العائلات لم تستطع الحصول على قارب لمدة أربعة أيام، أما أنا فاستطعت العبور عن طريق أحد أقربائي ممن يعملون على تهريب المدنيين عبر النهر، مع أحد أصحاب القوارب".
وروى خطورة هذا الأمر موضحا أن النازح في تلك المنطقة قد يتعرض للغرق أو القنص أو القصف أو خطر الألغام، "فالموت يحيط بك بينما تحاول أن تصل لضفة النجاة"، وفق قوله.
وأشار ناشطون لـ"
عربي21"، أن ثلاث عائلات لقيت حتفها غرقا في نهر الفرات، خلال محاولتها العبور في 6 آب/ أغسطس الجاري.
وكانت عائلات أخرى ضحية للألغام المزروعة على الطرق البرية وآخرون قضوا بالقناصة، ومنهم من قتل بالقصف، دون وجود أي ممرات آمنة لعبور المدنيين الهاربين من الرقة.
وبحسب ما اطلعت عليه "
عربي21"، فإن طرق هروب المدنيين ونزوحهم كثيرة، فمنهم من ينزح عبر نهر الفرات، وآخرون عبر الطرق البرية.
وتختلف أيضا الجهة التي يقصدونها هربا من الموت، فإما يتجهون إلى مناطق سيطرة "قسد"، أو المناطق الهادئة تحت سيطرة تنظيم الدولة، بينما يحاول البعض الآخر الوصول إلى مناطق سيطرة الجيش الحر "درع الفرات"، في مدن الباب وجرابلس واعزاز على الحدود السورية التركية.
وسيطرت قوات النظام على معظم ريف الرقة الشرقي، في حين بقيت أجزاء منه تحت سيطرة تنظيم الدولة، المتصلة ببادية الشام، والواقعة على الضفة الغربية للفرات، أو ما تسمى عند أهالي المنطقة "الضفة الشامية"، بينما تسمى الضفة الواقعة على طرف الرقة "ضفة الجزيرة".
ويتوافد الأهالي من مناطق سيطرة تنظيم الدولة إلى الضفة الشامية لنهر الفرات هربا من قصف قوات النظام السوري، بغية العبور إلى ضفة الجزيرة، التي باتت تحت سيطرة "قسد" بالكامل.
لكن قلة القوارب الناقلة بين ضفتي النهر والأعداد الكبيرة للأهالي تفرض على العوائل النازحة البقاء ثلاثة أيام أو أكثر، بانتظار دورهم للعبور.