أعلنت النيابة العامة
المغربية، الثلاثاء،
وفاة ناشط من "الحراك الشعبي بالريف"، متأثرا بجروح أصيب بها في مسيرة احتجاجية منعتها السلطات المحلية يوم 20 تموز/ يوليو الماضي بمدينة
الحسيمة (شمال المغرب).
وقال بيان للوكيل العام للملك (النائب العام)، بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، إن
عماد العتابي، الذي سبق نقله للمستشفى العسكري بالعاصمة الرباط لتلقي العلاج إثر إصابته بمنطقة الرأس، وافته المنية اليوم.
وأوضح البيان، أنه سبق للوكيل العام للملك بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة، بأن كلّف الشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء (وسط)، بإجراء تحقيق معمق حول الواقعة، بغية الكشف عن ملابسات الوفاة وأسبابها، وتحديد المسؤوليات عنها لترتيب الآثار القانونية المترتبة على ذلك.
وأكد أن "الأبحاث (التحقيقات) ما تزال متواصلة تحت إشراف النيابة العامة، وأنها ستذهب إلى أبعد مدى، وفور انتهائها سيتم ترتيب الآثار القانونية عليها وإخبار الرأي العام بالنتائج التي تم التوصل إليها".
كما أكد محامي معتقلي
حراك الريف، عبد الصادق البوشتاوي، خبر وفاة العتابي في تدوينة على صفحته ب"فيسبوك" قال فيها: "المرجو الصبر وضبط النفس. عماد العتابي في ذمة الله"، وتابع: "نحتسبه شهيدا إن شاء الله. نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان حسبي الله ونعم الوكيل".
وأوضح الوبشتاوي أن الخبر استقاه من أخ المتوفى وقال: "في اتصال مع أخيه قبل قليل المتواجد بالمستشفى العسكري بالرباط أكد لي خبر استشهاد عماد العتابي بصفة رسمية".
وأصيب العتابي، على مستوى الرأس إثر تدخل قوات الأمن لفض مسيرة احتجاجية منعتها السلطات في 20 تموز/ يوليو الماضي.
وتم نقله إلى السجن المحلي في الحسيمة، قبل أن تعلن النيابة العامة عن نقله إلى المستشفى العسكري بالرباط، حيث ظل يرقد بحالة غيبوبة حتى وفاته اليوم الثلاثاء.
وكان رئيس منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان، عبد الوهاب التدموري، كشف عن أن الناشط عماد العتابي "تعرض لإصابة غائرة في الرأس تنم عن ضربة مباشرة ومقصودة من طرف قوات التدخل السريع".
وأضاف التدموري في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك": "أستبعد فرضية الدهس بسيارة تابعة للقوات الأمنية، حسب ما تم الترويج له، وهي الإصابة التي أدخلته في غيبوبة عميقة استدعت الاستعانة بآلة التنفس الاصطناعي من أجل إبقائه حيا، والأمل في نجاته ضعيفة جدا".
واعتبر الحقوقي أن هذا الحادث "يظهر أن الدولة المخزنية بمقاربتها القمعية قد وقعت في المحظور، وهو ما نبهنا إليه مرارا وتكرارا"، وفق قوله.
بالمقابل، قالت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة، آنذاك، إن الناشط المذكور "يوجد في حالة غيبوبة، تظهر عليه حسب المعطيات الأولية إصابة على مستوى الرأس بسبب الرشق بالحجارة، تم نقله في ظروف غامضة، مساء أمس الخميس، لمستشفى محمد الخامس بالحسيمة لتلقي الإسعافات الضرورية".
وأوضحت السلطات، أنه تم "فتح تحقيق من طرف السلطات الأمنية تحت إشراف النيابة العامة المختصة لتحديد هوية هذا الشخص وظروف وملابسات الحادث"، مؤكدة أن الناشط عماد العتابي عكس ما تم الترويج له، يوجد "في حالة صحية مستقرة ويخضع للعلاجات الطبية الضرورية".
اقرأ أيضا: اعتقالات وإصابات خطيرة في احتجاجات "الخميس الأسود" بالحسيمة
وفور الإعلان عن وفاة الناشط عماد العتابي، اشتعل موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بمئات التدوينات حدادا على الفقيد، واعتبروه شهيد الكرامة وشهيد "حراك الريف".
وقال أحد النشطاء على صفحته بـ"فسيبوك": "استشهاد عماد العتابي بالمستشفى العسكري بالرباط، متأثرا بعنف التدخل الهمجي في مسيرة 20 يوليوز بالحسيمة" وأضاف: "شكرا لمن فوض...شكرا لمن أشاد بالمقاربة الأمنية...دم الشهيد في رقابكم".
فيما اعتبرت ناشطة أن "موت الشهيد عماد العتابي خلال التدخل المخزني والقمع الذي طال مسيرة 20 يوليوز في الحسيمة لهو وصمة عار لمن يرى في المقاربة الأمنية حلا للأزمات". بدوره تساءل ناشط ثالث عن "من سيتحمل مسؤولية وفاة العتابي وهل سيتم تفعيل خطاب الملك الأخير الذي دعا فيه إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة؟".
ودعت العديد من الصفحات المهتمة بحراك الريف بالحسيمة إلى تنظيم احتجاجات سلمية اليوم الثلاثاء ابتداء من الساعة السابعة مساء بتوقيت المغرب (18 ت غ) بحي سيدي عابد بالحسيمة.
وتعتبر وفاة الناشط عماد العتابي، أول حالة وفاة منذ انطلاق حراك الريف في تشرين أول/ أكتوبر 2016.
ومنذ تشرين أول/ أكتوبر الماضي، تشهد الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، احتجاجات متواصلة بعد موت بائع السمك "محسن فكري"، للمطالبة بـ"التنمية ورفع التهميش عن المنطقة ومحاربة الفساد".
وتجاوز عدد الموقوفين على خلفية الاحتجاجات أكثر من 250 شخصا بحسب حقوقيين، بينهم العشرات تم الحكم عليهم ابتدائيا.
وأفرج عن عدد من المعتقلين على خلفية الحراك بعفو ملكي في عيد العرش، حيث قال بلاغ صادر عن الديوان الملكي، حصلت "
عربي21" على نسخة منه، مساء السبت 29 تموز/ يوليو الماضي، إن "الملك محمد السادس أصدر بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش عفوا ساميا على مجموعة من السجناء من بينها مجموعة من المعتقلين في الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة".
وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أشاد في خطاب العرش الأخير، بدور القوات الأمنية في الحفاظ على الأمن واستقرار بالبلد، نافيا وجود أي مقاربة أمنية بمنطقة الحسيمة.