قالت وكالة بلومبرغ الأمريكية إن المملكة العربية
السعودية تتجه نحو تنويع موارد دخلها بعد نصف قرن من الاعتماد على
النفط، وتحاول الاستفادة من آلاف الكيلومترات المربعة من الرمال عبر تشييد مدن جديدة.
وأعلنت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم عن مشروعين كبيرين، خلال الأسابيع الماضية، أحدهما يغطي مساحة أكبر من مساحة دولة مثل بلجيكا، والآخر يتضمن بناء مطار وميناء شحن.
ومن أولويات الرياض في الوقت الراهن، وفقا للوكالة الأمريكية، بناء سلسلة من المدن الاقتصادية، وهي مناطق خاصة تقدم خدمات لوجيستية وسياحية وصناعية ومالية، وتتضمن أيضا مدينة ترفيهية ومركزا ماليا بقيمة 10 مليارات دولار.
وذكرت "بلومبرغ" على لسان كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، مونيكا مالك، أن تطور المدن الاقتصادية كان بطيئا جدا في الماضي، ومع انهيار أسعار النفط تراجعت وتيرة التنمية أكثر، لاسيما مع تعليق عدد من المشاريع.
ومن أبرز المشاريع التي تستهدفها المملكة وفقا لرؤية 2030، مشروع البحر الأحمر ويتوقع أن تستكمل المرحلة الأولى من المشروع السياحي في نهاية عام 2022، ومشروع
الفيصلية، ومن المتوقع أن يكتمل بحلول عام 2050، ومدينة ترفيهية بمنطقة القدية، ومن المخطط الانتهاء منها بحلول عام 2022، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومركز الملك عبد الله المالي "KAFD".
اقرأ أيضا: منتجعات السعودية بالبحر الأحمر هل تهدد سياحة مصر؟
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له أن يظل نمو الاقتصاد السعودي قريبا من خانة "الصفر"، وذلك في ظل بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الراهنة المنخفضة.
وخفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصاد السعودية لمستويات تتراوح بين 0.1% و0.4%، وهي نسب لا تفي للشروع في تنفيذ الخطط الاقتصادية الطموحة التي ترنو لها المملكة، خصوصا في مجال خلق مزيد من الوظائف لأبنائها.
وتواجه المملكة صعوبات متعددة، يتصدرها عدم قدرتها على تحقيق نمو اقتصادي مستقر في ظل تذبذب أسعار النفط.
وقال الملياردير والمستثمر السعودي، الشيخ خليفة فهد الجمعة، إن "الحديث عن عدم قدرة المملكة على تنفيذ المشاريع المدرجة في
رؤية 2030 يعكس مبادئ حرب إعلامية وترويجا لأفكار هدامة".
وأضاف لـ
"عربي21": "إن السعودية دولة كبيرة ولديها ثروات غير نفطية تمكنها من التغلب على تراجع أسعار النفط" مؤكدا أن رؤية 2030 هي رؤية صائبة وصحيحة.
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد مصبح أن مشروع البحر الأحمر السياحي الذي أعلنت عنه السعودية الأسبوع الماضي ويتضمن تحويل 50 جزيرة وسلسلة مواقع أخرى على البحر الأحمر إلى منتجعات فاخرة سيواجه تحديات كبيرة وصعوبات جمة سواء فيما يتعلق بالبعد السياسي والثقافي للمملكة أو ما يتعلق بالبعد الاقتصادي.
وقال مصبح لـ
"عربي21"، إن الاقتصاد الذي يعتمد على السياحة هو اقتصاد ريعي، لا يضمن تحقيق التنوع الاقتصادي، خاصة في بلد مرتبط بعوامل سياسية وثقافية ويتأثر سريعا بالمحيط الخارجي.
اقرأ أيضا: وزير سعودي يستغل عرض مشروع كبير لإهانة قطر.. ماذا قال؟
وأشار مصبح إلى "صعوبة قدرة المملكة على ضمان نجاح خطط 2030 الاقتصادية، في ظل الظروف الحالية وفي ظل الصعوبات الحالية التي تواجها المملكة على الصعيد الاقتصادي والسياسي، ناهيك أن نجاح مثل هذه الخطط يتطلب وجود بيئة مناسبة من الانفتاح الثقافي والتحرر".
وتابع: "الاقتصاد السعودي يعاني من أزمة حقيقة وحالة ركود لم يشهد لها مثيل منذ فترة طويلة، ولعل ما يصدر من تقارير دولية تتحدث عن أزمات الاقتصاد السعودي والتأثير السلبي لتبعيته لقطاع النفط يؤكد ذلك"، لافتا إلى أن لاقتصاد السعودي يعاني من انخفاض معدلات النمو، وارتفاع معدلات البطالة.
وأردف: "الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات مثل فرض المزيد من القيود على العمالة والاستثمارات الأجنبية، ناهيك عن تخفيض الانفاق الحكومي على المشاريع، والإعلان عن بيع أسهم من أرامكو ومطار الملك خالد، كمسكنات لحظية تهدف إلى تجميل المؤشرات الاقتصادية دون تطبيق خطط وإصلاحات شاملة".
وتساءل مصبح خلال حديثة لـ
"عربي21": "ما هي الإجراءات التي تم اتخادها لتعزيز البيئية الاستثمارية في المملكة؟ وما هي الإجراءات التي اتخذت لضمان نجاح هذه الخطط خصوصا فيما يتعلق بالحوكمة والشفافية، وتعزيز دور الهيئات الرقابية؟ وما هي الموارد والمصادر المالية التي سوف تستند عليها هذه المشاريع خصوصا ونح نتحدث عن تقليل الافاق الحكومي؟ و هل هناك إجراءات حكومية واضحة تهدف إلى تقليل ثقافة البذج لدى المواطنين والحكومة؟ وهل هناك أيدى عاملة سعودية قادرة على تنفيذ هذه المشاريع خصوصا في ظل توجه الحكومة الى سعودة القطاع الخاص، وفرض القيود على العمالة الأجنبية ؟ وأين إصلاحات التنوع الاقتصادي (أين الدور الزراعي والدور الصناعي وأين دور قطاع الخدمات)؟ وهل يستطيع الاقتصاد السعودي الصبر إلى عشرات السنوات وخصوصا انا بعض تلك المشاريع يحتاج إلى 2050؟".
وأضاف: "عندما نتحدث عن المملكة العربية السعودية لا نتحدث عن دولة مثل مصر أو المغرب أو حتى الإمارات أو أي دولة لديها مساحة كافية من الانفتاح والتحرر"، مؤكدا أن الخصائص التكوينية للمجتمع السعودي تختلف عن معظم المجتمعات العربية، خاصة فيما يتعلق بالقطاع السياحي.