نشرت الأمم المتحدة تقريرا عن
سوريا، أشارت فيه إلى أن الشباب الذين يغادرون بلادهم للانضمام إلى الجماعات المسلحة "الإرهابية" في سوريا مستواهم العلمي متدن، وغير مطلعين على أساسيات العقيدة الإسلامية ومعاني الجهاد في الإسلام.
وفي الدراسة الصادرة عن مكتب مكافحة “الإرهاب” في الأمم المتحدة، فإن معظم المقاتلين الذين عادوا من سوريا حديثو العهد بالإسلام، وبعضهم لا يعرف كيفية تأدية فريضة الصلاة بشكلها الصحيح.
واعتمد معدو التقرير، الذي نشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية وترجمت أجزاء منه "عربي21"، على 43 مقابلة أجروها مع أشخاص من بلدان مختلفة كانوا في سوريا، تبين لهم أن معظمهم كانوا ينظرون إلى الدين من جانب العدالة والظلم، وليس التقوى والأمور الروحانية.
وأشار التقرير إلى أن أغلب المقاتلين كانوا يعانون من مشاكل اقتصادية وتعليمية، فضلا عن التهميش السياسي والاجتماعي.
ووفقا للتقرير، فإن نحو ثلاثة أرباع المتقابلين كانوا عائدين من سوريا، فيما البعض الآخر اعترضتهم حكومات بلادهم قبل الخروج.
وشارك في التقرير سبع دول، ثلاث من الاتحاد الأوروبي، وأربع من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم دعوة الأمم المتحدة جميع أعضائها للمشاركة.
وأجرى الحوار مع المقاتلين البروفيسور حامد السعيد من جامعة مانشستر ميتروبوليتان، والمتخصص في شؤون "الإرهاب" ريتشارد باريت، وذلك داخل السجون أو تحت إجراءات أمنية مشددة.
عزلة
وقال المقاتلون، الذين حاولوا الالتحاق بتنظيمات مثل
تنظيم الدولة وجبهة النصرة وأحرار الشام، إنهم ينتمون لأسر كبيرة، لكنهم انعزلوا عن التيار الاجتماعي الاقتصادي والنشاط السياسي.
وتقول الدراسة إن “الوازع الديني دوره ضئيل في تحفيز الشباب على الالتحاق بالتنظيمات المسلحة، وإن العامل الاقتصادي أسهم في جذب الملتحقين بالتنظيمات المذكورة، التي تغريهم بالرواتب والمنازل
والزوجات”.
ويشير التقرير إلى أن معظم الوثائق المسربة من تنظيم الدولة تفيد بأن معظم المقاتلين معرفتهم سطحية بالشريعة الإسلامية، ومع ارتفاع وتيرة الحرب بسوريا قرر البعض السفر إلى هناك لنيل “الشهادة”.
وتابع التقرير: “ومن أنواع الدعاية، نجاح التنظيم باستقطاب العديد من الشباب عبر إقناعهم بمدى الظلم
الواقع على المسلمين السنة في سوريا من قبل بشار الأسد، كما حمل بعض الشباب مسؤولية الدفاع عن السنة بسوريا، حيث تم تعزيز الشعور بالأخوة لدى أفراد التنظيم من خلال الالتزام الديني”.
وشدد بعض المقاتلين المشاركين في التقرير على أنهم “لم يذهبوا إلى سوريا ليصبحوا إرهابيين، ولم يعودوا أيضا لبلادهم لإرهاب شعوبهم”.
وكشف التقرير أن الإنترنت قوى وعزز الأفكار الموجودة سلفا لدى الشباب غير المنضم للتنظيم، فضلا أن العامل الأكبر في تجنيد الشباب كان من الصداقات على الشبكات الاجتماعية والسجون والمدارس والجامعات وبعض أماكن العمل".
وأضاف التقرير أن “سوء الحكم، وتجاهل تطبيق القانون، والسياسات الاجتماعية التمييزية، والإقصاء السياسي لبعض المجموعات، فضلا عن مضايقات السلطات الأمنية، ومصادرة جوازات السفر، ساهمت في الشعور بالاستياء و العداء تجاه الحكومات، ما وفر أرضية للإرهاب”.
وقال هاري سارفو، ذو الأصول الألمانية، المقيم في بريطانيا، الذي انضم إلى تنظيم الدولة لمدة ثلاثة أشهر في 2015، إنه تعرض مرارا لمضايقات أمنية متكررة وتحرشات مستمرة من المجتمع المدني، ما دفعه للذهاب لسوريا.
وقال هاري: “أكد لي صديقي أن المضايقات والتحرشات هي نتاج طبيعي لشخص مسلم يعيش في الغرب، وبالتحديد ألمانيا، وقال لي: أنت شخص مسلم وأسود، وزوجتك امرأة محجبة، ماذا كنت تتوقع أن يحدث لك في هذا المجتمع؟ هم يعتقدون أنك شخص إرهابي ودموي؛ لذا ينبغي عليك السفر إلى (الدولة الإسلامية) والعيش هناك، ما سيحفظ حقوقك كشخص مسلم، فلا مكان لك بالعيش هنا بعد الآن”.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" أن مخاوف مشابهة أثيرت بشأن استراتيجية الحكومة البريطانية المثيرة للجدل، التي يراها العديد تمييزية، في حين يحاول تنظيم الدولة الاستفادة من الضربات الجوية على أراضيها؛ من خلال نشر صور للأطفال القتلى، إلى جانب دعوات بأنها هجمات “إرهابية” عالمية".
ودعا التنظيم مؤيديه لتنفيذ هجمات في بلادهم الأصلية، بعد شن تلك البلاد بعض العمليات المسلحة ضد التنظيم في سوريا والعراق.
ووفقا للصحيفة، يقول بعض المحللين إن فشل التنظيم سيسفر عن خيبة أمل كبيرة لدى عناصر التنظيم، بعد الإغراءات التي قدمت لهم بالعيش في مجتمع إسلامي شامل.
وأشار التقرير إلى أن بعض المقاتلين الأجانب غادرو سوريا، بعد شعورهم بخيبة أمل كبيرة إثر التحاقهم بتنظيم الدولة، وشعورهم بالغربة وسط المجتمع السوري، فضلا عن مقتل الكثير من أصدقائهم ودعوات من أهلهم بالعودة إلى أوطانهم.