أفادت مصادر خاصة لـ"
عربي21" عن مفاوضات تجريها الأجهزة
اللبنانية من أجل إخراج بعض المطلوبين من مخيم
عين الحلوة، ضمن الصفقة التي بلغت مراحلها النهائية بين حزب الله وجبهة
تحرير الشام.
وتشمل الصفقة بين الجبهة والحزب؛ إطلاق ثمانية أسرى لحزب الله وتسليم جثث قتلى للحزب، مقابل ترحيل آلاف المقاتلين والنازحين السوريين، من بينهم أمير الجبهة في
عرسال، أبو مالك التلي إلى الشمال السوري، وتحديدا إلى ريف إدلب.
اقرأ أيضا: 8 آلاف شخص يغادر عرسال ضمن اتفاق "النصرة" و"حزب الله"
وكشفت المصادر عن موافقة الطرف اللبناني على خروج المطلوبين السوريين والفلسطينيين، من حملة الوثائق السورية، لكنه رفض خروج المطلوبين من الفلسطينيين أصحاب الوثائق اللبنانية.
وكانت وسائل إعلام لبنانية قد تحدثت عن احتمال تمديد الصفقة بين حزب الله وتحرير الشامل لتشمل أكثر من 120 مطلوبا للدولة اللبنانية بتهم "الإرهاب" من مخيم عين الحلوة، من بينهم فضل شاكر المتهم بما يعرف بأحداث عبرا (مجموعة الشيخ أحمد الأسير).
وشهدت مدينة صيدا في جنوب لبنان، في 23 حزيران/ يونيو 2013، وعلى مدى يومين، اشتباكات مسلحة بين الجيش اللبناني وعناصر من حزب الله من جهة، وأنصار الشيخ الأسير من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط 18 قتيلا من الجيش اللبناني وأكثر من 100 جريح. وقد انتهى الأمر بانسحاب الأسير وعدد من الموالين له، قبل القبض عليه لاحقا.
اقرأ أيضا: "تحرير الشام" تتهم حزب الله بمحاولة التلاعب باتفاق القلمون
واندلعت الصدامات بين مؤيدي الأسير وعناصر حزب الله بداية، قبل أن يصبح الجيش طرفا فيها.
ويضم مخيم عين الحلوة، بحسب المصادر الخاصة لـ"
عربي21"، مئات العناصر المنتمية لتيارات سلفية عدة، جزء كبير منهم مؤيد لتحرير الشام أو مقرب منها فكريا.
ومن المرتقب أن تختتم المرحلة الثانية من الصفقة بين حزب الله والجبهة إثر توقف العملية العسكرية في منطقة جرود عرسال الواقعة في منطقة البقاع، والتي استمرت لستة أيام.
ويتركز الاهتمام حاليا على المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في جرود عرسال، والبالغة مساحتها مئتي كيلومتر مربع، حيث يتحضر الجيش اللبناني لخوض معركة جديدة لاستعادة المنطقة من التنظيم، وسط تأكيدات بمشاركة حزب الله في المعركة الجديدة.
اقرأ أيضا: الهدوء يسود عرسال.. وبوادر حرب على حدود المدينة
وتلقي مشاركة حزب الله في المعارك على الحدود اللبنانية السورية بثقلها على الساحة اللبنانية بين مؤيد لها ومعارض.
ويصف المحلل السياسي الدكتور عماد شمعون "المشهد في لبنان بالمتشابك بين من يتمسك بشرعية الدولة وبين من يؤيد دور حزب الله إلى جانب الدولة".
وأضاف شمعون في حديث لـ"
عربي21": "يشدد جزء كبير من اللبنانيين على وظيفة الجيش اللبناني في الدفاع عن البلاد، باعتباره المؤتمن على البلاد ويطالبون بمنحه الصلاحية وحده لحماية السيادة اللبنانية من دون تدخل أي قوة عسكرية أخرى، لا سيما حزب الله".
ووسط الخلافات حول مشاركة حزب الله، تبرز مواقف وسطية تعتبر أن تدخل الحزب في المعارك الأخيرة لا يسبب حرجا للبنان، باعتباره موجها ضد تنظيمات تحاول العبث بأمنه، لكن شمعون حذّر من حجم الهواجس لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، وقال: "الناس متخوفون من الثمن الذي يريده حزب الله من خلال مشاركته في الأحداث في
سوريا، على الرغم من المنجزات التي تدلّل على ابتعاد شبح الإرهاب عن لبنان، وهذا ما سيفضي إلى سلام واستقرار داخلي كما أنه سيدخل الطمأنية إلى نفوس اللبنانيين"، وفق تقديره.
وحول معارضة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لأي دور سوى للسلاح الشرعي في لبنان، قال شمعون: "رئيس الحكومة يرفض تدخل حزب الله ودعم الجيش"، مضيفا: "هو موقف مؤثر داخل الدولة اللبنانية، في الوقت الذي يؤيد فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشاركة الحزب العسكرية ويعتبرها مفيدة وتخدم المصلحة اللبنانية العليا".
اقرأ أيضا: لماذا حضر حزب الله في عرسال وغاب الجيش؟ مراقبون يجيبون
وأردف: "يتضح من تلك التباينات الحاصلة ضمن فريق الدولة أن الخلافات حاضرة والتناقضات ترخي بظلالها"، كما قال.
والى جانب السجالات على مستوى الطبقة السياسية، تحضر التساؤلات عن كيفية التعامل مع ملف تنظيم الدولة المسيطر على جرود عرسال. ويقول النائب اللبناني عاصم قانصوه في تصريحات لـ"
عربي21"، إن "المعركة لم تنته في عرسال، وتتبقى نصف مساحة الجرود تحت سيطرة تنظيم الدولة، بدءا من رأس بعلبك إلى القاع وصولا إلى الحدود"، مضيفاً: "هي منطقة حدودية كبيرة تقع في المنتصف بين مناطق خاضعة للجيش اللبناني وأخرى للجيش السوري"، كما قال.