طرحت التفاهمات بين رئيس
حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، وقائد القوات التابعة لمجلس النواب في
طبرق، خليفة
حفتر، خلال لقائمها الأخير في باريس، عدة تساؤلات حول مستقبل
البرلمان الليبي (في طبرق) ووجوده في المشهد السياسي في البلاد.
ففي حين رأى البعض أن المجتمع الدولي تجاوز البرلمان ورئيسه عقيلة صالح، وظهر ذلك خلال عدة لقاءات دولية تجاهلت دعوة صالح، ومنها لقاء باريس الأخير، إلا أن آخرين رأوا أن حفتر هو ممثل البرلمان في هذه اللقاءات، وأن المشكلة مع "عقيلة صالح وفقط".
لا جديد
وفي هذا السياق، أكد الناطق باسم مجلس النواب في طبرق (شرق
ليبيا) عبد الله بليحق، أن "البرلمان لم تتبلور رؤيته بعد تجاه تفاهمات باريس الأخيرة بين المشير حفتر والسراج"، موضحا أن "توحيد الجيش يكون عن طريق المجلس، فهو من يملك صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو من عين القائد العام للجيش (حفتر)، والتي تعمل وفق السلطة التشريعية"، حسب تصريحات صحفية الأربعاء.
اقرأ ايضا: حفتر والسراج.. تفاهمات على وقف إطلاق النار وانتخابات قريبة
ورغم أنه لم يصدر أي تعليق رسمي حتى الآن من قبل عقيلة صالح، إلا أن لقاء باريس الأخير أثار عدة تساؤلات من قبيل: هل سيتجاوز المجتمع الدولي برلمان طبرق فعليا؟ وهل المبادرة الفرنسية أبعدت المجلس سياسيا؟ وماذا لو رفض البرلمان مخرجات باريس؟
تمثيل منقوص
من جهته، أكد عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة، أن "لقاء باريس الأخير كان ينقصه - لضمان نجاحه - تمثيل بعض القوى الأخرى المفروضة بحكم الأمر الواقع كالمؤتمر ومجلس الدولة، وكان ينقصه أيضا وجود السلطة الشرعية في البلاد المتمثلة في البرلمان وحكومته، كونهم طرف لا يمكن تجاهله"، حسب قوله.
واستدرك، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، بأنه "إن كان وجود القائد العام الشرعي (حفتر) قد غطى جزءا من هذا الجانب، إلا أنه يبقى تمثيلا منقوصا"، على حد وصفه.
وحول ما أثير عن إقدام البرلمان على خطوة إقالة حفتر، قال البرلماني الليبي: "لا أعتقد أن المجلس أو رئيسه سيفكر مجرد التفكير في مثل هذا الأمر، لأن البحث الآن أصبح عن إيجاد حل بصرف النظر عن قانونية الحل أو حتى دستوريته".
برلمان غير موجود
وقال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى تويجر، إنه "من الصعب الحديث عن وجود برلمان حقيقي الآن، لكن يمكن الحديث عن عقيلة صالح وشلته؛ الذين يعطلون البرلمان لتقديم البديل الوحيد وهو حكم العسكر"، وفق رأيه.
اقرأ أيضا: ما مصير مبادرة فرنسا بشأن ليبيا بعد لقاء حفتر والسراج؟
وأضاف لـ"
عربي21"، أن "المجتمع الدولي يعمل مع الأطراف الفاعلة على الأرض ولا يهتم بمن تخلف وسقط"، معتبرا أن "نوايا حفتر من حضور اجتماع فرنسا لم تتضح بعد، ولن نستغرب إذا ما أوعز لعقيلة بالتحدث نيابة عن البرلمان برفض تفاهمات باريس".
وهذ ما أكده الناشط السياسي الليبي، خالد الغول، بقوله: "لو كان لعقيلة صالح أي تأثير لما صار حفتر في المشهد، إذ المتعارف عليه في العمل الديمقراطي أن القائد الأعلى للقوات المسلحة هو من يكون القائد العام، مضيفا لـ"
عربي21": "وبما أن حفتر ذهب إلى فرنسا دون وجود تفويض من القائد الأعلى (عقيلة) فهذا يعني أنه لا دور للبرلمان أو رئيسه، وأن حفتر قد فرض نفسه بنفسه"، وفق تقديره.
تحجيم وليس إبعاد
ورأى الإعلامي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش، أن "مبادرة باريس لن تبعد البرلمان عن المشهد؛ لأن هناك بنودا تطيل من عمره حتى عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، لكن يمكن القول إنه تم تحجيم دوره".
وأوضح خلال حديثه لـ"
عربي21" أنه "ربما يحاول المجلس المماطلة في إقرار نتائج اجتماع فرنسا، لكنه لن يجرؤ على إقالة حفتر، فهو عاجز حتى عن محاسبة وزير، ولن يجرؤ أيضا أن يعترض بأي شكل من الأشكال على ما قرره المجتمع الدولي"، حسب ما قال.
تحريض قبلي
وأشار الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة، إلى أن "البرلمان الليبي له مهام محددة، لكن تعنت عقيلة صالح غير المبرر أضاع الوقت، فهو لم يكن جادا في مبررات عدم المصادقة على حكومة الوفاق، إضافة إلى ضعف البرلمان وتفككه وتعذر عقد جلساته وإقامة معظم أعضائه خارج ليبيا".
اقرأ أيضا: هل استفاد من الاتفاق.. حفتر يبعد خصومه من "بيان باريس"؟
وفي تعليقه على التكهنات بإقالة حفتر من قبل عقيلة، قال لـ"
عربي21": "هذا محض تحريض من القبائل والأشخاص الموالين والمستفيدين من عقيلة ومن البرلمان"، مضيفا: "صالح يعلم جيدا أن المجتمع الدولي قد تجاوزه شخصيا لذلك لن يقدم على أي حماقة لا تجد من يدعمها دوليا، فالجميع الآن يتعامل فقط مع حفتر والسراج، أما الباقي فهم لزوم استكمال الصورة دون تأثير مباشر"، وفق تقديره.