توجهت أنظار العالم من جديد بعد ظهر الجمعة؛ نحو المسجد
الأقصى، في مشهد أعاد للقضية
الفلسطينية الروح، بتجمع آلاف المدافعين عن حرية ثالث الحرمين الشريفين بمدينة
القدس، ومثلهم مئات الآلاف الذين خرجوا في عدد من الدولة العربية والإسلامية، وحول العالم أيضا.
وكانت قوات الاحتلال قد عمدت قبل أيام إلى وضع بوابات الكترونية على أبواب المسجد، في إطار سياسة التضييق التي تمارس على المرابطين والمصلين المسلمين.
واندلعت ظهر الجمعة، مواجهات عنيفة بين آلاف الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي حولت مدينة القدس لثكنة عسكرية، واعتدت على المصلين بشوارع المدينة المحتلة والحواجز المؤدية إليها من مدن الضفة الغربية المحتلة؛ استشهد على أثر ذلك ثلاثة فلسطينيين برصاص الاحتلال.
وحملت التجمعات والتظاهرات في جمعة "نصرة الأقصى"؛ مكاسب عديدة للقضية الفلسطينية، بينها عودة الاهتمام العربي والإسلامي بالقضية المحورية؛ التي توارت مؤخرا خلف أزمات عربية وإسلامية أخرى، حسب محللين.
وقال الكاتب والمحلل السياسي المصري، عامر عبد المنعم إن "توحد المقدسيون ضد الغطرسة الصهيونية، وتصاعد الاعتصام أمام أبواب المسجد الأقصى وقطع الطريق على مؤامرة تمرير البوابات الالكترونية التي تعني احتلال المسجد بالكامل؛ هي أولى المكاسب".
وأشار عبدالمنعم عبر صفحته، في فيسبوك، إلى مكسب "استنفار الفلسطينيين بالضفة وغزة والشتات، وتوحيدهم بعد فترة من الخلافات المصطنعة التي يقف خلفها الاحتلال".
وأكد على دور انتفاضة الجمعة في "إحياء قضية الأقصى بعد فترة من الموات أصابت الأمة، وتصحيح الحقائق حول القضية الفلسطينية وكشح ما تسبب فيه التشويش الإعلامي المتصهين في السنوات الأخيرة".
كما تحدث عبد المنعم عن مكسب "تحريك الرأي العام الإسلامي"؛ والذي بدا في تظاهرات الجمعة في (تركيا والسودان والأردن وتونس وماليزيا وإندونيسيا)، معتبرا أن ذلك "خطوة أولى تتبعها تحركات تالية".
واعتبر إن جمعة الأقصى كشفت عن "اختباء الحكام العرب وانتهاء دورهم كسماسرة يتلاعب بهم الصهاينة، وتغير شكل الصراع ليصبح بين الشعب الفلسطيني ومعه والشعوب المسلمة ضد الاحتلال الإسرائيلي"، موضحا أن هذا "يجعل حسم الصراع أصعب أمام الصهاينة وحكومات الغرب المساندة لهم".
وأشار المحلل المصري إلى "تشكيل وعي الأجيال الجديدة التي انقطعت لأسباب عديدة عن معرفة مكانة المسجد الأقصى والقدس بالنسبة للمسلمين"، مضيفا أنه مكسب يتبعه مكسب أكبر بـ"إظهار الكيان الإسرائيلي كعدو، وفضح زيف الادعاءات بأنه صديق، وإعادة الاعتبار للمقاومة الفلسطينية التي حاولوا وصمها بالإرهاب". كما أكد على مكسب "إعادة تقديم القضية الفلسطينية لتأخذ حقها ووضعها كمحور للصراع في المنطقة".
"عملية حلميش"
من جانبه، أكد الباحث في الشؤون الإسرائيلية لدى مركز رؤية للتنمية السياسية، صلاح العواودة، أن "العدو أراد تحويل المسلمين إلى بكّائين على أربع حوائط مبكى لهم حول المسجد الأقصى، بينما يسرح المستوطنون ويمرحون داخله؛ وهو ما لم يسمح به الفلسطينيون".
وقال العواودة لـ"عربي21"، إن أهم مكاسب جمعة الأقصى، هي عملية حلميش، والتي اعتبرها "إرباكا لسياسة نتنياهو الذي تحدى رأي الجيش الإسرائيلي والشاباك الذين حذروه من انفجار انتفاضة جديدة؛ إذا أصر على وضع البوابات الالكترونية حول المسجد الأقصى".
وكان الشاب الفلسطيني عمر العبد، (19 عاما)، قد نفذ عملية طعن الجمعة، قتل فيها ثلاثة مستوطنين بمستوطنة حلمي"، فيما أٌصيب العبد برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف العواودة أن ذلك الحراك لنصرة الأقصى "أعطى زخما وروحا جديدة لاحتجاجات الفلسطينيين وبث الأمل في النفوس، وألهم الشباب الفلسطينيين بعد فترة طويلة من الاحباط الناتج عن المواجهات والعمليات التي لم تنجح أو التي أحبطها العدو، وإعلان العدو المتكرر بأنه قد نجح باسكات الانتفاضة".
وأضاف الباحث الفلسطيني: "ننتظر تدخلات دولية أقوى لإنزال نتنياهو ووزرائه المتطرفين عن الشجرة التي تسلقوها، وبهذا تكون هبّة الاقصى قد حققت هدفها، كما نأمل في توحيد الفلسطينيين على خيار المقاومة والدفاع عن الأقصى"، كما قال.
توحد الجميع
ويرى القيادي في المجلس الثوري المصري، عمرو عادل، أن المقاومة بكل ما يمكن "حق مشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال"، مؤكدا على أن ذلك حق أصيل للفلسطينيين.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد عادل أن هبة الفلسطينيين بالقدس والضفة المحتلتين، وقطاع غزة، وكذلك التظاهرات التي جابت بعض الدول العربية والإسلامية نصرة للمسجد الأقصى، كانت مكسبا كبيرا في جمعة الغضب.
ورأى أن المكسب الأكبر كان في "توحد الجميع عرب ومسلمين، وفصائل مقاومة، وشعوب غاضبة على قضية مركزية (القضية الفلسطينية وفي قلبها مدينة القدس والمسجد الأقصى)؛ والتي لم يستطع أحد (سلطة الاحتلال أو النظام العالمي أو الحكومات العربية) إلغاءها أو تغييبها في عقول الناس بكل مكان"، على حد قوله.