نشرت صحيفة "ماتان24" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن فتح بعض المستثمرين الأجانب مطاعم في
إيران، على الرغم من الصعوبات والمشاكل الدولية التي يعاني منها هذا البلد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه على امتداد سنوات، اقتصرت أكلات الإيرانيين على "ماكدونالدز" أو "بيتزا هات". ولكن، في الآونة الأخيرة، تطلعت سلاسل المطاعم الغربية إلى الاستقرار في هذا البلد على الرغم من المخاطر المحدقة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه نظرا لتضرر إيران من
العقوبات الأمريكية والضغوط البيروقراطية، يسعى الاقتصاد الإيراني إلى استقطاب المستثمرين الأجانب، خاصة بعد رفع جزء من العقوبات الدولية المفروضة عليه، على خلفية الاتفاق النووي المبرم سنة 2015 مع القوى العالمية.
وفي هذا الإطار، قرر بعض رجال الأعمال الأوروبيين المجازفة وتحدي المخاطر المحدقة بإيران، والمبادرة بالانخراط في سوق المطاعم داخل هذا البلد. فوفقا للمعطيات التي أدلت بها شركة "إليا" المحلية للمستشارين، تقدر مداخيل هذه السوق بـ7 مليارات دولار سنويا، وتتوقع أيضا أن يتضاعف هذا المبلغ في السنوات العشر المقبلة.
وأضافت الصحيفة أن سلسلة "تيلي بيزا" الإسبانية فتحت أول مطعم لها في أوائل شهر تموز/ يوليو الجاري في طهران، بدعم من ائتلاف تجاري إيراني يعمل على استثمار حوالي 100 مليون يورو لفتح مرافق جديدة في المدن الأخرى.
والجدير بالذكر أن رجل الأعمال الفرنسي، أموري دي لا سيري، هو أول أوروبي يشتري حقوق سلسلة مطاعم فرنسية للسوشي، لإطلاقها في إيران. وقد فتح أول فرع من سلسلة مطاعم السوشي الراقية أبوابه خلال الأسبوع الماضي، في حي فاخر في شمال طهران، بعد أشغال تواصلت على امتداد عامين تقريبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن دي لا سيري أشاد بوجود إرادة حكومية قوية تعمل على استقطاب رؤوس الأموال والمهارات الأجنبية. من ناحية أخرى، نوه بأن المستثمرين يواجهون مشاكل عديدة تعطل سير مشاريعهم على المستوى الإداري، نظرا لأن الإجراءات معقدة وتستغرق وقتا طويلا.
وفي هذا الإطار، أفاد دي لا سيري أن "العمل مع المصالح الديوانية يعتبر صعبا للغاية. ولكن، يستحق الاستثمار في إيران كل هذا العناء، لأن كل شيء يتغير بسرعة مذهلة هنا. وأنا أحب هذا البلد وسعيد جدا لأنني أشهد جميع هذه التطورات".
كما أكدت الصحيفة أن شبكة تزود المطاعم بالإمدادات الغذائية تعد معقدة حقا، حيث يتعامل مطعم دي لا سيري مع 150 مزودا، معظمهم محليون، كما يستورد الأسماك الطازجة من النرويج، بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا. علاوة على ذلك، يستغرق مجرد الحصول على إذن استيراد الصلصات اليابانية عاما كاملا كما اعتبر إيجاد مقر لهذا المطعم مغامرة في حد ذاتها.
وحيال هذا، أفادت الحكومة أنها تسعى للحد من نفوذ البيروقراطية. ولكن، وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي ومتعلق بسهولة القيام بأعمال تجارية، فقد هذا البلد ثلاث مراتب هذا العام، كي يحتل المركز 120 ضمن قائمة تضم 190 دولة. ولا تقف الصعوبات عند هذا الحد، ذلك أن البنوك الأوروبية الكبرى، وخوفا من التدابير العقابية التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد طهران، عمدت إلى تجميد كل الحسابات أو التحويلات التي لها علاقة مع إيران.
وبينت الصحيفة أن دي لا سيري أوضح أنه "تم التوجه إلى وزارة الاقتصاد الفرنسية كي تُوفر للمستثمرين قائمة من البنوك على استعداد للعمل مع إيران. وقد قامت بذلك فعلا، إلا أن تلك البنوك رفضت رفضا تاما التعامل معنا". وفي نهاية المطاف، لقي هذا المستثمر الدعم من أحد البنوك الصغرى الخاصة، التي وافقت على توقيع الصفقة معه، نظرا لعدم تواجد أي علاقة لها بالولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العدواني ضد إيران دفع المستثمرين الأجانب إلى الشعور بالغضب والتوتر. فخلال هذا الأسبوع، فرضت الإدارة الأمريكية، مرة أخرى، عقوبات جديدة ضد البرنامج الصاروخي الإيراني، وسلوكها "الخبيث" في الشرق الأوسط. في المقابل، مازال المحافظون الإيرانيون حذرين وقلقين مما يسمونه "بالتسلل الثقافي" الغربي داخل إيران.
والجدير بالذكر أنه في سنة 1994، تم إضرام النار في مطعم يحمل اسم "ماكدونالدز" بعد يومين فقط من تاريخ افتتاحه، رفضا للأيديولوجية الغربية. ولكن، العقلية الإيرانية تغيرت، ذلك أن أبناء الطبقتين المتوسطة والغنية أصبحوا رافضين للتعصب، ومولعين بالعلامات التجارية الأجنبية. كما يعترف المسؤولون الإيرانيون بحاجة إيران الملحة للاستثمار الأجنبي، بهدف خلق فرص عمل جديدة، للحد من البطالة التي يُعاني منها حوالي 12،6 بالمائة من مجموع السكان، و27 بالمائة من الشباب.
وفي الختام، نقلت الصحيفة تصريحا أدلى به رئيس منتدى "إيران-أوروبا"، إسفانديار باتمانغهيليدج، حيث قال في إحدى مذكراته، إن "تطوير قطاع الوجبات السريعة سيخلق فرص عمل هامة، وهذا ما تحتاجه إيران اليوم. فالعديد من كبار رجال الأعمال النافذين في أيامنا هذه بدؤوا أعمالهم بتسليم طلبيات من البيتزا".