ربط مسؤول حكومي عدم الاستقرار المالي والنقدي في
العراق، وبين مجموعة ظواهر تتمثل في العجز غير النفطي الناتج عن الفرق بين الإيرادات والنفقات المحلية والبالغ نحو 78 تريليون دينار تساوي نحو 70 مليار دولار.
ولفت محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، إلى أن الظاهرة الثانية هي تزايد العجز في الموازنة الذي وصل إلى 21.6 تريليون دينار، ويُضاف إليه العجز في ميزان المدفوعات من غير الصادرات النفطية البالغ 37.7 مليار دولار، مؤكداً أن هذه المؤشرات السلبية تعبر بوضوح عن خلل بنيوي كبير.
واعتبر في ندوة نظمها معهد التقدم للسياسات الإنمائية بحضور خبراء في
الاقتصاد والمال، أن تحسين واقع السياسة النقدية والمالية يتطلب تعزيز الإيرادات المحلية وتفعيل سياسة إعادة توزيع الدخل لتحريك عجلة الاقتصاد، من خلال الإفادة من الكتلة النقدية الموجودة في الأسواق والمتمثلة بالرواتب، التي يذهب جزء كبير منها لتغطية الواردات الخارجية.
وشدد على ضرورة ضغط النفقات التشغيلية وفقاً لضوابط صارمة ومعايير علمية، وتقليص عوامل الطلب على العملة الأجنبية وتوفير عناصر الاستقرار للحد من هجرة الأموال، فضلاً عن توفير بيئة جاذبة للاستثمار.
وأشار المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، إلى أن البنك المركزي العراقي كان مستقلاً عن الحكومة في الفترة الأولى، لكن عندما واجه الاقتصاد عجزاً بدأ هذا الاستقلال يضعف. وتابع: "باشر البنك المركزي يقرض الحكومة فتحول استقلاله إلى الدرجة الثانية".
وأكد أن سياسة البنك المركزي كانت سبباً رئيساً لانتصار العراق في حربه ضد الإرهاب، من خلال الدور الوطني الخفي الذي أدّاه في دعم الحكومة، وعبور مرحلة الخطر. ورأى أن البنك المركزي كان أمام خيارين، أن يتخلّى عن استقلاله ويقرض الحكومة في ظل الظرف المعقد أو يخفّض قيمة الدينار العراقي.
وأضاف: "وهنا قد يوفر بعض الأموال للحكومة، لكن سنكون أمام ارتفاع كبير في معدلات التضخم، ولن يكون لهذه الأموال التي توافرت أي قيمة، لذا ضحى البنك المركزي باستقلاله الداخلي وأقرض الحكومة لمواجهة أزمة الاستقرار. لافتاً إلى أن قيمة القرض للحكومة بلغ 21 تريليون دينار خلال عامين، لسد حاجاتها، معتبراً أن ذلك يشكل جزءاً من الانتصار في الحرب ضد الإرهاب من خلال تمويل الموازنة، فتحقق الانتصار العسكري الذي كان وراءه انتصار مالي واقتصادي.
وأوضح أن نتائج الملف الاستثماري في العراق لم تكن في مستوى الأموال المُنفقة والبالغة 360 مليار دولار خلال 10 سنوات، من خلال إدراج عدد كبير من المشاريع كي ينهض البلد. وأكد أن النتيجة كانت مخيبة للآمال وكان هذا في زمن الوفرة النفطية. أما في زمن العسرة النفطية فكان التوجه نحو زيادة كميات النفط المُنتج والمصدر لتعويض الفارق في الأسعار من خلال الاستثمار في القطاع النفطي، وهو غير متوازن وترك القيادة للقطاع النفطي. وأعلن أن ذلك يعني العودة إلى نقطة الصفر أي أن النفط هو الحصان الذي يقود عربة التنمية.
وفيما يتعلق بالديون، حذّر صالح من أن هذا الملف يُعدّ من الملفات الخطيرة. وكشف أن صندوق النقد الدولي يعمل على تحديد مستوى تحمل العراق للدين العام. ولم يغفل أن العراق يواجه مشكلة في الجمارك والمنافذ الحدودية التي تشهد فساداً كبيراً، لذا تتجه الحكومة إلى تعهيد المنافذ إلى شركات مختصة.