في خطوة قد تزيد من التوتر بين
مصر والسودان، قررت الحكومة المصرية إنشاء ميناءين في منطقة
شلاتين وأبو رماد، رغم النزاع مع
السودان على تبعية هذه المنطقة.
ويتضمن المشروع مناطق خدمات لوجستية وإدارية، ومصنع ثلج وتعبئة بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 270 مليون جنيه، مع العمل على الانتهاء من الإنشاء قبل نهاية العام الحالي.
وبحسب وزير الإسكان مصطفى مدبولي، خلال اجتماع حكومي الثلاثاء، فإنه يجري العمل على بناء 500 وحدة سكنية بحلول نهاية شهر أيلول/ سبتمبر القادم، فضلا عن 600 وحدة أخرى من المتوقع الانتهاء منها خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2018، في كل من
حلايب وشلاتين وأبو رماد.
اقرأ أيضا: البشير: نتحلى بالصبر إزاء مصر رغم احتلالها أراضي سودانية
وكان السودان قد طالب في نيسان/ أبريل الجاري بحل قضية حلايب وشلاتين على نهج ما جرى بشأن جزيرتي تيران وصنافير، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
نزاع مصري - سوداني
ولطالما نادى السودان بما يسميه "حقوقه السيادية" على حلايب وشلاتين منذ استقلاله عن الحكم الثنائي (البريطاني - المصري) عام 1956. ويقع مثلث حلايب وشلاتين على
الحدود مع السودان، على الطرف الأفريقي للبحر الأحمر، بمساحة إجمالية تُقدر بنحو 20 ألف كيلومترا مربعا، وتوجد به ثلاث بلدات كبيرة، هي حلايب وأبو رماد وشلاتين.
وفي هذا السياق، تقول مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، سابقا، منى عمر، إن "مصر ليست بحاجة إلى تأكيد سيادتها على حلايب وشلاتين، فالخرائط والوثائق تثبت أنها مصرية"، مضيفة لـ"
عربي21": "من حق الدولة المصرية إقامة المشاريع التي تراها مناسبة، وتخدم شعبها هناك".
اقرأ أيضا: شكري في السودان بعد توتر العلاقات ومطالبات بالتهدئة
ولفتت إلى أن "الانتخابات الرئاسية في 2014 أجريت في حلايب وشلاتين، وجميع المؤسسات المصرية متواجدة هناك، والدولة تولي اهتماما وعناية بالمواطنين"، على حد قولها.
السودان غاضب في كل الأحوال
لكن الدبلوماسية السابقة توقعت أن تثير تلك الخطوة غضب السودان وربما احتجاجه، قائلة: "بها وبدونها السودان غاضب، ولكن في الحقيقة، الميناءان سيكونان مفيدين للسودان أكثر من مصر؛ لأنه يأتي في إطار مشروعات التكامل، وتحقيق مصلحة مشتركة، ولا نريد لتلك المنطقة أن تكون منطقة صراع بل منطقة تكامل، فكلما أقيمت هناك مشروعات سوف يستفيد منها الطرف السوداني على الحدود مع مصر"، بحسب تعبيرها.
ورفضت مصر أكثر من مرة دخول مسؤولين وبرلمانيين سودانيين إلى المنطقة المتنازع عليها، كما ضمتها إلى دوائر الانتخابات المصرية التي جرت في مايو/أيار 2014، وهي الخطوة التي أثارت غضب حكومة الخرطوم.
نهاية الجهود الدبلوماسية
أما أستاذ التخطيط الاستراتيجي في الجامعات الأمريكية، صفي الدين حامد، فاعتبر الخطوة بمثابة "الخروج من دائرة المفاوضات والمناقشات، أو بمعنى أدق الجهود السياسية إلى العمل الفردي بالتصعيد وغلق الدبلوماسية، والبدء في مناوشات على الأرض".
وقال لـ"
عربي21": "كان يجب الأخذ في الاعتبار وجهة نظر السودان، حتى وإن كانت خاطئة، للحفاظ على العلاقات التاريخية بين البلدين، وإرجاء مثل هذه المشاريع لحين تصويب الأوضاع بين البلدين"، مشيرا إلى أن "الخلافات ناتجة عن تراكمات سوء الإدارة منذ عقود، ونتيجة وجودهما أيضا تحت احتلال واحد"، كما قال.
اقرأ أيضا: تسخين مصري بصلاة شلاتين بعد تبريد سوداني لأزمة العقوبات
وحذر من سياسة عبد الفتاح السيسي، ليس في مصر فحسب بل والمنطقة، وقال: "السيسي يريد تدمير مصر وعلاقاتها الخارجية بدول الجوار؛ فعملية إنشاء الموانئ لا تتم عفويا وإعلان القرار يدل على التعمد، ويعقد الأمر"، مضيفا: "أعتقد أن السيسي تعلم من الإسرائيليين ما يسمى بسياسة الأمر الواقع".
أجندة تفرق ولا تجمع
من جانبه، تحدث القيادي في حزب البناء والتنمية، إسلام الغمري، عن سياسة نظام السيسي تجاه السودان، قائلا: "ما يقوم به السيسي تجاه دولة السودان الشقيقة هو تلغيم العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني وشعوب المنطقة؛ فالسيسي جاء بمهمة محددة لصالح العدو الصهيوني ألا وهي تقسيم مصر وتدميرها، وتدمير علاقاتها بأشقائها العرب"، وفق تعبيره.
وأضاف لـ"
عربي21": "عندما نجده (السيسي) يتحرك في منطقة الخليج فهو يتحرك وفق أجندته، وهي أجندة تفرق ولا تجمع، وتؤدي في النهاية إلى شلل في المنظومة العربية، وهذا الأمر يتبعه مع السودان وليبيا، ومع غزة ومع الشعب المصري نفسه".
ودلل على حديثه "بتنازله (السيسي) عن جزيرتي تيران وصنافير، ومياه نهر النيل، وحقول الغاز، وعزل سيناء وتجهيزها كوطن بديل للفلسطينيين في إطار مخطط شيطاني اسمه صفقة القرن"، على حد وصفه.
اقرأ أيضا: السودان يطالب رسميا بمنطقتي "حلايب وشلاتين" والقاهرة ترد
وخاطب السودانيين قائلا: "نقول لإخواننا في السودان إن ما يقوم به السيسي ننكره ولا نقبله، ونقول إن مصر والسودان شعب واحد، والسودان عمق استراتيجي هام، وهذا الرجل جاء ليحطم كل العمق الاستراتيجي والأمن الوطني المصري والعربي في المنطقة"، بحسب تعبيره.