تمتاز البازارات المبنية منذ زمن الدولة العثمانية بقدرتها على تأمين نظام تكييف هوائي طبيعي ابتكره المهندسون العثمانيون، لينعم العاملون ومرتادو هذه البازارات ببرودة منعشة صيفا وحرارة متوسطة شتاء.
ويتوافد على البازارات والأسواق العثمانية القديمة في مدينة إسطنبول (غرب
تركيا) سائحون من مختلف دول العالم، ولا سيما من الدول العربية، إضافة إلى مواطنين أتراك من كل الفئات والأعمار، بغية شراء الملابس والهدايا.
ويعد "البازار الكبير" من أهم وأكبر الآثار التاريخية في إسطنبول، وأمر ببنائه السلطان محمد الفاتح عام 1461، ويليه "السوق المصري" (Misir Çars) في منطقة "أمينونو" بالمدينة، وهو السوق المغلق الثاني في المدينة بعد "البازار الكبير"، وقد تم بناؤه خلال حكم السلطان مراد الثالث عام 1597، بهدف تمويل عملية بناء الجامع الجديد الواقع مقابل "السوق المصري".
التجول في هذين السوقين بحد ذاته يمثل متعة حقيقية للزائرين من السائحين والمواطنين الأتراك، حيث الجو اللطيف والهواء المنعش البارد صيفا، والمتوسط شتاء.
وهندسيا، فإن نوع مواد البناء المستعملة في تشييد السوقين، مثل الطين والقش والحجارة الطبيعية تخلق أجواء مريحة داخل الأبنية صيفا وشتاء.
وهذه المواد مناسبة جدا للبناء، من حيث المقاومة الحرارية (الطين والقش مثلا) في الصيف والشتاء، أو من حيث اللون الخارجي الذي يتمتع بخاصية عكس أشعة الشمس في الصيف، فضلا عن قدرة خاصة على تقليل تسريب الحرارة في الشتاء، وهو ما تمتاز به الأبنية العثمانية القديمة.
السائح السعودي "منتظى آل تحيفة" قال للأناضول إن "الهندسة المعمارية هنا داخل البازار الكبير تمنحني أجواء خاصة، لا سيما في مثل هذا الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل أكبر في الأسواق الأخرى.. كما أننا نجد هنا كافة أنواع الأقمشة والهدايا التي يبحث عنها السائح عادة".
وخلال تجوله في "البازار الكبير" أضاف "آل تحيفة" أن "أجواء تركيا جميلة جدا، خصوصا في فصل الصيف، لأننا نعاني من ارتفاع كبير في درجات الحرارة بالسعودية ومنطقة الخليج عموما، ونسعد عند قضاء إجازاتنا في إسطنبول".
المواطن السوري محمد العقاد، وهو عامل في أحد المحال التركية في "البازار الكبير"، قال إن "السائحين يقبلون بشكل كبير جدا على هذا السوق، فهنا يجدون كل ما يحتاجون إليه.. الاكتظاظ كبير جدا في فصل الصيف من الصباح إلى المساء.. هم يجدون راحتهم هنا بشكل أفضل من الأسواق الأخرى".
ومضى العقاد قائلا، للأناضول، إن "السوق قديم جدا، ومبني بطريقة هندسية خاصة بالدولة العثمانية، بحيث إنه حينما يكون الجو خارج السوق حارا، فإننا نشعر هنا ببرودة منعشة، وهذا الجو يسعد السائحين من خلال التهوية الجيدة والتكييف الطبيعي".
بدوره، قال السوري "عمر أمين" وهو صاحب محل في "السوق المصري"، إن "جو إسطنبول مميز للغاية، فدرجات الحرارة ليست مرتفعة كثيرا في فصل الصيف، وليست أيضا متدنية بشكل كبير في فترة الشتاء".
أمين، وفي حديث مع الأناضول، اعتبر أن "ما يميز الأسواق الرئيسية في إسطنبول هو أنها مغلقة بطريقة هندسية جميلة، حيث لا يوجد أبدا ارتفاع لدرجات الحرارة داخل الأسواق، وحينما تتجول داخل السوق تشعر أن مكيفا هوائيا طبيعيا يحيط بك من كل الجهات".
وحول إقبال السائحين على السوق هذا العام، أجاب بأنه "بعد شهر رمضان لاحظنا إقبالا كبيرا جدا من السائحين العرب والأوروبيين، وكذلك من المواطنين الأتراك".
ولا يقتصر اعتدال الجو داخل المباني العثمانية على الأسواق فحسب، إذ تتمتع كل الخانات والمساجد والقصور المبنية على الطراز العثماني، بنظام فاعل يحافظ على حرارة معتدلة وبرودة لطيفة على مدار العام.