هى معضلة "الرجل الثاني" التي تفتح الباب أمام قائمة الأسئلة الوجودية، فمن يعلم أن "محمد بن زايد" هو مجرد ولي عهد أبو ظبي، ونائب القائد العام للقوات المسلحة في دولة الإمارات، لابد أن يعتبر أن من الأسئلة الوجودية السؤال التالي:
من هو حاكم الإمارات العربية المتحدة، والقائد العام للقوات المسلحة الإماراتية؟!
حقوق الملكية الفكرية فيما يختص بالأسئلة الوجودية هى للإعلامي بقناة "الجزيرة": "محمود مراد"، والذي سبق له أن طرح سؤالين وجوديين على درجة عالية من الأهمية، السؤال الوجودي الأول، يدور حول شخص رئيس الجبهة السلفية؟.. أما السؤال الثاني، فعن رئيس مركز دراسات الاتحادية لشؤون دراسات الرئاسة؟!
فنحن نعرف أن "ياسر برهامي" هو نائب رئيس الجبهة السلفية؛ فنائب الرئيس الجبهة السلفية نام، ونائب رئيس الجبهة السلفية قام، ونائب رئيس الجبهة السلفية تمدد بالحرارة، ونائب رئيس الجبهة السلفية انكمش بالبرودة، في غياب كامل لرئيس الجبهة السلفية، الذي لا يعرف اسمه إلا أعضاء الجبهة ومن تخصصوا في الملف السلفي، من باحثين وصحفيين، أما غيرهم فقد يظنوا أن أعلى منصب في الجبهة المذكورة، هو نائب رئيس الجبهة، تماماً كما أن منصب السكرتير العام هو أعلى سلطة في الأحزاب الشيوعية، على عكس الأحزاب الأخرى، حيث يعد المنصب بعد تعريبه "الأمين العام" من يشغله هو الرجل الثاني بعد رئيس الحزب ونوابه!
وربما مسمى "نائب الرئيس" في الجبهة السلفية يجعل هناك من يعتقدون أن "الرئيس" هو الإمام الغائب عند القوم، الذي سيظهر عندما يقول الشجر والحجر يا مسلم خلفي كافر فاقتله، ليكون ظهوره مؤذنا بقيام الساعة، التي هى أدهى وآمر!
أما السؤال الوجود الثاني لـ "مراد" والخاص برئيس مركز دراسات الاتحادية، فلأن المتمدد بالغلاف الجوي في زمن السماوات المفتوحة، هو نائب رئيس المركز، الذي لا نعرف تاريخ بعثه، أو الدراسات والأبحاث التي أصدرها، فيكفي أن يظهر "محمود إبراهيم"، على شاشة الجزيرة، والمذيع يقدمه على أنه نائب رئيس مركز الاتحادية لدراسات شؤون الرئاسة، حتى نتذكر أن هناك مركزاً بهذا الاسم، لا نعرف من رئيسه؟، وربما يكون مختبئاً في السرداب في انتظار لحظة إعلانه عن نفسه، فيقف الخلق على أطراف أصابعهم وهم ينظرون كيف يبني قواعد المجد وحده؟!
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل انتبه أحد من غير سكان الجزيرة العربية وأهل الاختصاص، إلى أن موقع "محمد بن زايد" من الإعراب هو أنه مجرد "ولي عهد" أبو ظبي، ونائب القائد العام للقوات المسلحة؟!
في اعتقادي أن الإجابة هى بالنفي، لأن كثيرين بظهور "محمد بن زايد"، سيقرون بأنه الرجل الأول والأخير في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولهذا فصلاحياته لا يحدها حد، ويظهر في كل الأزمات التي تشهدها المنطقة فهو من يتحرك، ومن يفعل، ومن يقرر المصير، وليس فقط لا يسبقه أحد في ترتيب السلطة، ولكن لا يوجد غيره في دولة الإمارات، فهو صاحب الأمر والنهي، ومن دونه هم والعدم سواء!
الانتباه إلى أن "محمد بن زايد" هو "ولي العهد" لأبي ظبي، و"نائب القائد العام" للإمارات المتحدة، سيطرح هذا السؤال الوجودي بقوة: من هو حاكم "أبو ظبي"، والقائد العام للقوات المسلحة الإماراتية؟.. ومن هو رئيس الإمارات؟.. ومن المعروف أن أبي ظبي في صعودها وهبوطها ليست أكثر من إمارة ضمن سبع إمارات تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة؟
يعلم سكان الخليج وأهل الاختصاص، الإجابة على السؤال الوجودي، وهو أن حاكم "أبو ظبي"، هو رئيس دولة الإمارات، وهو "القائد العام" للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ "خليفة بن زايد آل نهيان"، والذي ظهر صامتاً مؤخراً ولمرة واحدة بعد غياب أو تغيب استمر لمدة عامين، لم يلتق فيهما زائراً لدولته، أو يلقي فيهما بياناً لشعبه، أو يصدر فيهما قراراً، أو يحل فيهما أو يربط؟!
ولا نعرف ما هى وجهة نظره فيما يحدث؟.. ولا نعرف إن كان موافقاً على هذا العبث الذي يقوم فيه "محمد بن زايد"؟، وعبثه ممتد في أكثر من جبهة، ومن أول تجنيد الإعلاميين المصريين، وإطلاق فضائيات في مصر مبدداً بذلك المال الإماراتي، ووصل الحال إلى استخدم المال في تحريض الغرب على دولة جارة هى قطر، بل وشراء ذمة إعلامي منح الفرصة ليثبت وجوده المهني ففشل، فذهب ليعادي القناة التي عمل بها بعقد مؤقت، وتحولت الرشوة الإماراتية إلى فضيحة يتغني بها الإعلام الأمريكي!
بل ووصل تخريبه، إلى محاولة شق الصف اليمني، وإلى تأسيس سجون يسام فيها اليمنيون سوء العذاب، فضلا عن وقوفه وراء حاكم فاشل في مصر، تم مده بمال الشعب الإماراتي، فلم يخرج هذا المال إلا فشلا!
قد يكون في إفشال الربيع العربي، ومن مصر إلى ليبيا، ومن اليمن إلى تونس، هدفاً إماراتياً عاماً، ومطلبا خليجياً جامعاً، تمثل فيه قطر استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها، حتى لا تنتقل العدوى إلى العروش الخليجية التي هى على جرف هار، ومن هنا يكون هناك "رضا ضمني" عن سياسة "محمد بن زايد"، ومن أعلى رأس في السلطة وهو "الشيخ خليفة"، فتركه يصول ويجول، ويعد غيابه هو علامة الرضا، وشبيهاً بغياب "رئيس الجبهة السلفية" لصالح "نائبه ياسر برهامي"، لكن كل هذا "كوم"، وحصار قطر كوما آخراً، فلا أعتقد أن الشيخ "خليفة" يمكن أن يوافق على حصار الشعب القطري بغية تجويعه؟، إذن فأين الرجل!
الصورة التي ظهر عليها الشيخ خليفة بمناسبة عيد الفطر بعد تغييب دام عامين، تؤكد أنه لا يملك السيطرة على المشهد، كما أن صمت حكام الإمارات الست إذا استبعدنا أبو ظبي، لابد أن يطرح سؤالاً عن سر نفوذ محمد بن زايد الذي جعله الحاكم بأمره، فمنذ بداية الأزمة لم نسمع صوتاً لأحد منهم عن رأيه في هذا الحصار، سوى تصريح لحاكم الشارقة، الذي أعلن في أول يوم للحصار أن الأزمة لن تنته إلا بإغلاق قناة "الجزيرة"، وبشكل أقرب إلى دور "المحلل السياسي" من كونه يحكم إمارة من الإمارات
وبعيداً عن أي "ملاسنات" على مواقع التواصل الاجتماعي بدا واضحاً أنها مفتعلة، وتقوم بها اللجان الإلكترونية للسيسي بأسماء خليجية، فيبدو للمتابع أن الرأي العام في دول الحصار "الثلاث"، لا يوافق على ما جرى بدليل تغليظ العقوبات على من يرفض الحصار ولو بشطر كلمة، وتم إلقاء القبض على اماراتيين بالفعل، مما يعني أن قرار الحصار يفتقد للتأييد الشعبي في هذه الدول "الثلاث"!
والحال كذلك، فالسؤال المهم هو عن مصدر هذه القوة التي تجعل "محمد بن زايد" يتصرف في دولة الإمارات العربية المتحدة، تصرف المالك فيما يملك، ويغيب الدولة الإماراتية تماماً، حكاماً وشعباً، فلا يملك أحد أن يقول له: "أف"!
فمن يحمي محمد بن زايد؟.. وكيف يقبل حكام الإمارات السبع بأن يكونوا هم والعدم سواء!
دولة، من سبع إمارات، فيها رئيس، وحاكم لكل إمارة، وجيش على رأسه قائد أعلى، وعلم ونشيد وطني، فلا يظهر منها إلا ثلاثة أشخاص: محمد بن زايد، واثنان يكتبان تويتات: ضاحي خرفان، وأنور قرقاش؟.. والأخير ليس أكثر من وزير دولة للشؤون الخارجية، ليطرح حضوره سؤالاً وجودياً جديداً مفاده: من وزير خارجية الإمارات؟
فهل تعلم أنه في الحالة الإماراتية المدهشة يحضر وزير الدولة للشؤون الخارجية ويغيب وزير الخارجية، إلا في اجتماعات وزراء خارجية دول الحصار، لزوم التصوير التلفزيوني والفوتوغرافي؟!