بدأت الولايات المتحدة مرحلة السيطرة على مدينة
الرقة في الخامس من هذا الشهر لطرد تنظيم الدولة معتمدة على قوات
سوريا الديمقراطية "قسد" التي يشكل الكرد عمودها الفقري.
وبدا لافتاً المشاركة الفعّالة لبعض القوات العربية ومنها "قوات النخبة" التي يقودها الشيخ أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري.
وتسير المعارك في المدينة كما تشتهي "قسد" رغم أنَّ المعارك ما تزال في الضواحي ناحيتي الشرق والغرب، وقال الناشط مهاب الناصر لـ
"عربي 21": "سيطرت "قسد" على القسم الشرقي من حي الصناعة وحي المشلب شرقاً، والسباهية والرومانية والجزرة غرباً، كان حي الرومانية أول منطقة تسيطر عليها قوات قسد داخل المدينة، وذلك يوم الأحد الماضي"، وقد أسندت معارك الجهة الشرقية لقوات النخبة التابعة للشيخ أحمد الجربا حيث وصلت المعارك لمقام أويس القرني، فيما أسندت معارك الجهة الغربية لقسد التي أنهت القتال في المناطق العشوائية لتقترب من الأحياء الداخلية لمدينة الرقة.
وحصل التقدم بعد مقاومة شرسة من عناصر التنظيم مقاومة آلمت المهاجمين، ومثال ذلك ما قاله الناشط محمد عثمان لـ
"عربي21": "استطاع تنظيم الدولة التسلل عبر نهر الفرات إلى منطقة زكي الأرسوزي عند مدخل حي المشلب الشرقي وقتل أكثر من 10 عناصر من قسد بينهم القيادي (معونة) ليتدخل التحالف لاحقاً ويقتلهم جميعاً، وذلك يوم الخميس الماضي".
وأضاف محمد أن مقاومة تنظيم الدولة الشرسة في الفرقة 17 أجبرت قسد على الانسحاب رغم أن الهجوم كان مدعوماً بقوات أمريكية في نفس اليوم.
وقد بدأت
قوات سوريا الديمقراطية معركة الرقة بتكتيك عسكري يختلف عن التكتيك الذي اتبعته في معركتي منبج والطبقة إذ لم تلجأ "قسد" لحصار المدينة من جهاتها الأربع فقد لجأت قسد وفق ما قاله الخبير العسكري العميد أحمد رحال لـ
"عربي21": "مستطيل الحصار لمدينة الرقة ناقص ضلع، حيث تركت قسد الجهة الجنوبية مفتوحة".
اقرأ أيضا: هذا هو هدف "سوريا الديمقراطية" بعد معركة الرقة (فيديو)
وتهدف قوات سوريا من هذا الأسلوب إلى تحقيق عدة مكاسب عسكرية وإعلامية، ففتح ممر لهروب مقاتلي تنظيم الدولة يضعف الروح المعنوية لمقاتلي التنظيم ويمنعهم الاستشراس بالقتال.
واتهمت
روسيا نهاية الشهر الماضي نتيجة فتح الممر الجنوبي للولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية بمحاولة إضعاف جهود موسكو وحلفائها في محيط تدمر ودير الزور، وزعمت روسيا أن صواريخ "الكاليبر" طويلة المدى قصفت أرتال تنظيم الدولة الخارجة من الرقة.
ويرى الخبير العسكري أحمد رحال وفق تصريحه لـ
"عربي21" أن "الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لقسد من أجل إبرام صفقات مع تنظيم الدولة تسمح بموجبها للدواعش بالانسحاب بسلاحهم الفردي".
ويرى بعض الناشطين أن ترك الضلع الجنوبي مصيدة لعناصر التنظيم باعتبارها منطقة مكشوفة، ووضع تنظيم الدولة يختلف في الرقة عن المدن السابقة، فقوات التنظيم منهكة ولا توجد قوات تحاول المؤازرة، والتحرك إذا حصل لقوات التنظيم سيكون للخروج من المدينة.
وربما تهدف "قسد" لرفع الحرج عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين لاحقاً، فقسد فتحت ممرات آمنة لخروج المدنيين لكنهم هم من رفضوا الخروج فلا عتب ولا لوم على قسد أمام العالم. رغم أن التحالف يقصف الخارجين عن طريق النهر في الجهة الجنوبية، كما يقول مهاب الناصر.
وتعيش مدينة الرقة وضعاً إنسانياً على مختلف الصعد إذ تنعدم أبسط مقومات الحياة الطبيعية ناهيك عن حالة الخوف والرعب التي يعيشها الأهالي، فالوضع الطبي مزر للغاية. يقول الناشط محمد عثمان لـ
"عربي21": "تعاني المدينة من نقص حاد بالأدوية، والمستلزمات الإسعافية، ولا يوجد حالياً سوى مركز طبي واحد بإمكانات ضعيفة جداً" مما يعني وفاة عدد من المصابين نتيجة عدم إمكانية علاجهم.
وتنعدم الكهرباء في مدينة الرقة باستثناء المولدات التي توقف معظمها نتيجة ندرة الوقود اللازم لتشغيلها. وتم قطع كافة الاتصالات الأرضية في حين أقدم التنظيم على إغلاق مقاهي الإنترنت داخل المدينة.
اقرأ أيضا: هذه انتهاكات قوات النظام و"قسد" و"داعش" في الرقة
وينفي الأهالي وجود ممرات آمنة لخروج المدنيين، فالقذائف تسقط بشكل عشوائي ناهيك عن المجازر التي يرتكبها طيران التحالف، وقد وثق الناشطون سقوط القذائف والمنازل المدمرة كمنزل عبد السلام الفيصل، ومنزل حمود المحمد الفرج وغيرهم كثير.
ويرى خبراء عسكريون أن معركة الرقة ستحسم لصالح قوات سوريا الديمقراطية، وما بعد الرقة ستبدأ الحرب الحقيقية لاجتثاث التنظيم، يقول العميد رحال: "أرتال داعش تتجمع في مثلث البوكمال الميادين دير الزور، وذلك يؤكد أن معركة استئصال داعش لم تبدأ وأنّ الحسم سيكون في دير الزور. حيث النفط الذي يسيل له اللعاب الأمريكي".
وستتضح الصورة ما بعد معركة الرقة إذ ستتباين الخطوط.