حذر خبراء استراتيجيون وسياسيون من مغبة تصديق برلمان الانقلاب بمصر على اتفاقية جزيرتي
تيران وصنافير، الأربعاء، على الأمن القومي
المصري والعربي على حد سواء، وأن من شأنه تغيير موازين القوة في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني من ناحية، وتغيير خريطة مصر جغرافيا واستراتيجيا وأمنيا من ناحية أخرى.
واتهموا في تصريحات لـ"
عربي21" نظام السيسي بالتواطؤ مع الكيان الإسرائيلي، وتحريره من أي ضغوط تتعلق بحرية الملاحة البحرية في مضيق تيران الاستراتيجي، الذي تتحكم فيه مصر بموجب سيادتها على الجزيرتين.
ووقعت مصر والسعودية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في نيسان/ أبريل 2016، وأحالت حكومة الانقلاب الاتفاقية للبرلمان في نهاية العام ذاته، بالرغم من قرار المحكمة الإدارية ببطلان الاتفاقية، ما أدى إلى توتر العلاقات بين القاهرة والرياض، وظلت الاتفاقية في أدراج برلمان السيسي حتى عاد الدفء إلى العلاقات بين البلدين، وخرجت الاتفاقية مجددا لتناقشها لجنتا التشريع والأمن القومي، وأقرها البرلمان بعد ثلاثة أيام فقط من مناقشتها.
ووصف المعارض السياسي، وأستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، يحيى قزاز، بعد دقائق من إفراج قوات أمن الانقلاب عنه أثناء مشاركته في مسيرة ضد التنازل عن الجزيرتين، ما حدث في البرلمان بالسرقة، قائلا: "ما جرى ليس تصويتا، إنما هو سرقة؛ فما تسمى بلجنة (التفريط) في الأمن القومي بالبرلمان أقرت الاتفاقية في نصف ساعة".
السيسي فرط في الأرض والمياه
وبشأن النتائج المترتبة على الاتفاقية، أكد لـ"
عربي21" إنها "تلغي ملامح مصر سياسيا وتاريخيا، فالسيسي منذ قدومه فرط في حقوق مصر التاريخية في نهر النيل، وفرط في حقول الغاز الطبيعي لإسرائيل واليونان وقبرص، وفرط في جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والبقية تأتي، في إشارة إلى شمال سيناء".
وأضاف: "أما على المستوى الاستراتيجي، فقدت مصر قيمتها الاستراتيجية بمجرد فقدانها لأهم عنصر من عناصر الأمن القومي، الذي يمثله مضيق تيران الاستراتيجي"، لافتا إلى أن "مصر أصبحت دولة تابعة، ويمكن أن تكون الضفة الغربية للسعودية، أو الامتداد الغربي لفلسطين المحتلة، فمن يديرها هي عصابة تابعة لبني صهيون".
ورأى قزاز أن دور السعودية "لا يعدو كونه أكثر من محلل، وحكم السيسي لمصر هو بمثابة احتلال، بل ونعتبر تيران وصنافير من اليوم تحت الاحتلال، ومن حقنا أن نقاومه بكل الطرق، وسنعيدها مجددا، وما حدث هو بداية النهاية للنظام"، مؤكدا أن "الأمر لن يستمر على هذا الوضع".
اغتصاب حق الشعب
وعلق مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، بالقول إن "التصرف في الإقليم أو الجزر لا يتم إلا عن طريق الشعب، فهو وحده من يقرر، وليس عن طريق أي سلطة، سواء تنفيذية أو تشريعية، وهو مبدأ مقرر دوليا، ونابع من حق تقرير المصير، وأصبح من القواعد الآمرة في القانون الدولي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الاتفاقية تصب في المقام الأول في صالح الكيان الصهيوني؛ لأنها ستؤمن له مضيق تيران بشكل تام وكامل"، وتوقع أن "تحدث الاتفاقية استياء واسعا في الشارع المصري، وتزيد من حالة الاحتقان السياسي لدى المعارضة، والرأي العام".
واعتبر أن "التنازل عن الجزيرتين مثل ضربة قاتلة للأمن القومي المصري؛ لما تمثله الجزيرتان من ثقل استراتيجي هام جدا، وحجري ضغط كبيرين ضد الصهاينة"، مشيرا إلى أنه "بالرغم من خلوها من السكان، لكن أهميتهما الاستراتيجية تكمن في قدرة مصر على حصار إسرائيل بحريا من الجنوب، وتضييق الخناق عليها وقت الحرب".
دور مصر المقبل
من جهته، قال الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، لـ"
عربي21"، إن "قرار البرلمان سيكون جزءا من الاتفاق الدولي طبقا للقانون الدولي الخاص بالبحار وترسيم الحدود".
وأوضح أن "الحكومة ذكرت أمام البرلمان أنه سيكون هناك دور لمصر في إدارة الجزيرتين فيما بعد، ولكن دون تحديد المدة الخاصة بإدارتهما، أو عرض نمط الإدارة الذي سيكون قائما بين الإدارتين السعودية والمصرية من خلال ملحقات أخرى لهذه الاتفاقية".
ولكنه أكد أن "مصر فقدت جزءا استراتيجيا يتعلق بالجزء الخاص بالأمن القومي المصري، فبالرغم من وضع الممر كمضيق دولي، إلا أن هناك كانت سيطرة مصرية كاملة عليه، وفي حالة الحرب كان يمكنها غلقه، كما حدث أثناء حرب عام 1967".