كشفت صحيفة إسرائيلية يسارية، عن جهود للإدارة الأمريكية السابقة من أجل استئناف
المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي وصولا لصفقة شاملة، حيث تسبب موقف الجانبين من بعض بنودها بفشل تلك الجهود.
مفاوضات سرية
وأزاحت وثائق وصلت لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الستار عن تفاصيل جديدة حول جهود الرئيس الأمريكي السابق،
باراك أوباما، للتقدم في العملية السلمية بين "إسرائيل" والفلسطينيين عام 2014، والتي من المرجح أن "تعتمد عليها إدارة الرئيس الحالي دونالد
ترامب، في استئناف المفاوضات بين الطرفين، وصولا لصفقة شاملة بينهما".
اقرأ أيضا: شروط جديدة لنتنياهو حيال تسوية مع الفلسطينيين.. ما هي؟
والوثائق؛ هي عبارة عن مسودتين لـ "وثيقة الإطار" الأمريكية التي بلورها وزير الخارجية السابق جون كيري، والتي كتبها عام 2014، وتعكس الوثيقتين مواقف إدارة أوباما، التي اعتمدت على المفاوضات السرية التي جرت عام 2013 بين اسحق مولخو، وهو المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، و حسين الأغا، هو مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وسعى نتنياهو، لدفع إدارة أوباما لتقوم بوضع نتائج هذه "المفاوضات السرية" في وثيقة أمريكية يتم عرضها على الجانبين، وذلك وفق مسؤولين أمريكيين سابقين
وأكدت "هآرتس"، أن الصيغة الأولى لوثيقة الإطار، عمل الطاقم الأمريكي على كتابها بالتعاون مع أطراف في مكتب نتنياهو، لضمان أن تنال القبول الإسرائيلي ممثلا بنتنياهو، ومن ثم تعرض على عباس لإطلاق مفاوضات حول الاتفاق النهائي.
وتضمنت الوثيقة الأمريكية التي أعدت بالتعاون مع الجانب الإسرائيلي، على "جميع المواضيع الجوهرية؛ وورد فيها أن حل الدولتين يشمل، الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، إلى جانب دولة فلسطينية قومية للشعب الفلسطيني، بحسب الصحيفة التي أكدت أن هذا الطرح "يتلاءم مع مواقف نتنياهو الذي يطالب الفلسطينيين به منذ سنوات".
واشترطت الوثيقة، على أن "هذا الاعتراف سيتم في حال حافظت إسرائيل على حقوق الأقليات القومية والدينية فيها".
القدس والحدود
وفيما يتعلق بالحدود، ورد في الوثيقة أن "الحدود الجديدة والآمنة والمعترف بها دوليا لإسرائيل وفلسطين ستخضع للمفاوضات على أساس خطوط 1967 مع تبادل للأراضي يتم تحديدها في المفاوضات، وستقام الدولة الفلسطينية على مساحة تساوي التي كانت تحت سيطرة مصر والأردن قبل الرابع من حزيران 1967، مع تواصل جغرافي في الضفة الغربية".
ونوهت الوثيقة، أن "تعديلات الحدود ستكون ملائمة للتطورات في الميدان واحتياجات إسرائيل الأمنية"، وفق "هآرتس" التي أكدت أن صيغة الوثيقة هذه، "كانت مقبولة عند نتنياهو كأساس للمفاوضات، مع تحفظه وطلبه رفع البند الذي يتحدث عن التواصل الجغرافي للفلسطينيين في الضفة، وتحفظه أن يكون تبادل الأراض بنسبة 1 إلى 1، حيث رفض الأمريكان تحفظات نتنياهو هذه".
وحول مدينة القدس المحتلة، أكدت الوثيقة أن "المدينة لن تقسم في الاتفاق المستقبلي، ولم تشر إلى أن شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، بسبب تصميم إسرائيل، واكتفت بالإشارة لضرورة حل موضوع القدس بالتفاهم بين الطرفين، وأن يسعى الجانبين للحصول على اعتراف دولي؛ بأن القدس عاصمة لهما".
وذكرت الصحيفة، أن عباس تحفظ على ما ورد بشأن القدس، وعدم اعتماد الوثيقة لجدول زمني للانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضي الدولة الفلسطينية.
وبخصوص اللاجئين الفلسطينيين، فقد أكدت الوثيقة على أنه "لا يوجد حق عودة إلى إسرائيل، وأن الدولة الفلسطينية ستشكل الحل لهذه المشكلة، في حين ولاعتبارات إسرائيلية خاصة، ستسمح إسرائيل فقط بعودة حالات إنسانية معينة".
مواضيع جوهرية
وعندما فشل اللقاء بين جون كيري وعباس في باريس، قررت إدارة أوباما، "بلورة صيغة جديدة لاتفاق الاطار، بدون التنسيق مع الطرف الإسرائيلي، وهو ما جعلها غير مقبولة لدى نتنياهو، حيث تم تجهيزها قبل يوم واحد من لقاء أوباما وعباس بواشنطن في آذار 2014، والذي تم بعد شهر من لقاء كيري لعباس في باريس.
وأشارت "هآرتس"، أنه يمكن ملاحظة بعض الفروق بين الوثيقتين، حيث ورد في الوثيقة الثانية المعدلة؛ أن "هدف المفاوضات هو؛ إنهاء
الاحتلال الذي بدأ في العام 1967، كما أنها لم تشمل على كلمات "التطورات الميدانية" الخاصة بالحدود، وهي التي تتعلق بالاعتراف بالكتل الاستيطانية".
وفي موضوع الاعتراف بالدولة اليهودية، جاء في الوثيقة المعدلة، أن "هذا الاعتراف سيكون جزءا من أي اتفاق يتم التوصل إليه، لكن اعتراف كهذا سيتم فقط بعد حل كل المواضيع الخلافية، وهو ما شكل إنجازا لنتنياهو وخفف عن عباس؛ لأن الأمر أصبح مرتبطا بعدد من التنازلات الاسرائيلية"، وفق الصحيفة.
لكن الفرق "الأكثر أهمية بين الوثيقتين؛ هو يتعلق بموضوع القدس، حيث تحدثت بشكل واضح، أن اتفاق الحل النهائي يجب أن يؤدي إلى وجود عاصمة معترف بها دوليا في القدس لإسرائيل وفلسطين أيضا؛ وسيكون شرقي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية؛ والبلدة القديمة والأماكن المقدسة والأحياء اليهودية بالقدس سيتم حلها في مفاوضات الحل النهائي".
وأوضحت الصحيفة، أن عباس "لم يرد على اقتراح أوباما بشكل ايجابي، ولم يرفض الوثيقة أيضا؛ بمعنى أنه لم يعطي ردا على الوثيقة الأمريكية، وذلك لخشيته من رفض نتنياهو لمقترح أوباما".
لكن مسؤول أمريكي سابق قال للصحيفة، أنه "مع ترامب، يعتقد عباس أن هناك احتمالية لتقديم تنازلات إسرائيلية"، فيما شكك مسؤولون آخرون في أمريكا و"إسرائيل" بقدرة عباس على بالتعهد باتفاق السلام؛ بسبب الصعوبات الداخلية
وفي النهاية، لم يوافق عباس أو نتنياهو على وثيقة الاطار الأمريكية بشكل رسمي، لكنه من المحتمل بحسب الصحيفة الإسرائيلية، أن "تنجح إدارة ترامب أكثر في الحصول على موافقة الزعيمين في المواضيع الجوهرية في الصراع".