نشرت مجلة "ذا أتلانتك" تقريرا للكاتبة ياسمين سرحان، تقول فيه إن مسجد
مانشستر المركزي رفض تقبل بقايا الانتحاري سلمان
العبيدي، الذي فجر نفسه في قاعة مانشستر أرينا، قبل أكثر من أسبوع.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن العبيدي (23 عاما)، الذي قتل 22 شخصا في الهجوم، لا تزال بقاياه دون دفن، خاصة أن تأخير الدفن عند المسلمين ليس مقبولا دون وجود أسباب، حيث إن الدفن عادة ما يتم بعد الوفاة مباشرة.
وتكشف الكاتبة عن أن مسجد مانشستر المركزي، الذي يعد واحدا من أكبر المساجد التي تقدم خدمات الدفن، رفض أن تكون له علاقة بالعملية.
وتنقل المجلة عن إمام المسجد عرفان شيشتي، قوله إن رفض لجنة المسجد قبول بقاياه هي محاولة من المسؤولين تأكيد رفض المجتمع المسلم لأفعاله، وأضاف شيشتي: "لا نؤيد العمليات الانتحارية بأي شكل أو صيغة، ولهذا فإن أي شخص يقوم بها فإنه لن يحظى بدعمنا، ولا يمكن أن نصلي على شخص قام بهذه الأعمال".
ويلفت التقرير إلى أن
صلاة الجنازة تعد واجبا على المجتمع المسلم، من أجل الدعاء للميت بالمغفرة، حيث يقول استاذ الدراسات الدينية في كلية هولي كروس، كانر داغلي، إن بعض المسلمين يعتقدون أنه يجب الصلاة على من يقوم بعملية انتحارية، وهناك من لا يوافق، ويضيف داغلي أن "صلاة الجنازة ليست شرطا خاصا للحياة لما بعد الموت، وليست أمرا مقدسا ضروريا للنجاة، فالمسلمون يعتقدون أن الشخص الذي ارتكب عملا بشعا يمكن أن يغفر له الله".
ويقول شيشتي للمجلة إن قرار المسجد جاء من خلال مكالمة لمدير المسجد تتعلق بالعبيدي تحديدا، مع أنه وضح أن هذا الشخص لم يرتد المسجد، ويضيف: "من الناحية التقليدية تذهب العائلات للمساجد التي ترتادها، وهم لم يرتادوا مسجدنا"، أي عائلة العبيدي.
وتورد سرحان نقلا عن إمام مسجد مكة في ليدز، قاري عاصم، قوله إن قرار مسجد مانشستر عدم قبول بقايا العبيدي يحمد عليه، "فإن اتخاذ قرار رفض دفن أو حتى إقامة صلاة الجنازة لا يؤخذ بسهولة، لكن من خلال القيام بالانتحار، والتسبب بمذبحة والضرر بالآخرين، فإن (المنفذ العبيدي) ذهب خارج حدود الإسلام، بشكل يحرمه من الصلاة عليه".
وتنوه المجلة إلى أن هذا القرار لم يكن دون سوابق، فبعد عملية مومباي عام 2008، التي قتل فيها 164 شخصا، وجرح 300 آخرين، رفض
المسلمون في الهند دفن التسعة الذين نفذوا العملية، وقالوا إن هؤلاء "أرتكبوا جريمة نكراء، ولا يمكن اعتبارهم مسلمين".
ويفيد التقرير بأن المسلمين في بوسطن اتخذوا الموقف ذاته، حيث رفض المعهد الإسلامي في بوسطن أن يشترك في تجهيز جنازة أحد المهاجمين اللذين هاجما ماراثون بوسطن عام 2013، وقال المعهد: "شخص يقتل الناس قصدا.. فإنه ترك الإسلام"، وأضاف: "أحد الأشياء التي نحاول إظهارها للناس، هو أن ارتكاب عمل انتحاري يعني فقدانك حقك الأخير، وهذا يجب أن يكون رادعا".
وتذكر الكاتبة أن المسلمين في سانت إيتيه- دو روفاري رفضوا أن يشتركوا في دفن قاتل قسيس فيها، وقال إمام المسجد لصحيفة "لوموند": "لن نلطخ اسم الإسلام بهذا الشخص، ولن نشارك في الجنازة أو الدفن".
وتستدرك المجلة بأنه رغم ذلك، فإن هناك قادة مسلمين يعتقدون أنه يجب عدم حرمان القاتل من الجنازة، فبعد مقتل ضابط شرطة في فيلادلفيا على يد مسلم في عام 2008، قال إمام مسجد إن القاتل المسلم الذي قتل في أثناء الملاحقة له حق الدفن والصلاة عليه.
ويقول داغلي إن اختلاف الآراء بين قادة المسلمين نابع من تفسيراتهم المختلفة، ومواقفهم من العمليات الانتحارية، ويضيف أن "هناك بعض الأحاديث تقول إن الرسول لم يصل الجنازة على منتحر، لكن هناك خلافات في الرأي فيما إن كان علينا أن نفعل مثل ما فعل أم لا، وأن الرسول فعل ما فعل حتى يمنع الانتحار".
ويجد التقرير أنه رغم أن رفض المساجد دفن المهاجمين هو تعبير عن رفض المسلمين للعنف، إلا أنه محاولة، كما يقول قاري عاصم، للتمسك بتعاليم الإسلام، ولا علاقة لذلك بما يراه الناس "عندما يقوم مسلم بشجب العنف، فإنه لا يقوم بهذا لأنه موضة، بل لأنه ضد التعاليم الأساسية للإسلام، ونتيجة لهذا، فإنهم يقومون بشجبه ليتبرؤوا من الفعل الشنيع".
وتختم "ذا أتلانتك" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم الشجب العالمي من المسلمين للأعمال الإرهابية، إلا أن هذا لم يمنع تنظيم الدولة من إعلان المسؤولية عن هجوم مانشستر، وتصوير منفذه بأنه جندي من جنود الإسلام، ووصفه بأنه شهيد.