نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب محمد حمود، يقول فيه إن ممرات مستشفى السبعين الحكومي في العاصمة
اليمنية صنعاء امتلأت بالمرضى، الذين جفت عيونهم، ولا يستطيعون التوقف عن التقيؤ، في الوقت الذي يسعون فيه للحصول على علاج من
وباء الكوليرا، الذي انتشر في أرجاء العاصمة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن عددا من المرضى توقفوا عن التنفس، وبينهم عدة أطفال، وأعلن الأطباء وفاتهم خلال دقائق أمام ذويهم.
ويذكر الكاتب أن نائب رئيس مستشفى السبعين الدكتور نبيل النجار يقوم بالمرور على المرضى، حيث يقول إن المستشفيات في حالة سيئة بعد عامين من
الحرب، وهي تحمل من العبء الآن أكثر مما تستطيع، مع الأعداد المتزايدة التي تحتاج العلاج، مشيرا إلى أن 200 حالة تصلهم كل يوم، بالإضافة إلى الجرحى الذين أصيبوا في الغارات الجوية.
ويضيف النجار للموقع: "هنا نضع كل ثلاثة أطفال في سرير واحد، ونضع الرجل وزوجته وطفلهم في سرير واحد، فليس في المستشفى أسرة إضافية.. كما أننا نعاني من نقص في الأدوية، ولا نستطيع استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى".
ويورد الموقع نقلا عن منظمة الصحة العالمية، قولها يوم الجمعة، إن الكوليرا تسببت بوفاة 242 شخصا في اليمن خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بالإضافة إلى أكثر من 23 ألف حالة إصابة بالمرض.
ويلفت التقرير إلى أن حمامة عبد الله (38 عاما)، وهي أم لاربعة أطفال مصابين بالكوليرا بين سن سنة و13 سنة، تقول: "أصيب ابني الكبير طه (13 عاما) بالمرض، وانتقلت العدوى إلى أخويه وأخته، وقال لي الأطباء إنه لا توجد أسرة لأطفالي، ووضعوهم على بطانية في الممر ليتلقوا العلاج هناك"، حيث تخشى عبد الله أن تخسر أطفالها بسبب قلة الأدوية، مشيرا إلى أنهم حتى لو تحسنوا فإنها تخشى عليهم الإصابة ثانية؛ لانتشار الوباء بشكل واسع.
وينقل حمود عن لطيفة أحمد، قولها إن ابنتها البالغة من العمر 20 عاما فقدت الوعي، بعد أن أصيبت بإسهال حاد وتقيؤ لمدة يوم، ويتم علاجها في المستشفى الآن، وتضيف أحمد: "ليس هناك علاج كاف، ولا أسرة، ولا أطباء، ولا أجد أطباء في الليل بإمكانهم فحص ابنتي".
ويورد الموقع نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية، قولها إن ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن نيفيو زاغاريا، قال خلال مؤتمر صحافي، إن "السرعة التي عاد فيها وباء الكوليرا لم يسبق لها مثيل"، وأضاف زاغاريا أنه في اليوم الماضي فقط سجلت 20 حالة وفاة، و3460 حالة يشتبه بأنها كوليرا في اليمن، حيث يعيش ثلثا السكان على حافة المجاعة، ولا بد أن هناك كثيرا من الحالات التي لم يخبر عنها.
وتابع زاغاريا قائلا إن العديد من عمال الصحة المتبقين في البلد لم تدفع رواتبهم منذ سبعة شهور، مشيرا إلى أن عدد حالات المشتبه بكونها كوليرا قد تكون أعلى من تلك المسجلة.
وينوه التقرير إلى أن السلطات في صنعاء أعلنت حالة الطوارئ في صنعاء، بعد أن انتشر مرض الكوليرا في العاصمة اليمنية، التي يسيطر عليها
الحوثيون، وقالت وزارة الصحة إن حالات الإصابة بالكوليرا تزايدت، وإنها غير قادرة على احتواء المشكلة.
ويقول حمود إن
السعودية قادت في آذار/ مارس 2015، تحالفا عربيا لدعم الحكومة التي أطاح بها الحوثيون، وتسببت الحرب بمقتل 10 آلاف مدني، ونزوح ثلاثة ملايين حتى الآن، لافتا إلى أن من نجا من اليمنيين من القصف والقنابل فإنه يعيش الآن عرضة للموت بالكوليرا، التي تعد مرضا بكتيريا سريع الانتشار، من خلال أكل طعام أو شرب ماء ملوث.
ويفيد الموقع بأن وزارة الصحة اليمنية أعلنت عن بداية مرض الكوليرا في اليمن في 6 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وقالت الدكتورة ملك شهير من منظمة "أطباء بلا حدود" إن "سبب وباء الكوليرا الرئيسي هو اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، وتراكم القمامة في الشوارع والأحياء السكنية".
وبحسب التقرير، فإن الأزمة الصحية حدثت خلال أزمة القمامة في العاصمة، التي تسببت فيها 10 أيام من إضراب عمال النظافة، الذين كانوا يطالبون بدفع رواتبهم، وقاموا بالعودة إلى العمل نهاية الأسبوع الماضي بعد أن دفعت رواتبهم.
وينقل الكاتب عن عامل النظافة سليم الزبيدي، قوله: "لم يتم دفع رواتبنا لمدة شهرين، ولذلك تراكمت أكياس القمامة في شوارع العاصمة.. وتؤخر السلطات رواتبنا دائما؛ بحجة عدم توفر السيولة المالية بسبب الحرب".
ويورد الموقع نقلا عن زاغاريا من منظمة الصحة العالمية، قوله إن السلطات اليمنية تحتاج للتمويل، لتستطيع إجراء إصلاحات للبنية التحتية؛ لحماية مصادر المياه، وأضاف: "إن انتشار المرض واسع جدا، وهم بحاجة لمساعدات كبيرة لإصلاح نظام المجاري.. ومعالجة وتعقيم مصادر المياه"، مشيرا إلى أنه "دون بذل جهود كبيرة لوقف انتشار المرض، فإن "الثمن الذي سندفعه على شكل خسائر في الأرواح سيكون عاليا جدا".
ويبين التقرير أن هناك حالات كوليرا لا تزال تصل إلى المستشفى، حيث أن الطفل زين العابدين الصباري يفترش أرض المستشفى، ويعالج عن طريق الإبر الوريدية.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول والدة الطفل فاطمة عبده أحمد: "أتيت بابني إلى مستشفى السبعين، بعد أن رفضت العديد من المستشفيات قبوله؛ لأنه ليست فيها أسرة.. آمل أن تنتهي الحرب، ويرفع الحصار الاقتصادي، ويمكن حينها القضاء على الكوليرا، ويشفى ابني".