أكد محللون مصريون أن هناك تحالفا قويا بين إثيوبيا والسودان يهدد مصالح مصر في ملفي (سد النهضة) الإثيوبي ومثلث (حلايب وشلاتين) المتنازع عليه بين القاهرة والخرطوم، وأن قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي تلقى صفعة سياسية جديدة من أديس أبابا.
وبعد أيام من فشل مفاوضات مصر وإثيوبيا والسودان حول "سد النهضة "؛ أعلنت أديس أبابا، الجمعة، دعمها للسودان بقضية "حلايب وشلاتين"، داعية مصر للاعتراف بسودانية المنطقة.
وقال ديلا ماديسين، نائب وزير الخارجية الإثيوبي، الجمعة، إن "حلايب وشلاتين"، "تقع تحت سيادة سودانية منذ عام 1956"، مؤكدا أن "الوثائق التاريخية تثبت تبعيتها للسودان".
ويأتي دعم النظام الإثيوبي للسودان بملف "حلايب وشلاتين"؛ بعد هجوم الرئيس
السوداني عمر البشير على مصر الثلاثاء، بقوله "إن بلاده تتحلى بالصبر إزاء مصر رغم احتلالها أراضٍ سودانية"، فيما اتهم البشير العام الماضي، النظام المصري بدعم المعارضة السودانية، ومحاربة نظام الخرطوم.
فشل المفاوضات
وعلى الرغم من توقيع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على اتفاقية مياه النيل مع إثيوبيا والسودان في 23 آذار/ مارس 2015، اعتبرها محللون تنازلا عن حصة مصر التاريخية بمياه النيل، إلا أن علاقات القاهرة وأديس أبابا توترت في 2016.
ففي 10 تشرين الأول/ أكتوبر؛ وجهت إثيوبيا اتهامات رسمية لسلطات الانقلاب بدعم مجموعات قامت بموجة من الاحتجاجات والعنف في أديس أبابا.
وإثر مفاوضات استمرت ثلاثة أيام الأسبوع الماضي، بأديس أبابا، بمشاركة الفنيين والمختصين من مصر والسودان وإثيوبيا؛ فشل الاجتماع الرابع عشر للجنة الثلاثية لدراسات آثار سد النهضة في إنهاء نقاط الخلاف الفنية بين القاهرة وأديس أبابا، حسب مصادر معنية بالملف.
وتطالب القاهرة بآلية تقلل من الأثر الجسيم لتشغيل سد النهضة، والاتفاق على فترة لملء بحيرة السد لتقليل الآثار السلبية لانخفاض حصة مصر السنوية (55 مليار متر مكعب)، والاتفاق على آلية تشاور حول إدارة السد.
سنة استرضاء الغير
وأكد وزير الدولة للشؤون القانونية الأسبق، الدكتور محمد محسوب، أنه "ليس العيب في دول الجوار؛ إنما فيمن سن سنة استرضاء الغير بالتنازل عن حقوق وطنه السيادية من مياه النيل، للحقوق في المنطقة الاقتصادية الشمالية (تيران وصنافير)".
وقال محسوب لـ"
عربي 21": "لا يمكن أن نتوقع من دول الجوار أن تقول (لا يصح هذا) لسلطة تبنت سياسة التنازل عن الحقوق السيادية مقابل أن يرضى عنها الغير"، مضيفا أن "المنطقي ما يحصل بأن يسعى الجميع لدفعها لمزيد من التنازلات، وإنها فرصة تاريخية لكل دول الجوار أن تقتطع جزءا من جسد واهن تديره سلطة أعلنت فتح المزاد".
كلاهما مر
وأضاف أستاذ القانون "أن دول الجوار أدركت أن السلطة بمصر؛ سياستها قبول التنازل عن أي شيء مقابل دعم سياسي أو مالي أو حتى لإنقاذ نفسها من ضغط ما"، مؤكدا أنه "لا توجد دولة ليس لديها واحد على الأقل من هذه الأسلحة: الدعم السياسي للسلطة أو المال أو الضغط، وبخاصة أن السلطة بمصر قدمت عرضا مفتوحا للجميع؛ ومن لديه المقابل فليطالب بما شاء؟".
وأكد محسوب "أن شعبنا يجني نتيجتين كلاهما مر.. ضياعا لحقوقه، وعداءا للجوار"، داعيا "الجميع للتركيز على السبب الحقيقي لما نحن فيه؛ وهو وجود سلطة تبنت سياسة التخلي عن الحقوق، ولو تغيرت بسلطة تعبر عن دور مصر ومكانتها؛ لما جرؤ أحد على الاستخفاف بها، ولما تكونت أحلاف ضد مصالحها ولا احتفظنا بصداقة أشقائنا دون تجاوز منا أو منهم".
لم تعد هبة النيل
ويرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، أن "دعم إثيوبيا للسودان في ملف (حلايب شلاتين)؛ صفعة سياسية تؤكد وجود تنسيق بين الخرطوم وأديس أبابا بملف (سد النهضة)، ويؤكد وقوف السودان مع إثيوبيا، وأنهما قد اتفقتا سويا ضد مصلحة مصر".
وأكد أستاذ القانون الدولي لـ"
عربي 21"، أن "المسألة بهذا الشكل خطيرة جدا، وتؤثر على حق مصر في معارضة أية دولة مشاطئة لنهر النيل في إنشاء سدود على النهر، ما يعني التأثير على حصة مصر من المياه"، مضيفا أن "هذا الاتفاق الإثيوبي السوداني؛ لم تعد مصر هبة النيل بل أصبحت ضحية النيل، وتلك أهم إنجازات الانقلاب".
ويعتقد أبو الخير أن "فتح ملف (حلايب وشلاتين) الآن هو للضغط على القاهرة وهي في أضعف حالاتها؛ لذلك وتماشيا مع ضعف النظام المصري اتخذت السودان -العمق الاستراتيجي لمصر- الوقوف مع مخططات إضعاف وتقسيم مصر الذي تديره واشنطن"، حسب قوله.
مصر تقف وحيدة
وقال أبو الخير إنه بعد توقيع السيسي على الاتفاقية الإطارية لسد النهضة: "لا أعتقد أن مصر تستطيع مواجهة التحالف السوداني الإثيوبي، بشأن حصتها في مياه النيل"، مؤكدا أن النظام جعل مصر تقف وحيدة دون دعم من أي دولة من دول الحوض.
وأعلن أبو الخير مخاوفه من اتفاق تلك الدول على تخفيض حصة مصر من المياه، في ظل حكومة الانقلاب التي أصبحت بلا حاضنة شعبية بل وتعادي المصريين؛ ما جعلها بلا سند ولا شرعية، وبالتالي بلا قيمة إقليمية أو مكانة دولية.