سياسة عربية

سايمون هندرسون: ما الذي يمكن أن يحققه ترامب في الرياض؟

ترامب يشارك في ثلاثة مؤتمرات قمة خلال زيارته للرياض- أ ف ب
قال مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن سايمون هندرسون، إن زيارة ترامب المرتقبة إلى الرياض والمنطقة تبدو طموحة على صعيد الجغرافيا والسياسية، لكنها لن تحدث اختراقات في القضايا المعقدة.

وأضاف أن جولة ترامب الأولى الخارجية تستغرق تسعة أيام، سيزور فيها (الرياض والقدس وبيت لحم وروما وبروكسل وصقلية)، وسيناقش سياسيا من خلالها قضايا (الإرهاب، وإيران، والسلام في الشرق الأوسط، وحلف "الناتو"، والاقتصاد العالمي).

وتطرق هندرسون في مقال له إلى برنامج الزيارة، حيث يشارك ترامب في ثلاثة مؤتمرات قمة خلال جولته في الرياض، إحداها مع الملك سلمان، وأخرى مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقمة ثالثة مع قادة من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، لافتا إلى أنه في الحالة الأخيرة، من المقرر أن يُلقي ترامب خطابا عن الإسلام، يُحتمل أن يكون أشبه بحقل ألغام، "لأن العديد من المسؤولين الحاضرين سيصرّحون حتما بأن الإسلام هو دين سلام ولا علاقة له بالإرهاب، غير أن خطاب ترامب الذي أدلى به أمام الكونغرس في 28 شباط/فبراير تطرق إلى موضوع حماية الشعب الأمريكي من "الإرهاب الإسلامي المتطرف".

اقرأ أيضا: السعودية توقع صفقات مع شركات أمريكية خلال زيارة ترامب

 
وأضاف هندرسون أنه قبل يوم واحد من وصول ترامب إلى الرياض، ستجري الانتخابات الرئاسية في إيران حيث سيختار الناخبون بين اثنين من المرشحين الرئيسيين، هما الرئيس الإصلاحي الحالي حسن روحاني والمتشدد إبراهيم رئيسي.

"ورغم أنه قد يكون للنتيجة أثر كبير على المنطقة، إلّا أن السعوديين مقتنعون بأن النظام الإيراني هو المشكلة، وليس من يتولى الرئاسة، ولم توجه الدعوة إلى إيران أو عميلتها سوريا لحضور القمة الإسلامية في الرياض، ولكن طهران تشكّل محور المكاسب التي يريد السعوديون تحقيقها من هذه الاجتماعات. وبصرف النظر عن تأكيد مكانة المملكة كزعيمة للعالمين العربي والإسلامي، يرغب السعوديون أيضا في إظهار قوة وعمق المعارضة الإسلامية لنسخة طهران من الإسلام الشيعي الثوري".

وتابع: "العديد من رجال الدولة القادمين إلى الرياض ربما يترددون في تأييد هذا النهج، فرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يُعتبر مقربا من السعوديين، ولكن بلاده كانت حريصة على البقاء محايدة ظاهريا بسبب الأوضاع المتوترة على حدودها مع إيران. كما يتوخى العراق الحذر بشكل خاص حيال طهران، وهو ربما السبب الذي دفعه إلى إرسال الرئيس فؤاد معصوم لتمثيله في القمة، وليس رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي تعتبره الرياض عميلا إيرانيا".

اقرأ أيضا: قمة الرياض.. هل تخفض الأهداف المتباينة سقف التوقعات؟

وأضاف هندرسن وهو مؤلف مشارك في مذكرات معهد واشنطن السياسية "أنه في ظل الظروف السائدة، ستحقق الرياض ضربة موفقة إذا حضر المؤتمرات السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان، حيث إن الزعيم الموالي للغرب يميل عادةً إلى الحفاظ بشكل حذر على التوازن في علاقته مع السعودية وإيران. ومن المرجح أن يكون العاهل الأردني الملك عبدالله قد خصص قسما كبيرا من زيارته في نهاية الأسبوع الماضي إلى مسقط لإقناع قابوس بالحضور، غير أن السلطان مستاء من السعوديين بسبب عملياتهم العسكرية المستمرة في اليمن، التي يحاول فيها تحالف دول الخليج إعادة حكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا إلى الحكم.

وأردف: "سيحضر الرئيس هادي القمة، لكن الخيارات المتاحة أمامه في هذا الخصوص محدودة، فوفقا لمختلف الدبلوماسيين، وضعه السعوديون تحت الإقامة الجبرية في منزله في الرياض لأنهم اعتبروا أن نشاطاته السياسية في مدينة عدن الساحلية المحررة، تعتبر متطفّلة إلى حدّ كبير".

وفيما يتعلق بالسلام العربي الإسرائيلي، لفت هندرسون إلى سؤال مهم يتم طرحه حول إمكانية أن تفضي اجتماعات القمة الثلاث إلى تغيير في الموقف بشأن القضية الإسرائيلية الفلسطينية.

وتوقع  أن تقوم بعض دول مجلس التعاون ببادرة نحو التطبيع مع إسرائيل، ربما حول قضايا مثل قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية المباشرة، أو فتح قنوات التجارة الحرة بصورة أكثر، أو حقوق التحليق. 

اقرأ أيضا: هكذا توقع مفكر سعودي خطاب ترامب لقادة العرب عن الإسلام


ولفت إلى أن الإمارات العربية المتحدة، كانت الدولة الخليجية الأكثر صراحة فيما يتعلق بالتطبيع؛ فقد سمح المسؤولون الإماراتيون لإسرائيل بإرسال بعثة إلى مكتب "الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" (إيرينا) ومقرها في أبوظبي، وفي آذار/مارس، شاركت القوات الجوية الإماراتية في مناورات عسكرية مشتركة في اليونان، شملت وحدة من سلاح الجو الإسرائيلي.

ويرى هندرسون أن مؤتمرات القمة ستتمسك بالمواقف الدبلوماسية السائدة منذ فترة طويلة بشأن القضية الفلسطينية، ولكن ربما لا يزال بإمكان الرئيس ترامب نقل بعض الأخبار السارة إلى محطته التالية المزمعة في القدس.

وقال "إن دول الخليج تجري عددا كبيرا من الصفقات التجارية غير المعلنة مع إسرائيل، وقد تم إنشاء قنصلية إسرائيلية واحدة على الأقل لم يُعلن عنها في الخليج لتسهيل هذه التعاملات". 

 واعتبر أن الرياض أطلقت بادرة مساعدة غير مباشرة باتجاه إسرائيل من خلال الإعراب عن اهتمامها، وفقا لبعض التقارير، بشراء "منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية المتطورة" (ثاد) في إطار صفقات أسلحة مع الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار، لافتا إلى أن من شأن نشر أي من هذه الأنظمة في المملكة، حماية إسرائيل من الهجمات الصاروخية الإيرانية.

وختم هندرسون بالقول "إن الطموح الكبير الذي تحمله مؤتمرات القمة في الرياض الثلاث، والتحديات اللوجستية الضخمة في التعامل مع عدد كبير من رؤساء الدول في الوقت نفسه قد تحدّ من نجاحها.
 
وأضاف أنه "في حين يبدو أنه من غير المحتمل إحراز أي إنجازات حول قضايا معقدة، إلا أن بعض اللاعبين الإقليميين قد أبدوا استعدااً جديداً لتغيير المواقف الصارمة، وعلى الرئيس ترامب تشجيع مثل هذه التغييرات".