قرأ خبيران أمنيان إسرائيليان، تداعيات الضرر الذي يمكن أن تتسبب به حادثة تسريب المعلومات من قبل الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إلى
روسيا، وتأثيرها على مستقبل العلاقات الاستخبارية بين
إسرائيل وواشنطن.
بطاريات الحواسيب
ويدور الحديث عن تسريب معلومة حذرت قبل بضعة أشهر من مخططات لتنظيم الدولة ينوي من خلالها تنفيذ عمليات في طائرات أمريكية وغربية، عبر زرع مادة متفجرة في بطاريات الحواسيب المحمولة دون أن تتمكن أجهزة الكشف من اكتشافها، وهو ما دفع
الولايات المتحدة لمنع المسافرين من الشرق الأوسط، بدون إسرائيل، من أن يأخذوا معهم في حقيبة اليد للحواسيب المحمولة.
وأوضح الخبير والأمني العسكري الإسرائيلي، أليكس فيشمان، أن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، "حاول أن يغطي شيئا ما لكنه كشف عن أشياء وترك خلف علامة استفهام كبيرة".
ولفت في المقال الافتتاحي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية اليوم، إلى أن ليبرمان أعلن أمس أن العلاقات الاستخبارية بين إسرائيل وأمريكا لم تتضرر، لكن لم يتحدث أحد عن أزمة في العلاقات الاستخبارية بين الدولتين نتيجة ثرثرة الرئيس الأمريكي.
وأكد أن "إسرائيل بحاجة للاستخبارات الأمريكية أكثر مما هي الاستخبارات الأمريكية بحاجة إليها، وهنا يتأكد أن المشكلة هي في ما لم يرد في بيان وزير الدفاع الإسرائيلي، كما أنه لم يتناول الضرر الهائل الذي تسبب به التسريب والذي لا يمكن المرور عنه مرور الكرام".
ورأى فيشمان، أن "وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، تشكل إطارا لمحافل في أجهزة الاستخبارات الأمريكية قررت على ما يبدو، تصفية ترامب سياسيا"، مضيفا: "هي لا تعرض ترامب كخطر على أمن الوطن، بل بمثابة عميل روسي تقريبا للتشهير به أكثر فأكثر، وتكشف معلومات حساسة وتلحق ضررا لا مرد له".
المعلومات الواردة
ولفت إلى أن "عرض إسرائيل كمصدر للمعلومات التي سربت للروس، استهدفت إظهار ترامب كسخيف لا يعرف كيف يميز بين المعلومة والمعلومة، وكمن يعرض للخطر الحليف الأهم (إسرائيل)، لأنها - إذا كانت صحيحة - تضع إسرائيل في جبهة مباشرة مع داعش"، مؤكدا أن "الضرر الذي ألحقه ترامب من شأنه أن يستمر لسنوات طويلة".
وأشار الخبير والأمني العسكري، إلى أن الوصول لمعلومات كهذه يتطلب سنوات، والضرر الذي لحق بقدرتنا الأمنية يحتاج لإصلاح سنوات أخرى، لافتا إلى أن "المعلومات التي وصلت لترامب لو نقلت بشكل مهني لما وقع الضرر، وهنا يمكننا التخمين بأن الشكل الذي قدمت فيه المعلومات للروس تكشف لهم الطريقة التي تم الحصول عليها، وهذا الكشف أمام شريك روسي له مصالح مختلفة من شأنه أن يصفي قناة استخبارية مميزة".
ومع "وجود اتفاقيات استخباراتية مفصلة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولا توجد بين إسرائيل وروسيا، يعد تسريب كهذا خيانة للثقة"، بحسب فيشمان الذي أشار إلى أن "الأمريكيين لم يغفروا لإسرائيل بيع معلومة تكنولوجية للصين، وما فعله ترامب لا يقل من حيث خطورته".
ونوه الخبير، إلى أن لدى إسرائيل تعاون أمني مع دول أخرى منها؛ دول أوروبية مختلفة، وعندما تكتشف فرنسا مثلا خلية لتنظيم الدولة وتمنع وقوع عملية في ملعب رياضي، فان المعلومات الواردة لا تأتي بالضرورة من فرنسا".
صراعات القوى
من جانبه، رأى الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان، أن "الضرر الذين ألحقته وسائل الإعلام الأمريكية يفوق الضرر الذي لحق عمليا أو من شأنه أن يلحق بعمل الاستخبارات الإسرائيلية أو وسائل جمع المعلومات والتكنولوجيا".
وأوضح الخبير في مقال له اليوم بصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن "مصدر المعلومات التي وفرتها إسرائيل للولايات المتحدة جاء من شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وليس من الموساد"، وبالتالي، فإنها تمت أغلب الظن بوسائل تكنولوجية وليست بشرية، وبالتالي الحديث لا يدور أغلب الظن عن عميل مغروس أو يعمل في صفوف تنظيم الدولة، مثلما ادعت بعض وسائل الإعلام الأمريكية".
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن "إثارة هذه القضية جاء على خلفية صراعات القوى في الإدارة الأمريكية، ولا سيما بين محافل في أسرة الاستخبارات والرئيس ترامب ومساعديه"، بحسب ميلمان الذي رأى أن "إسرائيل وقعت ضحية هذه الصراعات، كما تبين أن ترامب لا يفهم في المسائل الاستخبارية، ويثرثر أكثر مما ينبغي".
وقدر الخبير، أن الخطر المحتمل من هذا التسريب هو أن تشق تلك المعلومات طريقها إلى إيران من خلال روسيا ومع ذلك لا يوجد يقين بأن روسيا نقلت المعلومات أو تنوي نقلها إلى طهران.