كشفت مصادر ليبية مطلعة عن تفاصيل وكواليس ما جرى خلال الاجتماع المغلق الذي جمع كلا من رئيس
المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز
السراج، وقائد القوات المنبثقة عن مجلس النواب المنعقد في طبرق خليفة
حفتر، الأسبوع الماضي، في العاصمة
الإماراتية أبو ظبي، "بعد وساطة عربية ودولية".
وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، أنه عقب عودة "السراج" إلى
ليبيا، اجتمع مع أعضاء المجلس الرئاسي، والذين وجهوا له لوما وعتابا على لقائه بـ"حفتر"، مستغربين ذهابه للقاء بمفرده ودون علم أو اتفاق مسبق مع أعضاء المجلس الرئاسي.
وأوضح "السراج" أنه قرر تلبية الدعوة (لقاء حفتر) بمفرده وبصفته، لعدّة أسباب، منها "عدم وجود أجندة محددة للنقاش أثناء اللقاء حتى يستعرضه ويناقشه مع أعضاء المجلس، وبالتالي فلم يكن هناك مجال لاقتراح مقترحات أو توصيات بعينها، وخوفا من وقوع المجلس الرئاسي مجتمعا في فخ الضغوطات الدولية والإقليمية، والرضوخ لاتفاقات غير مناسبة"، بحسب المصادر.
اقرأ أيضا: بعد وساطة عربية ودولية.. حفتر والسراج يجتمعان في أبوظبي
وأشار السراج لأعضاء المجلس الرئاسي إلى أن حضوره لقاء حفتر بمفرده سمح له بهامش كبير للمناورة في الرأي لأي مقترح ووجود حجة الاستشارة مع الشركاء، خاصة أنه أكد أكثر من مرة أنه لا يملك القرار منفردا.
وأكد السراج أنه ذهب للقاء حفتر بناء على دعوة من الحكومة الإماراتية لرعاية هذا اللقاء، كنوع من الدعم السياسي لمحاولة حل الأزمة الليبية، لافتا إلى أنه استمع لكل ما قاله حفتر، ولم يتفق معه على أي نقطة محددة، ولم يجرِ أي اتفاق أو حتى مذكرة تفاهم مبدئية ولا نهائية، وفقا لذات المصادر.
وكشفت المصادر عن أن حفتر طلب تشكيل مجلس رئاسي جديد يتكون من "حفتر، والسراج، ورئيس مجلس النواب عقيله صالح"، أي إنه يعاد تشكيل الرئاسي بعد تقليص عدده من تسعة أشخاص مقسمين حسب الأقاليم إلى ثلاثة أشخاص يتم اختيار الرئيس من بينهم.
وشدّد حفتر على أن يكون المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للجيش الليبي، وأن يكون المشير خليفة بالقاسم حفتر (كما قالها حفتر بنفسه) هو القائد العام للجيش، وتتبعه جميع المؤسسات العسكرية والمخابراتية.
وطلب حفتر تكليف "رئيس حكومة مستقل، وتشكيل حكومة جديدة، وتكليف أعضاء المجلس الرئاسي الحاليين بمهام وزارية بالحكومة الجديدة كترضية شخصية وترضية جهوية"، مشدّدا على ضرورة أن يكون القائد العام للجيش الليبي هو المسؤول عن القرارات العسكرية والمخابراتية والأمنية وخطة تشكيل الجيش.
وهاجم حفتر البرلمان الليبي، حسبما نقلت المصادر، قائلا:" مجلس النواب ضعيف جدا ويجب أن تكون السيطرة والإدارة الحقيقية للدولة عند المجلس الرئاسي وليس لمجلس النواب، بما في ذلك تعيين شاغلي المهام السيادية المدنية والعسكرية والأمنية، خاصة أن رئيس البرلمان عقيلة صالح ضعيف بشكل واضح وغير قادر على تسيير أي جسم تشريعي أو تنفيذي".
واستطرد حفتر قائلا، خلال لقائه بالسراج في الإمارات:" أنا غير مقتنع بفكرة المحاصصة الإقليمية، وخاصة على مستوى المجلس الرئاسي، ولهذا ليس من الضروري أن يكون أحد الأشخاص من الجنوب الليبي في المجلس الرئاسي"، وفقا للمصادر المطلعة.
يذكر أن المتعارف عليه في ليبيا، أثناء تشكيل مؤسسات الدولة وأجسامها المختلفة، يكون هذا الأمر مبنيا على تقسيم مناطقي (غرب- شرق- جنوب) مثل المجلس الرئاسي الحالي أو غيره، وحفتر ترجع أصوله إلى الغرب الليبي، وكذلك السراج، بينما عقيلة من الشرق الليبي، ولهذا يرى حفتر أنه ليس من الضروري وجود ممثل للجنوب، بينما كان من المفترض أن يكون هناك ممثل واحد للغرب الليبي، حتى تتاح فرصة لتمثيل الجنوب.
اقرأ أيضا: لقاء السراج - حفتر.. ما الجديد؟
وتابع اللواء المتقاعد:" أنا غير معترف بالمجلس الأعلى للدولة، والمؤتمر الوطني العام انتهت فترته وولايته، ولهذا فلن يكون موجودا في الفترة القادمة، وإنما فقط سيكون مجلس النواب -رغم ضعفه وعدم تأثيره الكبير- موجودا على الساحة الليبية"، مضيفا أن "الجيش الليبي الآن في كل أنحاء ليبيا يتبعني كقائد عام له".
ونوهت المصادر إلى أن "حفتر" وصف لقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عيسى برئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، الذي عُقد بروما، يوم 21 نيسان/ أبريل الماضي، بأنه "مسرحية بدون بطل، فهم لا يملكون شيء حتى يتفاوضوا عليه".
بدوره، واصل السراج حديثه لأعضاء المجلس الرئاسي، قائلا: "كنت طوال الوقت استمع لما قاله حفتر وبشكل دقيق، وعندما طُلب مني رأيي قلت له نحن كمجلس رئاسي، وأنا كرئيس للمجلس الرئاسي جزء أساسي من أجسام الاتفاق السياسي، ولكن ما تفضلتم به يحتاج إلى تعديلات في الاتفاق السياسي، وهي خارج صلاحياتنا".
وأكمل: "أما بخصوص موقفي الشخصي، أرى أنه لم يكن بالإمكان أن تتم مثل هذه التعديلات أو أن تتحقق وهناك أطراف أخرى سياسية وأمنية وعسكرية على الساحة الليبية ومؤثرة في المشهد لن توافق على هذه المقترحات، ومن بينها المجلس الرئاسي".
وذكرت المصادر أن السراج أشار إلى أنهم ناقشوا كثيرا إمكانية تطبيق المقترحات السابقة، إلا أن رده دائما كان دائما متحفظا ورافضا لتلك المقترحات، فمن غير الممكن تنفيذها، بحسب قوله.
وأكدت المصادر أنه في نهاية اللقاء تم اقتراح بيان لنتائج الاجتماع بشكل عام، وتُذكر فيه النقاط المشتركة حتى التي لم يتم تناولها في اللقاء، وعرضوا على السراج مسودة البيان، إلا أنه عندما وجد البيان موقعا بالصفات، وكانت صفة حفتر هي قائد عام الجيش الليبي، رفض أن يكون البيان مشتركا، ولهذا السبب أصدر بيانا بمفرده وبشكل عام.
وفي يومي 2 و3 أيار/ مايو الجاري، التقى "السراج" و"حفتر" بدولة الإمارات، استجابة لدعوة وجهها لهما ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
واستمرت جولة المحادثات بينهما (السراج وحفتر) يومين في دولة الإمارات التي تعد إلى جانب مصر الداعمين الرئيسين لحفتر الذي لا يعترف بحكومة "السراج" في طرابلس.
وكانت الأمم المتحدة قد رحبت بلقاء "حفتر" و"السراج" الذي يعد أول لقاء يجمع بينهما منذ أكثر من عام.