تواجه شركات
المقاولات الكبرى في منطقة
الخليج عدة صعوبات، مع استمرار نزيف الخسائر بسبب الضغوط الناجمة عن تراجع هبوط أسعار
النفط.
وقال خبراء ومحللون عقاريون إن شركات المقاولات تأثرت بتراجع الإنفاق الحكومي جراء انخفاض النفط، والذي أدى إلى تأخر سداد بعض المستحقات وتعطل عدة مشروعات.
وتوقع الخبراء، استمرار الأداء الهبوطي في قطاع المقاولات الخليجي، كنتيجة طبيعية لتقلص المشاريع، لاسيما مع استمرار الظروف الاقتصادية غير المستقرة في ظل تقلب أسعار النفط وتزايد حدة المنافسة.
وبحسب تقرير حديث لشركة "أوبار كابيتال"، فإن معظم شركات التشييد، لا تزال في حالة مُقلقة لاعتمادها بشكل كبير على الأعمال الحكومية في تدفقاتها النقدية.
وسجلت شركات البناء والتشييد المدرجة في بورصات الخليج زيادة في الخسائر بنسبة 3% لتصل إلى 1.22 مليار دولار مقارنة مع 1.18 مليار دولار في عام 2015.
نتيجة طبيعية
قال محمد التركي الخبير العقاري ومدير العقارات في شركة الوليد لإدارة العقارات، إن "قطاع المقاولات في الخليج تأثر سلبا كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى، وهذه نتيجة طبيعية مع انخفاض أسعار النفط وتأثر إنفاق الحكومات والذي تسبب في تراجع حجم المشروعات المطروحة للتعاقد أو المنفذة وتأجيل تنفيذ مشاريع كبرى.
وألغى قطاع المقاولات السعودي في 2016، مشاريع تصل قيمتها إلى 266 مليار دولار خصوصا تلك التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائدات الاقتصادية والتنموية المتوقعة منها.
وأضاف أن تأخر بعض الحكومات الخليجية في سداد مستحقات شركات المقاولات أصبح يمثل أزمة كبرى في دول مثل السعودية وعمان، حيث أثر سلبا على التدفقات النقدية للمقاولين، ودفعهم لتسريح عشرات الآلاف من العاملين.
ركود شديد
وقال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه، إن هناك حالة من الركود يمر بها قطاع الإنشاءات بشكل عام في الخليج، في ظل تراجع الإنفاق الحكومي في مسعى لضبط المالية العامة وإعادة تحديد أولويات الإنفاق.
وأضاف أن تعرض قطاع المقاولات إلى مشاكل مالية يلقي بظلاله على قطاعات أخرى ذات الارتباط بالأعمال الإنشائية مثل الحديد والأسمنت ومواد البناء ما يتسبب في ضرر عدد من الموردين الذين تتعامل معهم الشركات نتيجة الضغوط التي تحيط بها.
وأكد أنه رغم التحديات التي يواجهها قطاع المقاولات في المنطقة، لا يزال يحافظ على جاذبيته، وتحمل مؤشرات نمو إلى مستوى البناء وتنفيذ مزيد من المشروعات المجدية لاسيما مع استعدادات الإمارات لاستضافة معرض إكسبو 2020، وتنظيم قطر لكأس العالم 2022.
تراجع قيمة العقود
وانخفضت قيمة عقود الإنشاءات التي وقعتها شركات المقاولات بالخليج إلى 78 مليار دولار خلال العام الماضي، مقارنة بـ96 مليار دولار في 2015، بانخفاض نسبته 19%، وفق تقرير لشركة "ميد" للمشاريع.
ويرجع هبوط عقود الإنشاءات الممنوحة في الخليج العام الماضي، وفق التقرير ذاته، إلى انخفاض إيرادات الدول الخليجية جراء انخفاض أسعار النفط والذي ترك أثرا عميقا على سوق الإنشاءات.
ووفقا لبيانات بعض شركات المقاولات المدرجة في الأسواق الخليجية، فقد وضعت العديد من تلك الشركات عدة برامج للتكيف مع التحديات والمتغيرات المتلاحقة في القطاع منها، إعادة الهيكلة، وتخفيض رأس المال، وبيع حصة لمستثمر استراتيجي في محاولة لتعويض الخسائر المتواصلة.
ومن بين الشركات "أرابتك القابضة" الإماراتية ومقرها دبي، التي أعلنت عن خطة إعادة هيكلة رأسمالها عن طريق تخفيض رأس المال الحالي لوقف نزيف الخسائر المتراكمة.
وتعاني "أرابتك" منذ أكثر من عامين من كساد في سوق مشروعات البنية التحتية في منطقة الخليج وتفاقمت مشكلاتها بفعل اتفاقات داخلية بين مساهمين وتغييرات في الإدارة العليا.
إعادة هيكلة
فيما تبنت شركة "دريك آند سكل إنترناشيونال" المدرجة في بورصة دبي خطة لإعادة هيكلة رأسمال الشركة، ودخول شريك استراتيجي وذلك بعد وصول خسائرها إلى 991.5 مليون درهم (270 مليون دولار) لعام 2016، بحسب بيان الشركة.
وتتضمن الخطة تخفيض رأس المال المدفوع والبالغ 2.28 مليار درهم (621.2 مليون دولار) بنسبة 50%، وقد تأثرت الشركة بكساد سوق البناء الخليجية الذي كان سببه الرئيس تراجع الإنفاق على البنية التحتية.
وفي السعودية تضررت مجموعة "بن لادن" إحدى أكبر شركات المقاولات في الشرق الأوسط، شأنها شأن الكثير من شركات البناء الأخرى في المملكة جراء تدني أسعار النفط الذي دفع الحكومة إلى خفض إنفاقها.
وتواجه مجموعة "بن لادن" السعودية التي تأسست منذ أكثر من 80 عاما ويعمل فيها نحو 220 ألف عامل حاليا، أزمة مالية كبيرة على خلفية حادث سقوط رافعة الحرم المكي في موسم الحج (سبتمبر/ أيلول 2015) والذي تسبب في وفاة 107 أشخاص.
ومطلع مايو/ أيار 2016، صدر أمر ملكي يقضي بإعادة تصنيف مجموعة "بن لادن"، وعودتها إلى العمل في المشروعات التي توقفت، ورفع حظر سفر رؤساء وأعضاء مجلس إدارة المجموعة، والسماح لها بالتقدم للمشروعات مرة أخرى.