نشر موقع "نيو أتلاس" الأمريكي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على ابتكار لعلماء صينيين طوروا تطبيقا للهواتف الذكية يسمح بالتحكم في خلايا تم تعديلها جينيا في المختبرات، وتحفيزها على إنتاج الأنسولين عند الحاجة، وذلك خدمة لمرضى
السكري.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مرض السكري قد تفشى في صفوف البالغين بشكل غير مسبوق، حيث يقدر عدد المصابين به في جميع أنحاء العالم بحوالي 415 مليون شخص، مضيفا أنه "على الرغم من أن التكنولوجيات المتطورة ساعدت
الأطباء والمرضى على التحكم في داء السكري، إلا أن الطريقة الشائعة التي تُعتمد لقياس مستوى السكر من خلال أخذ عينة من الدم لمعرفة ما إن كان المريض في حاجة إلى جرعة من الأنسولين، أثبتت عدم نجاعتها، ويعزى ذلك إلى أن مستويات الجلوكوز غير ثابتة، وتتغير بشكل مستمر؛ لأسباب مختلفة".
وبيّن التقرير أن فريقا من العلماء الصينيين بادر بابتكار نظام يعتمد على الهواتف الذكية، يسمح بالتحكم في خلايا تم تعديلها جينيا في المختبرات؛ من أجل إنتاج الأنسولين لمرضى السكري عند الحاجة.
وأشار إلى أن "هذا الحل، الذي أوجده فريق من
جامعة شرق الصين العادية، استوحي بالأساس من أنظمة المنزل الذكية وتكنولوجيا الاتصال، فضلا عن مجالين ناشئين في الطب؛ علم الوراثة الخلوية، وعلم البصريات الوراثي، وهو تقنية تسمح بالتحكم في نشاط الخلايا عن طريق الضوء.
وأفاد التقرير بأنه في هذه الحالة يلعب علم البصريات الوراثي دورا رئيسا في تمكين الخلايا من معالجة إشارات الهواتف الذكية، لافتا إلى أنه ليست الأجهزة الإلكترونية فقط التي بإمكانها توليد الضوء؛ إذ إن الضوء في حد ذاته كفيل بأن ينشط عمل الوظائف الحيوية لجسم الإنسان، "ومن هذا المنطلق، قام الفريق بتعديل بعض الخلايا جينيا، وزرع بروتين حساس للضوء يمكن أن يفرز الأنسولين حين يُسلط عليه ضوء أحمر عن طريق صمام ثنائي باعث للضوء لاسلكي".
وأوضح أنه "بالإضافة إلى هذه الخلايا المعدلة جينيا، يشمل النظام ثلاثة مكونات أخرى؛ هي تطبيق على هاتف ذكي يشتغل وفقا لنظام أندرويد، تتمثل وظيفته في التحكم بالضوء عن بعد، فضلا عن صندوق التحكم الذي يحتوي على دائرة كهرومغناطيسية من شأنها تفعيل عمل الضوء، وأداة بلوتوث تسمح بإرسال نسبة السكر في الدم إلى التطبيق الذكي؛ ليقوم بتحليلها".
وقال التقرير إن الخبراء قاموا ببرمجة آلة قياس الجلوكوز في الدم حتى تقوم بالتثبت من نسبته بصفة دورية، ويتم عقب ذلك إرسال البيانات إلى التطبيق الذي يحللها؛ لتحديد مقدار الأنسولين الذي يحتاجه الجسم قبل إرسال إشارة إلى صندوق التحكم لتفعيل عمل ضوء الصمام الثنائي الباعث للضوء، لتقوم الخلايا بدورها بإنتاج الأنسولين.
وأضاف أنه تم اختبار هذا النظام على الفئران المصابة بالسكري، حيث عُرضت للضوء لمدة أربع ساعات يوميا، وتمكن من الحفاظ على مستوى مستقر من إنتاج الأنسولين لديهم لمدة 15 يوما. وفي غضون ساعتين من التعرض للإشعاعات، كانت الفئران قادرة على تحقيق مستويات طبيعية من الجلوكوز، دون الإصابة بأي نقص في نسب السكر بالدم.
وأشار التقرير إلى أن الباحث الذي عمل على هذا الاختراع، هايفنغ يي، حاول منذ مرحلة الدكتوراه إنشاء هذا النظام سابقا، ولكن بالاعتماد على الضوء الأزرق للسيطرة على مستويات الجلوكوز لدى الفئران.
وتابع: "في المقابل، ونظرا لأن التعرض المستمر للضوء الأزرق يمكن أن يكون له مضاعفات سلبية على غرار تسميم خلايا الثدييات، فقد اتخذ هايفنغ يي قرارا بتطوير نظام أكثر قوة، ويرتكز هذا النظام بالأساس على اعتماد الصمام الثنائي الباعث للضوء الأحمر، فضلا عن اتباع نهج متعدد التخصصات يشمل الهندسة الكهربائية، وهندسة البرمجيات، وعلم البصريات الوراثي، والبيولوجيا التركيبية".
ولفت التقرير إلى أنه "على الرغم من أن هذه الدراسة تعنى أساسا بإيجاد حلول لمرض السكري، إلا أنه يمكن ملاءمة هذا النظام في المستقبل لعلاج
أمراض أيضية أخرى. وفي الوقت الذي تعكس فيه هذه الدراسة نجاح هذه الفكرة، أكد الباحثون أن هناك المزيد من العمل الشاق والتجارب ليقوموا بها حتى يتمكنوا من اختبار هذا النظام على البشر".
وأوضح أن "من بين التحديات التي يواجهها الباحثون أنهم ما زالوا يعتمدون على سحب عينات من الدم يدويا، فضلا عن أن الجهاز الحالي يتطلب بقاء الفئران على مقربة من دائرة الانبعاثات الكهرومغناطيسية، ما يحد من حركتها"، مشيرا إلى أن "من الضروري أن يتم التحقق من نجاعة هذا النظام، وذلك من خلال إجراء تجربة فعلية على خلايا بعض
المرضى الذين يخضعون للعلاج".
ونقل التقرير تصريحات الباحثين في هذا الشأن، حيث أقروا بأن الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها التغلب على هذه القيود هي استبدال جهاز قياس نسب السكر بالدم بجهاز مراقبة الجلوكوز بصفة دائمة، والذي سيتم زرعه في الجسم، حيث يمكن رصد مستويات السكر في الدم على مدار الساعة.
وفي الختام، بيّن التقرير أنه "عوضا عن اللجوء لاستخدام الوشيعة يمكن اعتماد الصمام الثنائي الباعث للضوء، للسماح للمرضى بالتحرك بحرية، وتجنب التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي. أما فيما يتعلق باختبار هذه التقنية على الخلايا الذاتية المستمدة من
مرضى السكري، فمن المرجح أن يتم ذلك في المستشفيات في المستقبل القريب".