أعلنت وزارة
أوقاف الانقلاب عن طرد
السلفيين من مئات المساجد في مصر، وإلغاء تصاريح الخطابة الممنوحة لهم، في أعقاب تفجيرات الكنائس التي شهدتها البلاد الأسبوع الماضي، وسط تزايد الاتهامات لهم بـ"التطرف".
وأكد وكيل أوقاف الانقلاب بالمنيا، الشيخ محمد أبو حطب، أن الوزارة "قامت في الأيام الأخيرة بضم ما يزيد على 500 مسجد كان السلفيون يسيطرون عليها سيطرة كاملة"، مضيفا في تصريحات صحفية السبت الماضي، أن الوزارة ألغت أيضا المئات من تصاريح الخطابة لمن وصفهم بـ"أصحاب الأفكار المغلوطة".
ويأتي هذا تزامنا مع الهجوم الذي تشنه وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب على السلفيين، واتهامها لهم بأنهم "يحملون أفكارا تكفيرية، ويزرعون الكراهية والفتنة بين فئات الوطن بتكفيرهم للأقباط، وما يمثله ذلك من تحريض يشجع الإرهابيين على تفجير الكنائس وقتل الأقباط".
خطة لذبح السلفيين
وقالت صحيفة "النبأ" المقربة من الأجهزة الأمنية، إن تقريرا أمنيا صدر منذ أسبوعين، أكد أن "التيارات السلفية تسيطر على نحو 12 بالمئة من مساجد مصر، أي ما يزيد على 10 آلاف مسجد، محذرا من سعيهم للتمدد في آلاف المساجد الأخرى في الفترة المقبلة؛ عبر عناصر الدعوة السلفية والمتعاطفين معها، الذين يسعون للحصول على تصاريح الخطابة من وزارة
الأوقاف".
وحذر التقرير من أن "سيطرة الجماعات السلفية والمتشددة على المنابر، وخاصة في المناطق الريفية التي ينتشر فيها التيار السلفي، مثل محافظة مطروح والإسكندرية والبحيرة، يساعد الجماعات الإرهابية على استغلال هذه الأفكار في استقطاب الشباب".
وأضاف أن مستشار
السيسي للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، وزير الداخلية الأسبق أحمد جمال الدين، لديه خطة لـ"ذبح السلفيين" بعد أن تم تكليفه من قبل قائد الانقلاب بتولي ملف تجديد الخطاب الديني، ومواجهة أفكار الجماعات الإرهابية المتطرفة.
وأكد التقرير أن جمال الدين "سيعتمد في البداية على تنظيم أكبر حملة إعلامية ضد الفكر السلفي الوهابي المنتشر داخل المجتمع عن طريق الجماعات السلفية، التي تعد -وفقا لتقارير أمنية- "أساس الفكر الجهادي الداعشي المنتشر بين الجماعات الإرهابية"، مشيرا إلى أن "خطة مواجهة الفكر السلفي ستصل لذروتها بعد الانتهاء من المواجهة مع الإخوان، حتى لا يتم تشتيت جهود الدولة".
الكيل بمكيالين
وقال أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، سيف رجب، إن "وزارة الأوقاف أصبحت تعادي الكثير من الجهات والأشخاص بحجة دعمهم للتطرف، وتتتعامل معهم كأنهم إرهابيون"، مضيفا أنه "ليس من الطبيعي أن يكون كل السلفيين إرهابيين أو يحملون أفكارا هدامة، فكثير من السلفيين درسوا وتعلموا في الأزهر الشريف ولديهم مفاهيم غير متطرفة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "وزير الأوقاف مختار جمعة يكيل بمكيالين؛ لأنه لا يجرؤ على سحب ترخيص الخطابة من القطب السلفي الكبير الشيخ
ياسر برهامي -على سبيل المثال- على الرغم من أن أفكاره تثير الجدل أحيانا في الوسط الديني، لكن لأنه قريب من السلطة لا يجرؤ الوزير على منعه من الخطابة، ويتجه للاستقواء على المستضعفين من أهل الدعوة" على حد قوله.
وأشار رجب إلى أن "بعض موظفي الأوقاف يقدمون شكاوى كيدية في بعض الأئمة والخطباء دون أن يكونوا متطرفين أو لهم علاقة بالإرهاب، وعلى الرغم من ذلك يتم فصل هؤلاء الأئمة دون التحقيق أو التأكد من صحة هذه الاتهامات"، مؤكدا أن "هذا الأمر تكرر كثيرا في مساجد كان أئمتها وسطيين ولا يحملون أي فكر هدام".
"الوزير ينافق النظام"
من جانبه؛ قال الباحث السياسي عمر هاشم، إن "وزير الأوقاف يحاول أن يظهر أمام النظام بمظهر المؤيد للدولة قلبا وقالبا، والشيخ الذي يحمي الدولة من الاٍرهاب، لذلك فهو يستغل سلطاته ليدخل نفسه في أمور سياسية كثيرة دون داع، من بينها خلافاته حول فكرة تجديد الخطاب الديني"، مشيرا إلى أن "ما يحدث من جانب الوزير مختار جمعة مجرد اجتهادات شخصية، ومحاولة للبقاء في منصبه لأطول فترة ممكنة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الوزير أيضا يصفي حساباته مع عدد من الأئمة المحسوب بعضهم على شيخ الأزهر، وخاصة ممن ليس لهم ظهر يحميهم، عبر اتهامهم بالانتماء للإخوان، أو بأنهم يصدرون خطاب الكراهية للمصريين".
وأوضح هاشم أن "النظام ليس له مصلحة في عداء السلفيين، ولا يريد أن يبعدهم عن المشهد؛ لأن وجودهم في السياسة والخطاب الديني مفيد جدا له، ليظهر أمام الرأي العام أن هناك حراكا سياسيا، وأن النظام ليس لديه مشكلة مع تيار الإسلام السياسي، بدليل وجود السلفيين وحزب النور على الساحة"، لافتا إلى أن "هذا كان السبب الأساسي في وجود حزب النور في مشهد 30 حزيران/ يونيو 2013".