سلطت
الصحف الإيطالية الضوء على رد فعل النظام على إثر التفجيرات التي استهدفت الكنائس القبطية الأحد الماضي، وارتفاع وتيرة القمع بشكل واضح منذ ذلك اليوم. وأشارت الصحف الإيطالية إلى اتهام النشطاء والحقوقيين لقائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي باستغلال التفجيرات لتفعيل قانون الطوارئ واستهداف المعارضين، في ظل عجزه عن حماية الطائفة القبطية ومواجهة خطر تنظيم الدولة.
في هذا الصدد، نشرت صحيفة "غلوباليست" الإيطالية، تقريرا تحت عنوان "وتيرة القمع ارتفعت في
مصر منذ تفجيرات الكنائس"، بينت فيه أن الهجمات التي تعرض لها الأقباط مثلت ذريعة لترسيخ الدولة البوليسية وقمع الحريات في مصر، في بلد يعاني فيه المواطنون من غياب الحريات الشخصية، والسيطرة على كل منابر الإعلام، علاوة على إنشاء محاكم خاصة بموجب قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن السيسي أباح لأجهزته فرض قيود على حرية التجمع والتحرك والسكن في أماكن وأوقات معينة، وأصدر قائد الانقلاب قرارا ينص على التمديد في فترة السجن الاحتياطي لستة أشهر قبل أن يحق للمتهم الاعتراض.
وذكرت الصحيفة أن السيسي يمارس رقابة قوية على الصحف المصرية وجميع أنواع المنشورات، ومديري التحرير فضلا عن كل وسائل التعبير على الرأي في مصر. وفي الوقت ذاته، يمتلك السيسي السلطة المطلقة لمصادرة أي صحيفة مطبوعة أو غلقها، مستندا في ذلك إلى أحد القوانين الذي ينص على أن "المحاكم العليا لأمن الدولة هي الوحيدة المسؤولة عن المحاكمة في مختلف الجرائم التي تعتبر خرقا للأوامر الصادرة عن الرئيس وممثليه".
وأوردت الصحيفة أن قانون الطوارئ المصري رقم 44 يعود إلى 50 سنة مضت، حيث تم وضعه خلال حرب سنة 1967 وظل ساريا إلى سنة 1980، ليتم تفعيله من جديد بعد سنة واحدة إثر اغتيال الرئيس أنور السادات. وإثر سقوط نظام حسني مبارك تم تمديد
حالة الطوارئ إلى حدود أيار/ مايو سنة 2012. وفي سنة 2013، تم تفعيل قانون الطوارئ مجددا إبان القمع الوحشي الذي مارسته سلطات الانقلاب المصري على أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي.
من جهتها، نشرت صحيفة "المانفستو" تقريرا، تحت عنوان "قرارات السيسي تستهدف المعارضين وليس الإرهابيين"، أوضحت من خلاله أن الطائفة القبطية في مصر تشعر بأن النظام غير قادر على حمايتها من الهجمات الإرهابية. والجدير بالذكر أن أبا إسحاق المصري وأبا البراء المصري، ثبت أنهما الانتحاريان اللذان تسببا بمقتل 44 قبطيا في هجمات الأحد الماضي، في طنطا والإسكندرية، مع العلم أنهما قد حاربا سابقا في سوريا تحت راية تنظيم الدولة.
وذكرت الصحيفة أن هذه الهجمات قد عمقت مخاوف الطائفة القبطية، حيث خرج الأقباط للشارع وعبروا عن غضبهم أثناء التحضير لجنازة الضحايا. وفي هذا الصدد، صرح بعضهم: "نحن عاجزون، ولا أحد يحمينا، في حين أن السلطات لم تتمكن من فرض إجراءات أمنية ناجعة".
وأشارت الصحيفة إلى أن موجة الخوف قد انتشرت في مختلف أرجاء مصر ولم يعد هناك مكان آمن، حتى في العاصمة، القاهرة. ويعزى ذلك إلى أن تنظيم أنصار بيت المقدس، الذي يعتبر فرع تنظيم الدولة في مصر، قد نجح في السيطرة على شمال سيناء، على الرغم من أن اللواء مصطفى الرزاز قد ادعى في العديد من المناسبات أن السلطات قد "كسبت المعركة ضد الإرهابيين".
وتجدر الإشارة إلى أن السيسي أعلن حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، ومن المرجح أن تكون هذه الخطوة بمثابة رسالة موجهة للفاتيكان لطمأنة البابا فرانسيس بأن كل شيء تحت السيطرة قبل أيام من زيارته لمصر.
وأفادت الصحيفة أنه إثر صدور قرار الجنرال السيسي بتفعيل حالة الطوارئ، نشرت وزارة الدفاع الآلاف من قواتها وعرباتها المدرعة في الشوارع. واعتبرت الصحيفة أن هذه التحركات تشير إلى سطوة الديكتاتور السيسي، الذي منح أجهزته الأمنية حق محاكمة المدنيين، والتنصت على مكالماتهم ومراسلاتهم، علاوة على فرض المزيد من الرقابة على الإعلام.
وفي هذا السياق، تم قبل أيام مصادرة صحيفة البوابة التي تعتبر مساندة للنظام، على خلفية افتتاحية رئيس التحرير الذي اتهم فيها وزير الداخلية مجدي عبد الغفار بالتقصير.
ونقلت الصحيفة تصريحات الناشط الحقوقي جمال عيد، الذي أقر بأن "السيسي يدعي أن حالة الطوارئ تهدف لمحاربة الإرهاب، إلا أنها في الحقيقة تمنح المزيد من السلطات والنفوذ للنظام لقمع المعارضين والنشطاء. من الواضح أن هذه الإجراءات لا تستهدف الإرهاب، إذ إن أي إرهابي مصمم على تنفيذ هجوم إرهابي لن تثنيه هذه القوانين التي أصدرها السيسي. هذه الإجراءات لا تؤثر إلا على المعارضين والمجتمع المدني".
وأشار عيد إلى أن غياب العدالة في مصر يتجلى بوضوح من خلال الإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك، وتبرئته من كل الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب، في حين أنه يسلب العديد من المواطنين حريتهم لسنوات طويلة لمجرد مشاركتهم في المظاهرات.
وفي الختام، أوردت الصحيفة على لسان جمال عيد أن اغتيال الطالب الإيطالي جوليو ريجيني بطريقة وحشية يجسد بكل وضوح سطوة الأجهزة الأمنية في مصر. وأكد عيد أن الجانب المصري لن يفصح عن الحقيقة في قضية ريجيني، نظرا لأن النظام الحاكم لا يريد ذلك.