نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الهجمات التي تعرضت لها
كنائس في
مصر، وقد سلطت هذه الهجمات الضوء على وضع
الأقباط المسيحيين في مصر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأقلية القبطية اتهمت حكومة عبد الفتاح
السيسي بالتخلي عنهم وتهميشهم، بينما اعتبر البعض الآخر أن "الأقباط يدفعون الآن ثمن مساندتهم للانقلاب الذي مكن السيسي من اعتلاء كرسي الحكم".
وقد دفع غياب أرقام دقيقة حول عدد المسيحيين في مصر؛ المواطنة المسيحية "مربات"، إلى اعتبار ذلك مؤشرا على "تهميش الأقلية المسيحية وعدم إيلائها أية أهمية"، في بلاد الفراعنة.
وذكرت الصحيفة أنه خلال الحديث معها، ألقت المرأة بنظرة اشمئزاز على بقايا قبة الكنيسة التي كانت تصلي فيها.
وأضافت الصحيفة أن الهجمات على كنائس مصر تزامنت مع أحد الشعانين (وهو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح، لدى المسيحيين). وقد خلفت الهجمات الأخيرة في مصر حوالي 44 قتيلا، وعشرات من الجرحى.
ونقلت الصحيفة تصريحات مينا ثابت، وهي ناشطة من أجل حقوق الأقليات الدينية، التي اعتبرت أن "المسيحيين أجبروا على الاعتقاد بأن حقوقهم لا تحترم إلا في الكنيسة". وأضافت ثابت: "لقد دُفعنا لتبني فكرة أن هذه هي الطريقة الوحيدة للظفر بحقوقنا. إلا أنها ليست إلا وسيلة للسيطرة علينا، لا غير".
وأكدت الصحيفة أن شعور الأقباط بعدم الأمان والتهديد في مصر أمر واقع ولا يمكن لأحد إنكاره، وهو ما اضطر الكثيرين منهم إلى الهجرة خارج البلاد. وقد تسارعت حركة الهجرة على وجه الخصوص إثر تولي الرئيس السابق، محمد مرسي الحكم. واعتبرت ثابت أن "مرسي لم يكن ذكيا، فقد كان يتحتم عليه أن يوجه خطابا مطمئنا للمجتمع، إلا أنه لم يقم بذلك". في المقابل، أظهر المسيحيون (والعديد من المصريين) دعمهم الكامل للسيسي وتأييدهم لسياسته إثر انقلابه على مرسي.
وبينت الصحيفة أن التقارب "والصداقة" التي كانت تربط بين البابا تواضروس الثاني والسيسي، جعلت الكنيسة تتخذ موقفا مواليا لحكومة السيسي، حسب ما أكدته ثابت. ولكن موالاتهم للنظام لم تساعدهم على التصدي للتهديدات التي يتعرضون لها.
وأوردت الصحيفة أنه كلما برر السيسي قمع أي صوت معارض، ومحاكمة وسجن الإسلاميين أو النشطاء أو المعارضين، صدحت الكنيسة مدافعة عن النظام وممارساته الوحشية. وفي هذا الإطار، كشفت ثابت أنها تعرضت للسجن، كما أنها تخشى أن تعود وراء القضبان مرة أخرى بسبب انتقادها لسياسة السيسي.
وأوردت الصحيفة وجهة نظر المخرج السينمائي ثامر عزيز، الذي يرى أن "الأقباط يدفعون الآن ثمن الانقلاب". وأضاف عزيز أن "الكنيسة كانت دائما في صف الحكومة. في المقابل، ساهم دعمها لحكومة السيسي، في تفاقم الوضع".
وكشفت الصحيفة أنه منذ سنة 2013، أي عقب تولي السيسي للحكم، ازداد الوضع سوءا بالنسبة لمسيحيي مصر. وقالت إن الهجمات الطائفية فضلا عن تهديد تنظيم الدولة، يعد دليلا على غياب التبصر وبرنامج سياسي واضح لحكومة السيسي.
وأوضحت الصحيفة أن الوضع في مصر يتطلب على وجه الخصوص اعتماد سياسات مختلفة؛ من شأنها أن تنشر الوعي وتساعد على تغيير الطريقة التي يتعامل من خلالها جزء كبير من المجتمع مع المسيحيين، حسب ثابت وعزيز. من ناحية أخرى، يعتبر التطرف في مصر نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي، وانعدام الحريات، والضغوط التي تمارسها عناصر الشرطة على المجتمع.
ونقلت الصحيفة عن عزيز أنه "أصبح من الصعب تحقيق مطلب الأمن في مصر، وهو ما لن يتمكن الشعب من تحمله. أما على شبكات التواصل الاجتماعي، فقد شرع المواطنون في تنظيم تحركات احتجاجية. وفي الوقت الحالي، ينتظر الجميع ما ستؤول إليه إجراءات دعم الاقتصاد. وفي ظل هذه الهجمات المتكررة، سيصبح من الصعب استيعاب ما تردده الكنيسة (لتبرير ممارسات السيسي)".