عُقد في العاصمة السورية
دمشق اجتماع نهاية شهر آذار/ مارس الماضي بحضور رسمي روسي، إلى جانب قيادة "الفيلق الخامس – اقتحام"، من أجل مناقشة إمكانية فك الحصار عن مدينة
دير الزور، عبر فتح طريق تدمر/ دير الزور.
وبحسب صفحات موالية، فإن الاجتماع حضره شخصيات عسكرية من النظام السوري، منها "اللواء محمد صالح، العميد دحام الجراد"، وأعداد من أبناء دير الزور، وشخصيات من قيادة قوات العشائر وغيرهم، حيث جرت المناقشة من أجل تطويع أعداد من أبناء دير الزور في الفيلق الخامس والدعوة لمن يرغب بذلك، إلى جانب دعوة الضباط المتقاعدين أبناء دير الزور للانضمام إلى الفيلق، على أن يتم إطلاق عملية عسكرية قريبة لفتح طريق تدمر دير الزور وفك الحصار عن المدينة.
ويأتي هذا الطرح، بعدما فرض النظام السوري سيطرته على مدينة تدمرالأثرية وسط البادية في 2 آذار - مارس المنصرم، حيث شكل الفيلق الخامس رأس حربة في العمليات العسكرية التي انطلقت من مطار T4 شرقي حمص.
وشاركت فيها أيضا "وحدة صيادي
داعش" المؤلفة من متطوعين روس يُقدر عددهم وفقا لرويترز بـ 100، معظمهم قاتلوا في الجيش الروسي سابقا، ومليشيات "الدفاع الوطني، وحزب الله اللبناني، ونسور الزوبعة التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي، وقوات الرضا وقوات التعبئة، التابعة للحرس الثوري القومي الاجتماعي، إلى جانب فيلق فاطميون وكتائب الإمام علي التابعة للحشد الشعبي العراقي".
السيطرة على السخنة أولا
بعد سيطرتها على مدينة تدمر، استمرت قوات النظام السوري والمليشيات الأجنبية والمحلية إلى جانبها، بالتقدم شرقا حتى وصلت إلى تلال المستديرة ورجم القلي، في حين ما زالت تبعد عن مدينة دير الزور مسافة 170 كم تقريبا؛ لذلك فإن عملية فك الحصار عنها تحتاج قطع مساحة جغرافية واسعة في عمق صحراء بادية الشام، على أن تكون الوجهة الأولى هي السيطرةعلى مدينة السخنة الواقعة بين تدمر ودير الزور، وأقرب نقطة لقوات النظام السوي عنها هي 45 كم تقريبا.
ومن المعلوم أن قوات النظام والمليشيات المقاتلة إلى جانبه، أُنهكت خلال المعارك الأخيرة، إلا أن الصحفي السوري محمد حسان وهو أحد أبناء دير الزور، يقول في حديث خاص لـ"
عربي21": إن "روسيا تسعى إلى تجنيد أبناء العشائر من خلال استقطاب زعمائها، لكن ذلك غير كافٍ، فهؤلاء القادة لا يملكون دوائر بشرية محيطة، وهم شخصيات منبوذة أصلا من عشائرها بسبب موقفها المؤيد للنظام السوري".
وروسيا حسب حسان قادرة على الوصول لدير الزور في حال وضعت ثقلها ودعمها للقوات على الأرض بشكل قوي، كما فعلت في حلب وريف حماة هذا من طرف. وبسبب ضعف التنظيم وكثرة جبهات القتال التي يخوضها من طرف آخر، وهو بحاجة للوصول إلى السخنة أولا، لكن رغم ذلك، من المستبعد أن يتخلى تنظيم الدولة عن السخنة بسهولة، خاصة أنه بدأ يفقد الكثير من مناطقه، ويريد أن يجعل من دير الزور والبادية الجنوبية مركز ثقل رئيسي له،كما أن هذه المناطق توجد في البادية وبينها مساحات شاسعة من الصحارى، ما يصعب العملية على الطرف المهاجم والمدافع في الوقت نفسه.
وتعتبر السخنة ثاني أكبر مدن البادية السورية بعد تدمر، ويتخذ منها تنظيم الدولة قاعدة لتجميع قواته المنسحبة من تدمر، وإذا استطاع النظام السوري السيطرة عليها يصبح على مرمى حجر من فك الحصار عن مناطق سيطرته في مدينة دير الزور، فمنها ينطلق نحو قرية الشولا الاستراتيجية، مثلما أوضح حسان.
الواقع العسكري؟
الهجوم المحتمل الذي يمكن أن تنفذه قوات النظام السوري بتغطية نارية روسية، من أجل فك الحصار عن مدينة دير الزور سيكون من جهة الجنوب، وهذا يقتضي السيطرة على طريق تدمر – دير الزور، في منطقة السخنة التي ما تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة، حسب تقدير الخبير العسكري حاتم الرواي، وهو أحد أبناء المحافظة.
وأضاف الراوي خلال حديث خاص لـ"
عربي21"، أن ما يعزز موقف النظام السوري هو وجود مطار دير الزور الذي ستشكل روسيا والنظام من خلاله جسرا جويا لدعم القوات المحاصرة فيه، كما يساهم وجود قوات "
قسد" في الشمال التي تقدمت باتجاه دير الزور، في الضغط باتجاه منطقة المعامل والقرى الملاصقة للمدينة على الضفة اليسرى لنهر الفرات.
ويبدو أن روسيا تنطلق في مناقشة خطتها العسكرية لفك الحصار عن دير الزور، من "الضعف الذي حل بالتنظيم في العراق والوضع الصعب لمقاتليه في الرقة، بالشكل الذي يسهل هذه المهمة، إلا إن تكرر سيناريو تدمر الذي لم يتجاوز حالة الاستلام والتسليم"، وفقا لاعتقاد الراوي.
وفي الوقت نفسه يؤكد المحلل العسكري، الخبير بجغرافية محافظة دير الزور، أن عدم وجود أيّة نقطة ارتكاز للنظام السوري في الريف الذي يمتد على مساحات مترامية واسعة، سيتطلب أعدادا كبيرة جدا من المقاتلين قبل التفكير في اجتياحه، وهذا ما يعجز عنه؛ لذا فإن استطاع الوصول للمدينة وفك الحصار عنها عبر مد لسان عسكري، فسيستحيل عليه اجتياح الريف.
عدا عن الحقد المتأصل في كامل المناطق الشرقية على المليشيات التي تدعمها إيران وحزب الله، الذي سيدفع الأهالي للقتال إلى جانب تنظيم الدولة بالرغم من كرههم له، لا سيما عندما يكون البديل النظام أو المليشيات الإيرانية، وربما حتى "قسد".
ويقول الراوي، إن "النظام السوري يسيطر على الجهة الجنوبية من مدينة دير الزور على شكل هلال بطول 18 كم، يمتد من مطار دير الزور شرقا إلى قرية عياش غربا مرورا بدوار الدلة، وهو مدخل طريق دمشق من جهة تدمر، ويقع اللواء 137 على بعد 5 كم عنه إلى الجنوب، ثم إلى حيّي القصور والجورة وقسم من حي الموظفين، وفيها المحافظة والأفرع الأمنية، ثم إلى قرية عياش غربا، وتنظيم الدولة يسيطر على باقي مدينة دير الزور وكامل ريف المحافظة".