نشرت وكالة "أسوشيتد برس" مقالا للصحافية كارين لوب، تقول فيه إن العاهل الأردني الملك
عبد الله الثاني سيتمكن من نقل ما اتفق عليه العرب خلال قمتهم الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب في البيت الأبيض يوم الأربعاء، حيث كرر القادة العرب عرضهم بالاعتراف بإسرائيل مقابل إقامة دولة للفلسطينيين.
وتتساءلت لوب في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلة: "هل يمكن للمبادرة العربية التي تم إحياؤها مع تحمس ترامب المعلن حول التوصل إلى صفقة أن تفتح الأفق أمام المفاوضات
الإسرائيلية الفلسطينية المتعثرة؟".
وتشير الكاتبة إلى أن الزعماء العرب جددوا في قمتهم السنوية الأسبوع الماضي عرضا كانوا قد تقدموا به لإسرائيل عام 2002، الذي يشمل الاعتراف من عشرات الدول العربية والإسلامية مقابل السماح بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، مستدركة بأن إسرائيل قاومت فكرة الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وحاولت دون جدوى إعادة التفاوض على المبادرة الأصلية.
وتقول لوب: "يمكن للملك أن يقول لترامب بأن الزعماء العرب جاهزون لتحقيق ما وصفه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بـ(المصالحة التاريخية بين إسرائيل والعالم العربي كاملا)".
وتستدرك الكاتبة بأن "الملك سيقرن احتمال السلام الإقليمي بتحذير، حيث يرى الأردن بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي دام لعقود، لا يزال في لب الاضطرابات الإقليمية، وإن سمح له بالتفاقم فإنه سيقوض أهداف إدارة ترامب في الشرق الأوسط باحتواء إيران وهزيمة تنظيم الدولة".
ويورد المقال نقلا عن المبعوث الدولي لترامب، جيسون غرينبلات، قوله للزعماء العرب على هامش القمة الأسبوع الماضي في الأردن، إن الرئيس الأمريكي له مصلحة شخصية في التوصل إلى صفقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبأنه يعتقد أنها ممكنة.
وتلفت لوب إلى أن "ترامب لم يفصح عن شكل الاتفاقية التي يريد التوصل إليها، لكنه يبدو أنه تراجع عن اقتراحاته الأولية، بأنه يمكن أن يتصور بديلا لحل الدولتين المدعوم دوليا، الذي أيده رؤساء أمريكيون سابقون".
وتذكر الكاتبة أن مبعوثي ترامب يحاولون إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضع حد لبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، والتخفيف من القيود الاقتصادية المفروضة على الفلسطينيين، مشيرة إلى أن هذا تحرك أمريكي تقليدي عندما تحاول أمريكا إعادة بدء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وبحسب المقال، فإن المسؤولين الفلسطينيين مدحوا غرينبلات، قائلين بأنه كان منفتحا تجاه مخاوفهم خلال زيارته ليستمع للطرفين، لافتا إلى أن ترامب قدم نفسه سابقا على أنه مؤيد قوي لإسرائيل، ما تسبب بمخاوف في العالم العربي، واحتفاء بين الإسرائيليين المتطرفين.
وتبين لوب أن الإدارة الأمريكية حاولت منذ ذلك الحين تعديل التوازن في بعض الجوانب، وطالبت بإبطاء حركة الاستيطان، والانتظار بخصوص وعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المتنازع عليه، حيث حذر الأردن، الراعي الرسمي للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بأن تحركا كهذا سيشعل التطرف.
وتنقل الكاتبة عن البعض، قولهم إن الأحداث الأخيرة يمكنها أن تفتح الباب أمام المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، بالرغم من أن إدارة ترامب لم تشكل بعد استراتيجية واضحة بخصوص الشرق الأوسط.
وتورد لوب نقلا عن المحلل الأردني موسى شتيوي، قوله إن اهتمام ترامب الشخصي في التوصل إلى صفقة يغاير نهج الرئيس السابق باراك أوباما، الذي اعتمد على عدم التدخل، بالإضافة إلى أن العلاقة الطيبة بين ترامب ونتنياهو قد تعطي الأول إمكانية ضغط أكبر على إسرائيل.
وتذهب الكاتبة إلى أن هناك عاملا مهما آخر هو الدعم العربي الواسع للمفاوضات، وهو ما سيبلغه الملك لترامب يوم الأربعاء، وقال شتيوي، وهو رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية: "هناك نافذة أمل.. يجب أن نكون متفائلين بحذر".
وبحسب المقال، فإن البيت الأبيض سيؤكد دور الملك عبد الله الثاني في الشرق الأوسط بصفته وسيطا وحكما في التوافق العربي، منوها إلى أن الأردن يريد من أمريكا وعدا أكيدا بأن واشنطن ستحاول إحياء جهود السلام، بإقناع إسرائيل بالتفاوض بشكل جدي حول إقامة دولة فلسطينية، بحسب مسؤول حكومي، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه؛ لأنه لم يكن مصرح له بالتحدث إلى المراسلين حول الجهود الدبلوماسية.
وتنوه لوب إلى أنه لم تكن هناك أي مفاوضات إسرائيلية فلسطينية جادة منذ توسعت الهوة بانتخاب نتنياهو عام 2009، حيث لم يتراجع نتنياهو رسميا عن مبدأ حل الدولتين، لكنه توقف عن ذكر ذلك في الأسابيع الأخيرة، ويخالف معظم أعضاء حكومته الفكرة.
وتفيد الكاتبة بأنه كانت هناك تقارير الأسبوع الماضي تقول إن نتنياهو قال لوزراء حكومته بأنه من المهم أن تبدي إسرئيل نوايا حسنة، وألا تبدو بالنسبة لترامب حجر عثرة أمام أي مبادرة أمريكية.
وتستدرك لوب قائلة: "لا يبدو أن طلب أمريكا من إسرائيل إبطاء عملية بناء المستوطنات أدى إلى نتائج، حيث صادقت إسرائيل الأسبوع الماضي على بناء مستوطنة جديدة -الأولى منذ عشرين عاما- وهو ما أشار إليه نتنياهو بالتزامه بوعوده للمستوطنين، وفي الوقت ذاته اقترح نتنياهو أن يضع الإسرائيليون حدودا من جانب واحد للبناء".
وينقل المقال عن مبعوث نتنياهو مايكل أورين، الذي قابل غرينبلات يوم الاثنين، قوله بأنه يريد من الدول العربية أن تأخذ خطوات صلبة "للإثبات بأنها لا تتحدث عن السلام مجرد حديث، بل إنها تقصد ما تقول"، وأضاف أورين أن هذا سيتضمن "جوانب تطبيع"، لكنه لم يوضح، مشيرا إلى أن عملية تقوم على خطوات تعبر عن حسن النوايا من شأنها أن تقود إلى اتفاق سلام.
وتشير الكاتبة إلى أن "هناك نقطة أخرى مهمة بالنسبة للأردن، هي الحرب ضد تنظيم الدولة، الذي يسيطر على أراض في العراق وسوريا المجاورتين، وقد أظهر المتطرفون، من خلال سلسلة من الهجمات، بأنهم يشكلون تهديدا للأردن الذي يميل للغرب".
وتذكر لوب أن الأردن كان جزءا من التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة على مدى العامين الماضيين، حيث يستضيف مدربين غربيين، ويقوم بتنفيذ غارات جوية ضد تنظيم الدولة، لافتة إلى أن مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض وصف الأسبوع الماضي الأردن بأنه الشريك "الأهم" في الحرب ضد المتطرفين.
وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن مصالح أمريكا والأردن تلتقي في سعي كل منهما لتصعيد الحملة ضد تنظيم الدولة.