خلال زيارته لـ"عرين الأسود" في سجن مجدو
الإسرائيلي، شدد كاتب إسرائيلي ذو خلفية عسكرية على أهمية "
التصفية الهادئة" كطريقة ناجعة في الخلاص من قادة المقاومة الفلسطينية.
عرين الأسود
وقال الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "معاريف" العبرية، أفرايم غانور: "للتصفيات الهادئة (الناعمة) أثر أهم بكثير من التصفية من الجو أو بأي وسيلة أخرى"، مضيفا: "هذه الحقيقة تعلمتها من لقاء كان لي قبل سنوات مع أكبر كارهي إسرائيل، رجال كتائب عز الدين القسام، الذين اعتقلوا بعد تنفيذهم العمليات، وحبسوا في سجن مجدو، في الفترة التي كان السجن فيها تحت قيادة الجيش الإسرائيلي".
وأضاف في مقال له نشر اليوم في "معاريف": "جئت إلى سجن مجدو لإعداد تقرير عن الأجواء في السجن العسكري الأكثر توترا، وسمح لي قائد السجن باللقاء، وهكذا دخلت إلى عرين الأسود من كبار (القتلة) الذين استضافوني في وجبة الغداء".
وأشار إلى أن "معظم المحيطين بالطاولة من قيادة السجناء، ممن أرسلوا إلى السجن قبل فك الارتباط عن قطاع غزة، في الفترة التي كان يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في القطاع، فلسطينيون وطنيون، كارهون لإسرائيل بشدة، لكن رغم ذلك دار الحديث بيننا في أجواء طيبة، حتى عندما حاولت مواجهتهم بالواقع القاسي الذي يقودون إليه".
وتابع غانور: "سرعان ما فهمت بأنهم يؤمنون بأن لكفاحهم المسلح ضد إسرائيل مستقبل، وبأنه بمعونته يوجد لهم أمل في وضع حد للاحتلال الإسرائيلي، ناقلا قول أحد أسرى الفلسطينيين له: "هل يبدو معقولا لك أن شعب رجال الاحتياط (إسرائيل) مع القروش وهم يتحركون بصعوبة يمكنهم أن يوقفوا روح شباب غزة، المفعمين بالإيمان وبروح القتال؟".
قلب غزة
وخاطب الأسير الفلسطيني الكاتب غانور، وهو ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي: "نحن نأكلهم بلا ملح"، سأل الكاتب: "فكيف إذن وصلتم إلى السجن؟" فأجاب الأسير: "لأننا نضع كل شيء على الطاولة".
ومضى غانور، وقالوا لي: "لديكم بضع وحدات خاصة، رأيناها وعملنا ضدها، وبالفعل توجد لديها قدرات وتكنولوجيا متطورة. بسببها فقط نحن هنا، أما كل الباقين فلا يساوون شيئا، لو كنتم متعلقين بهم، لما كنا هنا اليوم، لقد تعلمنا من أساليب هذه الوحدات الكثير، أعمالها كانت تبقينا بلا أجوبة، بلا آثار وبلا طرف خيط، وبالنسبة لنا كان هذا هو الأصعب".
وقال الأسير: "حين كانت تأتي طائرة (حربية)، أو طائرة بلا طيار، وتسقط قذيفة دقيقة وتصيب، فإنك تعرف من أين جاء هذا، أما الأعمال الهادئة والمفاجئة فهي أكثر إيلاما؛ لأننا لا نعرف من أين جاء هذا، وكيف جاء، وكيف اختفى"، وفق ما نقله الكاتب الإسرائيلي.
السلاح الأكثر
وأوضح غانور أن "التصفية الأخيرة للقيادي في حماس مازن فقهاء، في قلب غزة، والمنسوبة لإسرائيل، أخرجت قادة حماس عن هدوئهم، وأثارت قلقا في أوساط الكثير من سكان القطاع"، معتبرا أن "انعدام الوسيلة والردود المهددة التي جاءت من غزة في أعقاب التصفية تثبت أن أصبع الاتهام موجه لإسرائيل؛ لأنهم يعرفون بأنها هي وحدها القادرة على تنفيذ عملية نظيفة ومفاجئة كهذه دون ترك آثار في الميدان".
ولفت إلى أن "مثل هذه العمليات للإرهاب ضد الإرهاب، والتي لا تسمح لأعدائنا أن يعيشوا بهدوء، وتطالبهم بأن يغيروا كل يوم مكان نومهم، وأن يسيروا بإحساس أن هنالك في كل لحظة أحد ما يمكن أن يفاجئهم؛ كل ذلك يخرجهم (قادة المقاومة) عن أطوارهم، ويدفعهم لأن ينشغلوا بالنجاة بدلا من التخطيط للعمليات".
كما أن "هذه الظواهر ترتبط بشكل مباشر بما سمعته من سجناء حماس في سجن مجدو، لقد فهمت منهم بأن التصفيات المفاجئة والهادئة هي السلاح الأكثر نجاعة ضد أولئك الذين خطوا الإرهاب على عَلَمهم"، وفق زعم الكاتب.
ورأى غانور في ختام مقاله أن هناك "جانبا هاما آخر لأعمال التصفية الهادئة والمفاجئة، وهو المس الشديد بالأنا العربية، وهذه نقطة حساسة لدى أولئك الذين يحرصون على أن يخلدوا في كل موقع صور الشهداء والتفاخر بأفعالهم"، مؤكدا أن "عمليات التصفية كهذه هي ضربة قاسية ومهينة لفكرة الأبطال والشهداء لعز الدين القسام، وهي تُعفر الكرامة الحماسية في التراب"، وفق قوله.