نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا أعدته مولي هينسي فيسك من مركز لاجئين لا يبعد إلا 20 ميلا جنوب
الموصل، تقول فيه إن سكان الموصل الفارين من مناطق
تنظيم الدولة يواجهون تحقيقا عندما يصلون إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات
العراقية، حيث يجب التحقق أولا من هويتهم، وإثبات أنهم لم يتعاونوا مع تنظيم الدولة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الجانب العراقي لديه قائمة من 40 ألف شخص في قاعدة بيانات على الحاسوب، تقول إنهم متعاطفون مع تنظيم الدولة، لافتا إلى أنه كان يقف أمام الضابط العراقي، الذي لديه القائمة على حاسوبه الخاص، شخص اسمه أحمد حسين حسن، وهو اسم شائع في العراق.
وتلفت الكاتبة إلى أن حسن يبلغ من العمر 32 عاما، وهرب من الموصل مع عائلته وجيرانه، وقبل دخولهم إلى مخيم اللاجئين على الشرطة أن تفحص أسماءهم، وتتأكد من أنهم لاجئون وليسوا مقاتلين متخفين بين المدنيين الهاربين.
وتقول الصحيفة إنه بعد ستة أشهر على بداية عملية الموصل فإن آلاف المواطنين لا يزالون يفرون من المدينة، مشيرة إلى أنه مع زيادة الهاربين، حيث يصل عددهم اليومي لحوالي 15 ألف نازح عبر منطقة حمام علي، فإن جهود قوات الأمن للتدقيق في بيانات النازحين زادت، بالإضافة إلى التخلص من الازدحام في الوقت ذاته.
وينقل التقرير عن الجنرال باسم خالد، قوله: "وظيفتنا هنا إظهار أننا جئنا لمساعدة الناس وإنقاذهم من الجحيم"، ويضيف: "نعمل بناء على القواعد، مثل أي طرف آخر، وقيل لنا إن حقوق الإنسان هي المهمة".
وتبين فيسك أنه أمام المخيم، الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، فحص الشرطي هوية حسن، التي استخرجها قبل سيطرة تنظيم الدولة على الموصل، وبدا فيها حليق الوجه، وسأل الشرطي حسن: "ما هي أسماء إخوانك؟" وذكرها حسن له، وتبسم وهز كتفه، وأكد أنه ليس من تنظيم الدولة، وقال: "لقد طلبوا منا إطلاق لحانا، والآن جئت إلى هنا، ويقولون -الشرطة- إنني من تنظيم الدولة"، لافتة إلى أن الشرطة قامت بفحص اسمه ومقارنته مع اسم أبيه وجده، وأعطته بطاقة الهوية وهو الآن حر.
وتستدرك الصحيفة بأن هذا لا يحدث في الأحوال كلها، حيث تم احتجاز العشرات ممن يشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة خلال الأسابيع الماضية عندما فحصت الشرطة هوياتهم، منوهة إلى أن الحكومة تعرضت لانتقادات أثناء حملات عسكرية سابقة، عندما سمحت للمليشيات الشيعية بالتدقيق على الرجال السنة، الذين تعرضوا لاحقا للتعذيب، واختفوا بحسب تقارير لمنظمتي "هيومان رايتس ووتش" و"أمنستي إنترناشونال".
وينوه التقرير إلى أنه تم الاعتراف الآن بالمليشيات، حيث أصبحت تابعة لرئيس الوزراء، وتم حشدها للمشاركة في حملة الموصل، ونقل عن متحدث باسمها قوله إنهم تعلموا من الدروس السابقة، وإنهم يقاتلون بحرفية على أطراف المدينة السنية.
وتورد الصحافية نقلا عن الباحثة العراقية البارزة في منظمة "هيومان رايتس" بلقيس وايلي، قولها إن
الحشد الشعبي ما كان له أن يؤدي دورا في العملية، وأضافت: "نحن قلقون من الطريقة التي ستنفذ فيها الإجراءات، وماذا سيحدث للمعتقلين، والقلق أكبر في المناطق البعيدة التي لا نستطيع الوصول إليها، خاصة المناطق التي لا يوجد فيها سوى الحشد الشعبي".
وتذكر الصحيفة أن عناصر الحشد الشعبي لم تكن موجودة في حمام علي، لكن الشرطة من بغداد هي التي ساعدت الشرطة الفيدرالية وخدمات الأمن القومي في فحص القادمين.
وينقل التقرير عن الضابط سعد محمود، قوله: "نحن هنا لتغيير فكرة الناس عن الشرطة، ونريد منهم فهم أننا هنا لمساعدتهم".
وتكشف فيسك عن أنه تم اعتقال 50 شخصا اشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة، بناء على سجل الأسماء التي ظهرت على قائمة الحكومة، مبينة أن الشرطة تعتمد في اعتقال الأشخاص على معلومات من مخبرين يوثق بهم، وبعضهم حضروا ملثمين بالكوفية إلى مقر الشرطة، وقاموا بفحص الجماهير، وأشاروا لمن يقولون إنهم من تنظيم الدولة.
وتفيد الصحيفة بأن الشرطة تعترف بأن الاعتماد على مخبرين يمكن أن يكون خطيرا، وقالت إن بعض المخبرين حددوا رجالا يكنون لهم الحقد، وأشارت الشرطة لأحدهم، حيث قالت: "كان يؤشر لبعض الناس ويخبرنا عنهم".
ويورد التقرير نقلا عن قائد الشرطة علي نور رحمن، قوله إنهم وجدوا مخبرين يمكن الوثوق بهم، وأشار لأحدهم، قائلا: " قدم لنا هذا الرجل مساعدة جيدة، ونسمع ما يقوله لكننا نفحص كلامه".
وتقول الكاتبة إن الشرطة أحضرت مجموعة من 70 شخصا بعضهم حافي القدمين، وآخرون يرتعشون من البرد، مشيرة إلى أنه بعد فحص هوياتهم أخذوا رجلا منهم عمره 27 عاما، وشدوا ياقة جاكيته الأسود، وأدخلوه إلى الكرفان الذين يعملون فيه، حيث قال: "لست من تنظيم الدولة، هذا خطأ، لم أفعل أي شيء افحصوا كل شيء"، ورد ضابط الشرطة قائلا: "لم نقل إنك من تنظيم الدولة، لكن اسمك على القائمة"، وأكد الرجل قائلا: "أقسم بالله إنني لم أفعل شيئا".
وبحسب الصحيفة، فإن الشرطة طلبت من المخبر الحضور إلى الكرفان، ووافق بشرط إبقاء لثامه، ولم يستطع تحديد هوية الرجل على ما يبدو، إلا أن الشرطة قررت الاحتفاظ بالرجل على شبهة كونه متعاطفا مع التنظيم.
ويذكر التقرير أن الشرطة تقوم بتسليم المشتبه بهم إلى قوات الأمن، ويسلمون في بعض الحالات إلى المخابرات العسكرية، حيث ينتظرون محاكمتهم، ولو تمت إدانتهم فإنهم سيواجهون عقوبات مشددة، من 15 عاما في السجن بتهمة مساعدة المتطرفين، إلى الإعدام بتهمة ارتكاب أعمال عنف.
وتقول فيسك إن أما جاءت باكية تقول إن ابنها أعطى الشرطة بطاقة هويته ولم تعيدها له، وقال الضابط سعد محمود: "في كل مرة يأخذ تنظيم الدولة هوية أبنائهم يأتون ويقولون إنهم فقدوها"، حيث لم يكن الابن واسمه أحمد على قائمة الشرطة، التي قالت إنه لن يدخل المخيم دون بطاقة جديدة، ولم يقولوا له كيف، وانتظر مع أمه دون مساعدة من أحد.
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن أشرف أحمد نوري (21 عاما) جاء حاضنا ابنته منارة، البالغة من العمر 11 شهرا، التي نجت من الهجمات بعدما قتلت زوجته وأقارب له، وقال إن تنظيم الدولة حذر المدنيين ألا يثقوا بالشرطة، لافتة إلى مشاهدة فارين وصلوا إلى المخيم، وعاشوا لأيام دون طعام أو شراب وكانوا منهكين.