واصلت القوات
العراقية، الثلاثاء، تقدمها على حساب
تنظيم الدولة، في إطار سعيها للوصول إلى مسجد له دلالة رمزية أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خلافته عام 2014، فيما تتفاقم الكارثة الإنسانية باستمرار استهداف المدنيين وتدفق اللاجئين.
مسجد النوري
وخاضت قوات الجيش والشرطة معارك حول محطة القطار في جنوب غرب المدينة مع فرار السكان، وتقدمت وحدات التدخل السريع المدعومة بطائرات الهليكوبتر الحربية تقدما حذرا باتجاه جامع النوري (الجامع الكبير) في غرب المدينة القديمة بالموصل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العميد يحيى رسول في مؤتمر صحفي في شرق
الموصل، إن القوات العراقية تسيطر على نحو 60 بالمئة من غرب المدينة حاليا، مضيفا أن القوات على بعد مئات الأمتار من جامع النوري.
والسيطرة على المسجد الجامع جائزة رمزية كبيرة ومكسب استراتيجي للحكومة، إذ أنه المكان الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي "الخلافة" في تموز/ يوليو 2014 بعد سيطرة المتشددين على مناطق كبيرة من العراق وسوريا.
وقال العميد سعد معن إن جنود الجيش العراقي قتلوا تسعة من قناصة التنظيم اليوم الثلاثاء ودمروا مصنعا للقنابل.
استهداف المدنيين
سقط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح، الثلاثاء، لدى استهداف سيارة مفخخة تابعة لتنظيم الدولة، بغارة جوية في منطقة "موصل الجديدة" غرب مدينة الموصل العراقية.
وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس محافظة نينوى، غزوان حامد الداؤودي، في تصريح، إن "طائرة حربية تابعة لطيران التحالف الدولي، استهدفت عجلة (سيارة) مفخخة كان يقودها انتحاري تابع لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة موصل الجديدة، وتمكنت من تفجيرها قبل أن تصل لهدفها".
وأضاف أن "تفجير العجلة المفخخة أسفر - للأسف - بسبب كمية المتفجرات التي كانت تحملها، عن تدمير عدد من المنازل القريبة المكتظة بالسكان، حيث قتل وأصيب نحو 30 مدنيا بينهم أطفال ونساء".
ولم يقدم المصدر تفاصيل إضافية حول عدد القتلى أو الجرحى وطبيعة الإصابات.
كما لم يجر الإعلان عن عدد الضحايا المدنيين بغرب الموصل، لكن سياسيا عراقيا بارزا قال الأسبوع الماضي إن العدد قد يصل إلى 3500 قتيل منذ بدء الهجوم على غرب الموصل في منتصف شباط/ فبراير.
وقال مستشفى ميداني أقامته مؤسسة خيرية أمريكية إنه عالج أكثر من ألف مصاب كثيرون منهم نساء وأطفال منذ يناير/كانون الثاني. وأضاف أن إصاباتهم ناتجة عن طلقات نارية وألغام أرضية وتفجيرات سيارات ملغومة وشراك خداعية.
وقالت امرأة أثناء فرارها باتجاه خطوط القوات الحكومية: "نجلس داخل منزلنا والرصاص يأتينا من خلال الباب".
مئات آلاف النازحين
في سياق متصل كشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان، عن فرار أكثر من 415 ألف نازح من مدينة الموصل شمالي البلاد منذ انطلاق العمليات العسكرية لاستعادة المدينة من تنظيم الدولة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقال المرصد، في تقرير، إن "عدد النازحين الذين وصلوا للمخيمات منذ انطلاق العمليات العسكرية في الموصل قبل نحو 5 أشهر بلغ أكثر من 415 ألف نازح، توزعوا على عدة مخيمات، بالإضافة إلى ذهاب بعضهم لدى أقاربهم في مناطق الجانب الشرقي للمدينة".
ونقل المرصد (غير حكومي) عن نازحين من الجانب الغربي للموصل أنهم توجهوا نحو الجانب الشرقي للمدينة لدى أقاربهم بسبب عدم وجود ما يساعدهم على البقاء أثناء تواجدهم في مخيم حمام العليل (جنوب الموصل)، الذي يعاني من نقص في بعض الخدمات.
وتابع المرصد أن "نصف مليون مدني ما زالوا يتواجدون في المناطق التي يُسيطر عليها داعش في أجزاء بالجانب الغربي للموصل".
وفي وقت سابق من اليوم، قال إياد رافد، عضو في جمعية الهلال الأحمر العراقية، إن "الحكومة الاتحادية أقامت مخيما جديدا في ناحية القيارة جنوب الموصل يضم نحو 6 آلاف خيمة، ويتسع لنحو 18 ألف نازح من الجانب الغربي للمدينة".
وتتوقع الأمم المتحدة نزوح نحو 400 ألف مدني من الجانب الغربي للموصل فقط، الذي أطلقت القوات العراقية عمليات عسكرية لاستعادته من قبضة تنظيم الدولة في 19 شباط/ فبراير الماضي، بعدما أعلنت في 24 كانون الثاني/ يناير الماضي استعادة الجانب الشرقي للمدينة.
وتفيد تقارير لمنظمات محلية ودولية معنية بحقوق الإنسان بأن المدنيين في الموصل يعيشون أوضاعا إنسانية قاسية نتيجة الحصار المفروض على المدينة منذ أشهر وشح الغذاء ومياه الشرب، فضلا عن شبه انعدام في الخدمات الأساسية الأخرى من قبيل الكهرباء والصحة.
من جهتهم قال ضباط عراقيون إن قوات الحكومة تحاول إجلاء المدنيين من المدينة القديمة التي يسيطر تنظيم الدولة في غرب الموصل حتى يتسنى للجنود تطهير المنطقة لكن قناصة من الجماعة المتشددة يعيقون هذه الجهود.
وأضافوا أن المتشددين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية مع تقدم وحدات الحكومة إلى جامع النوري وهو بؤرة القتال الأخير في الشهر الخامس من الحملة الساعية لطرد التنظيم من المدينة.
ومع بقاء ما يصل إلى 600 ألف مدني في القطاع الغربي من الموصل تتعقد المعركة التي يستخدم فيها الجيش العراقي المدفعية والضربات الجوية ويخوض فيها معارك برية.
تطمينات أمريكية
وفي واشنطن قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه حصل على تطمينات بدعم أمريكي أكبر أثناء محادثاته، أمس الاثنين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكنه حذر من أن القوة العسكرية وحدها لن تكون كافية.
وأبلغ العبادي منتدى في واشنطن بعد اجتماعه مع ترامب أنه جرى إبلاغه بأن "الدعم الأمريكي لن يستمر فحسب بل سيتسارع". وقال إن من المهم الفوز بتأييد السكان المحللين في الموصل لتحقيق سلام دائم.