نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن العاصمة السورية
دمشق شهدت أعنف المواجهات بين القوات الموالية لنظام بشار
الأسد وتلك المعارضة له، بعد شن الأخيرة هجوما مفاجئا على العاصمة من جهتها الشرقية، بشكل قضى على آمال النظام بنهاية قريبة للحرب، التي دخلت هذا الشهر عامها السابع.
وتقول الصحيفة إن غارات جوية مكثفة ساهمت في صد الهجوم، واستعادة الخسائر الأولى، حيث قام الحرس الجمهوري بصد هذا الهجوم، لكن الخسائر كانت فادحة، حيث قتل عدد كبير من الجنود، بما في ذلك ثلاثة ضباط كبار.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المعارضة صمدت حتى مساء أمس، وظلت تهاجم المباني الواقعة بين
جوبر والقابون، لافتا إلى أن جماعات غير جهادية تقدمت على بعد ميل من المدينة القديمة قادت الهجوم، الذي كان علامة على أنها لم تخسر الحرب بعد.
ويذكر سبنسر أن متحدثا باسم المعارضة دعا الروس والإيرانيين الداعمين لنظام الأسد إلى القبول بحقيقة أن الحرب لن يتم حسمها من خلال العمليات العسكرية، لكن عبر التسويات السياسية، مرجحا بدء جولة جديدة من المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة هذا الأسبوع في جنيف.
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم المعارضة في اجتماعات مؤتمر أستانة في كازاخستان، الذي عقد برعاية روسية، عصام الريس، قوله: "هذه رسالة واضحة للنظام والعالم بأن الجيش السوري الحر يستطيع تغيير الوضع في أي وقت"، وأضاف الرائد الريس، الذي انشق عن جيش النظام، ويتحدث باسم تحالف الفصائل المعتدلة: "يجب على روسيا وإيران معرفة أن الحل العسكري مستحيل".
ويجد التقرير أن تصريحات الريس تشير إلى أنه سيتم في الجولة المقبلة من المحادثات التأكيد أن المعارضة لن تتخلى عن مطالبها بسهولة.
ويلفت الكاتب إلى أن الهجوم بدأ صباح يوم الأحد عندما قام انتحاريان، أحدهما سعودي وآخر من وادي بردى، بتفجير نفسيهما بسيارات مفخخة، مشيرا إلى أن جماعة فتح الشام، التي كانت تعرف سابقا باسم جبهة النصرة، وهي اليوم جزء من تحالف إسلامي أوسع، يضم عددا من الفصائل اتحدت للدفاع عن جيب المعارضة القريب من دمشق، الذي يمتد من
القابون إلى جوبر، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
وتفيد الصحيفة بأن منطقة الغوطة الشرقية تعد من أكثر المناطق السكانية الواقعة تحت سيطرة المقاتلين وتشهد ذروة القتال، لافتة إلى أنه كان لدى المعارضة حوالي 450 ألف مقاتل فيها، أي أكثر من تلك التي قاتلت النظام في حلب، وكانت الغوطة تعرف في السابق "بحدائق دمشق"، ولا تزال تعتمد على نفسها في زراعة ما تحتاجه، إلا أن النظام فرض عليها حصارا، بالإضافة إلى تقدمه في الأشهر الأخيرة.
وبحسب التقرير، فإن الهجوم كان ناجحا، حيث وصل المقاتلون إلى ساحة العباسيين، التي تبعد ميلا عن المدينة القديمة، منوها إلى أن النظام لم ينجح في التقليل من أهمية الهجوم، حيث تعرض مراسل في المنطقة كان يتحدث مع مذيع لإطلاق نار.
وينوه سبنسر إلى أن الجيش استطاع رد المهاجمين عن المنطقة بغروب شمس الأحد، لكن النظام لم يكن قادرا على التقدم أكثر، حيث قام الطيران بدك المنطقة بعشرين
غارة.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم فيلق الرحمن وائل علوان، قوله إن الهجوم كان استباقيا؛ لأن النظام كان يحضر لعملية في الغوطة الشرقية، واعترف بأن المهاجمين أجبروا على الانسحاب تحت وابل الطيران التابع للنظام، الذي قتل 30 مقاتلا.
وتختم "التايمز" تقريرها بالقول إن "النظام، وإن كانت لديه اليد العليا في الحرب، إلا أنه لم يستطع استعادة المناطق الأخرى في البلاد، خاصة التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة والأكراد، وقد ينتهي الروس والأمريكيون، الذين دعموا الأطراف كلها في الحرب، باستخدام
الأكراد ورقة رهان من أجل إجبار الأطراف كلها على التنازل".