نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على تقدم القوات
العراقية نحو المناطق الغربية من
الموصل بعد سيطرتها على المناطق الشرقية، التي لا زالت تحت وطأة قذائف الهاون ودوي أصوات التفجيرات.
وتعمل القوات العراقية على تضييق الخناق أكثر على
تنظيم الدولة من خلال استعادة غرب الموصل، خاصة المدينة العتيقة التي تعد آخر معاقل التنظيم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان الموصل لم يقاوموا مقاتلي تنظيم الدولة يوم 10 حزيران/ يونيو سنة 2014، بعد أن ضاقوا ذرعا بانتهاكات القوات العراقي لحقوقهم، إضافة إلى قيامها باعتقالات عشوائية، فضلا عن تعرضهم لابتزازات الجنود ورجال الشرطة.
وفي هذا الصدد، تحدث محمد فارس، وهو أستاذ بمدرسة التمريض التابعة لجامعة الموصل، قائلا إن "تنظيم الدولة وعد بتطبيق العدالة ومد يد العون للسكان والحفاظ على السلم والأمن. وقد اعتقدنا بأنها ثورة
السنة في وجه ظلم الطبقة الشيعية".
وذكرت الصحيفة على لسان فارس أنه "عندما قام مقاتلو التنظيم باغتصاب النساء المنتميات للطائفة اليزيدية، وملاحقة المسيحيين ونهب منازلهم وتدنيس أماكن العبادة ومراقد الأنبياء، عمل العديد على تجنب الاحتكاك بهم". وأضاف فارس: "أما إذا قلت لي لماذا فضلنا البقاء في الموصل، فقد فعلنا ذلك بهدف حماية منازلنا وأعمالنا، والحفاظ على هوية هذه المدينة، وأنا أستبعد فكرة أن يلقى هؤلاء الهمجيون الترحاب السابق نفسه".
وأشارت الصحيفة إلى انعدام الثقة بين كل من أهالي الموصل، ذوي الأغلبية السنية، وأجهزة الأمن العراقية.
وتجدر الإشارة إلى أن القوات العراقية تنقسم إلى عدة وحدات من بينها الجيش والشرطة المحلية، والشرطة الفيدرالية، ومليشيات الحشد الشعبي الشيعية. وكل فرقة تعمل على حدة من خلال بسط سيطرتها على الأحياء التي تسيطر عليها من قبضة تنظيم الدولة، حيث إنها تغلق الطرق، وتفرض سياسة مستبدة على الأهالي، وتقيم نقاط تفتيش واسعة، فضلا عن فرض حظر للتجول.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من حفاوة استقبال أهالي حي فلسطين في الموصل للفصيل 16 من الجيش العراقي، إلا أن أزمة الثقة لا زالت تلوح في الأفق. وفي هذا السياق، أوضح مهند عبدول القادري، أحد سكان الحي، أنه "يجب على الجيش العراقي عدم تكرار أخطاء الأمس". وأشار عبدول القادري إلى أن هناك إشاعات مفادها أن بعض مقاتلي تنظيم الدولة، يدفعون رشاوى لأفراد الجيش من أجل شطب أسمائهم من قائمة المطلوبين.
وأكدت الصحيفة أن مدينة الموصل، مركز النخب العربية السنية في العراق، أصبحت خارج حسابات الحكومة منذ سقوط نظام صدام حسين سنة 2003. وفي هذا الصدد، ذكر الصحفي محمد، الذي قضى سنتين مختبئا في غرفة بمنزل والديه بعد تهديد التنظيم بقتله، إنه "بالنسبة لحكومة بغداد الشيعية، فهي تعتبرنا موالين لتنظيم الدولة. أما التنظيم، فهو يعتبرنا مرتدين".
وأفادت الصحيفة أن الحرب الطائفية بين السنة والشيعة في العراق اشتدت سنة 2006. وحول هذا الموضوع، أدلت المواطنة علية عماد بشهادتها، مبينة أنه "خلال تلك الفترة، أي سنة 2006، قام والدي بنقلنا من بغداد إلى الموصل؛ ظنا منه بأننا سنكون بمنأى عن هذه المعركة، لكنه أخطأ في ذلك".
ونقلت الصحيفة عن علية عماد قولها، إن "الكل ينتظر ما الذي سيحصل بعد تحرير الموصل بالكامل، وكل ما أطلبه هو التمتع بالحقوق نفسها التي يحظى بها
الشيعة. في المقابل، لا أخفي تشاؤمي، فالفكر الطائفي سمم كل شيء. وللمضي قدما، علينا ترك الاختلافات الدينية جانبا والبحث عن بداية جديدة".