دعا رئيس تحرير صحيفة الشروق الكاتب عماد الدين حسين، سلطات الانقلاب العسكري في مصر إلى الإفراج عن أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين من السجون، معتبرا أن ذلك سيقلل من حالة الاحتقان المجتمعي، فيما اعتبرها محللون دعوة لـ"تجميل النظام وإظهار وجهه الناعم أمام العالم".
حسين المعروف بتأييده لسلطات الانقلاب قال في مقاله بعنوان "جربوا الإفراج عن بعض مسجوني الإخوان" إن الانتماء إلى الإخوان فقط "لا يشكل جريمة"، ودعا لإخلاء سبيل بعض أعضاء الجماعة المتهمين بالتظاهر، إلى جانب بعض القيادات من كبار السن الذين يعانون أمراضا مزمنة، وذلك ضمن قوائم العفو التي أقرها النظام.
وأصدر السيسي الإثنين الماضي، قرارا جمهوريا بالعفو عن 203 سجناء صادر بحقهم أحكام في قضايا "تجمهر وتظاهر"، وذلك بعد قرار أول شمل 82 سجينا في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، بينما لم تضم أيا من القائمتين أحدا من الإخوان.
قائمة حسين
وطالب رئيس تحرير الصحيفة، بالإفراج عن "محمد بديع مرشد الإخوان، ومهدي عاكف المرشد السابق، والقيادي الأخواني محمد علي بشر، والمستشار محمود الخضيري" بالإضافة إلى عدد من الصحفيين ومنهم "أحمد سبيع وهاني صلاح الدين، وإبراهيم الدراوي، ومجدي أحمد حسين، ومحمود أبوزيد شوكان، وحسن القباني، وهشام جعفر".
وتحدث بشكل خاص عما يعانيه القيادي بحزب الوسط المحامي عصام سلطان داخل سجن العقرب مطالبا بالإفراج عنه ضمن قائمة العفو الرئاسي الثالثة؛ على أن يكون ذلك مشروطا بتدابير احترازية.
ومنذ انقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013؛ يقبع في سجون مصر ما لا يقل عن 60 ألفا من المعارضين من جميع التيارات السياسية، وينتمي معظمهم لجماعة الإخوان المسلمين، بحسب منظمات حقوقية.
ويعيش المعتقلون أوضاعا وصفتها المنظمات الحقوقية بـ"الصعبة وغير الإنسانية"، فيما تعاني قيادات الجماعة وكبار السن من معاملة سيئة داخل سجن العقرب شديد الحراسة بشكل خاص، إلى جانب الإهمال الطبي ومنعهم من التداوي رغم ما يعانونه من أمراض مزمنة، حسب شهادات الأهالي.
وتنفي مصر دائما ما يوجه لها من اتهامات حول حقوق الإنسان، وأشاد السيسي، في لقاء بالقاهرة الأربعاء، مع وفد برلماني ألماني، بحالة حقوق الإنسان في مصر، وقال إنها "توازن بين الحريات، ومتطلبات الأمن والاقتصاد".
جس النبض
ورجح مدير المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، "أن تكون دعوة عماد الدين حسين وغيرها من التصريحات الصحفية التي تخرج من أبواق إعلامية موالية للنظام؛ ما هي إلا لجس النبض الموجه من النظام إلى معارضيه".
ورفض عبدالمنصف في حديث لـ"عربي21"، أن تكون للضغوط الخارجية أي تأثير على النظام بملف المعتقلين، معتبرا أنه "لا يعبأ بمثل هذه الضغوط، ويلعب مع الخارج على وتر محاربة الإرهاب، الذي يلاقي صدى جيدا عند الأنظمة الغربية، وصل لحد التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري معه".
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الخميس، دعت الإدارة الأمريكية إلى عدم تقديم أي تنازلات جديدة لمصر دون تنفيذ إصلاحات حقيقية في نهجها تجاه حقوق الإنسان، قائلة إن تشجيع الرئيس دونالد ترمب لنظيره السيسي سيدعم التطرف والسخط في أكبر دولة عربية سكانا.
هل يرغب في التهدئة؟
وقال عبد المنصف: "إن المتابع لملف مصر الحقوقي والتعامل الأمني للنظام مع الملف، وإصراره على مواصلة جرائمه وانتهاكات حقوق الإنسان؛ يعلم أننا أمام معضلة كبيرة في فهم توجه النظام، نحو التهدئة أو ما يسمى المصالحة".
وأكد عبد المنصف أنه "رغم فشل النظام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إلا أنه يحتاج إلى هدوء نسبي للتفرغ للملف الاقتصادي على الأقل، وفي الوقت ذاته يخشى المصالحة أو الإفراج عن القيادات".
وأشار إلى معضلتين تواجهان النظام والمعارضة وبينها الإخوان في ملف التهدئة، وقال: "النظام يخشى من قدرة قيادات الإخوان على إعادة الحشد الثوري للتيار الإسلامي، وقدرتهم على تبني رؤية أقرب للموحدة مع الصف الثوري"، موضحا أن "هذا ما قام النظام على هدمه والقضاء عليه خلال الثلاث سنوات ونصف السابقة، ولا يريد هدم ما بناه".
وحول المعضلة الثانية، أكد أن "الصف الثوري منهك ومحمل بتبعات صدمات أمنية عنيفة، ويحتاج إلى هدنة لإعادة ترتيب أوراقه، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يخاطر بمخاطبة عموم تياره بفكرة المصالحة مع النظام، لما يمثل ذلك من شرارة ثورة داخلية تنقلب عليه خصوصا من شباب هذه التيارات الثورية".
إلهاء الشعب
وقال رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة المحامي مختار العشري، إن ما يقدمه بعض كتاب السلطة هو لجس نبض الشارع وإلهائه عن قضيته في استرداد حريته من طغمة العسكر المستولين على الثروة والسلطة".
واستنكر العشري في حديثه لـ"
عربي21"، أن يكون "منتهى آمال الثوار هو الإفراج عن بعض كبار العلماء وشيوخ الإخوان والسياسيين أو بعض مشاهير الصحفيين القابعين في سجون العسكر".
وتساءل "هل بذلك تكون القضية قد أغلقت ورضي الشعب بالهوان"، مضيفا "أن الشعب
المصري لن يرضى إلا باستعادة حريته كاملة غير منقوصة وثرواته حتى آخر قرش نهبته تلك العصبة المارقة والقصاص من القتلة".
ويرى العشري، أن "النظام في أزمة، وأدرك أن القضاء على الإخوان كمنهج وفكرة أو كتنظيم هو شئ مستحيل، رغم كل هذا التلفيق والتعذيب"، مشيرا "لعمليات تعذيب بحق
المعتقلين، وصلت لحد حقن مسئول اللجنة الإدارية المؤقته الدكتور محمد عبد الرحمن بعقاقير عدم التحكم في النفس، وإملاء اعترافات كاذبة عليه لينسب للإخوان ما ليس من منهجهم ولا سلوكهم".
وأضاف أن "ملف حقوق الإنسان ليس هو الملف الوحيد الذي ينتهكه العسكر؛ بل هي مصر بأكملها، والانتهاكات والفشل في كل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية".
الوجه الناعم للانقلاب
ولم يستبعد المتحدث الرسمي لمؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، محمود جابر، أن تكون دعوة حسين تمهيدا لمثل هذا القرار، وفي الوقت نفسه محاولة من الصحفي عماد الدين حسين للحفاظ على ماء وجهه وإعادة إنتاج نفسه من جديد أمام النظام والمعارضة".
واستبعد جابر، في حديثه لـ"عربي21"، إقدام النظام على هذه الخطوة والإفراج عن بعض قيادات وأعضاء الإخوان، مضيفا أن "النظام العسكري لا يكترث بملف حقوق الإنسان ولا يعبأ بالضغوط الخارجية في هذا الشأن".
وانتقد مندوبو الاتحاد الأوروبي وسويسرا وأمريكا ملف حقوق الإنسان في مصر، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف الأربعاء، فيما رد مندوب مصر السفير عمرو أبوالعطا، على تلك الانتقادات أمام المجلس الأممي، متهما دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا باعتماد قوانين مقيدة للحريات وحقوق الإنسان.