خلفت مصادقة الجمعية الوطنية في البرلمان الموريتاني، أمس الخميس، على مشروع تعديل
دستور البلاد جدلا واسعا في الشارع الموريتاني بين مؤيد ومعارض. ففي الوقت الذي يرى فيه المؤيدون
التعديلات المقترحة خطوة نحو ديمقراطية حقة، يرى المعارضون هذه الخطوة محاولة للتغطية على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي طبعت حكم الرئيس الحالي
محمد ولد عبد العزيز.
التعديلات "عبث بمصالح الوطن"
ودعا الرئيس الموريتاني الأسبق، علي ولد محمد فال، كافة الموريتانيين إلى القيام بهبة شعبية قوية لرفض ما اعتبره "العبث بمصالح الوطن"، مؤكدا أن التعديلات الدستورية التي صادقت عليها الجمعية الوطنية في البرلمان الموريتاني، أمس الخميس، "تقود البلد نحو المجهول".
وناشد ولد محمد فال، في بيان له الجمعة، المواطنين للمشاركة الفعالة في المسيرة المزمع تنظيمها مساء غد السبت، وذلك "للتعبير عن رفضهم لهذه التعديلات التي لا تخدم الوطن ولا المواطن، ولا تعبر إلا عن أصحابها، وقد تقود البلد نحو المجهول".
وأضاف: "إن المنعرج الخطير الذي تمر به البلاد اليوم يستدعي من كل الغيورين على مصالحها اليقظة ورص الصفوف لإفشال مخططات النظام العبثية الرامية إلى صرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية والأزمات الخانقة التي يتخبط فيها على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، على حد تعبيره.
مصادقة الأغلبية
وكان نواب الجمعية الوطنية في البرلمان الموريتاني، صوت أمس الخميس، لصالح إجازة مشروع لتعديل دستور البلاد قبل إحالته إلى مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية في البرلمان)، وسط رفض مطلق من جانب المعارضة.
وأيد 121 نائبا التعديلات الدستورية، بينما صوّت 19 نائبا ضدها، وامتنع نائب واحد عن التصويت.
وبعد مصادقة غرفتي البرلمان (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) على التعديلات، يحق لرئيس الجمهورية بعدها، تمرير التعديلات بواسطة مؤتمر برلماني، أو عرضها على المواطنين في استفتاء شعبي.
أمر غير مقبول
ورأت أحزاب معارضة أن تعديل الدستور الموريتاني في ظل غياب توافق سياسي أمر غير مقبول، وهددت بالسعي إلى إفشاله عبر وسائل النضال الشعبي، مؤكدة أن هذه التعديلات ما هي إلا محاولة للتغطية على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي طبعت حكم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز.
في المقابل، أيدت الأغلبية الحاكمة هذه المقترحات وقالت إن هذه الخطوة تمت وفقا للقواعد والإجراءات الدستورية، وسعيا لتعزيز النظام الديمقراطي في البلاد.
أبرز التعديلات
وتشمل أبرز التعديلات الدستورية إلغاء غرفة مجلس الشيوخ البرلمانية، ومحكمة العدل السامية، وإنشاء مجالس جهوية (إدارية) للتنمية، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة، وتغيير العلم الوطني، كما لا تتضمن التمديد لولاية ثالثة لرئيس البلاد.
مطالب لحوار سياسي
وارتفعت دعوات لحوار سياسي جدي يجنب
موريتانيا أزمة سياسية هي في غنى عنها، وفي هذا الصدد، دعا خطيب أكبر مساجد موريتانيا، أحمد ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن، جميع الأطراف السياسية إلى الدخول في حوار سياسي هادف من أجل الوصول إلى حل يرضي الجميع حول التعديلات الدستورية.
وقال ولد حبيب الرحمن في خطبة الجمعة، إن الدستور الموريتاني "ليس قرآنا ويمكن تعديله في حال تم التوافق على ذلك".
وأشار إلى أن النشيد الوطني الذي عرفه وحفظه في الستينيات لا يرى فيه نقصا، لكنه لا مانع من إضافة أبيات شعرية له، مع التمسك بمطلعه، على حد تعبيره.
ولفت خطيب المسجد الجامع إلى أنه "لا يعترض على تغيير العلم أو القماش"، مشيرا إلى أن الشعار الحقيقي لموريتانيا هو "شرف، إخاء، عدالة".
ونبه الخطيب إلى خطورة فتح باب الحريات على مصراعيه، وقال إن الحريات يجب أن تكون في حدود الشرع، محذرا من زعزعة أمن واستقرار المسلمين.
وفي السياق ذاته، دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في غرب أفريقيا، محمد بن شمباس، إلى إطلاق حوار سياسي بموريتانيا.
وقال المسؤول الأممي في تصريحات صحفية عقب لقاء جمعه مع الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، الجمعة: "ناقشت مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز ضرورة حوار مباشر يمكن الموريتانيين أنفسهم من إيجاد حلول دائمة للتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في البلد".