من حقي أن أغار، عندما أرى التماثيل الذهبية بين يدي نجوم العالم في حفل توزيع جوائز الأوسكار، بينما لم يصعد إلى هذه المنصة عربي واحد، ولم يترشّح فيلم واحد، ولم يلفت انتباه العالم عرض واحد..
عشرات الأفلام تنتجها مصر سنوياً، كلها تتوهج أياماً في دور العرض ثم تنطفئ تماماً، هناك نسخ سريع، وأحياناً مشوه، للقصة والمشهد وحتى «الأفيّه».. طبعاً في كل فيلم عربي لابد من وجود «حشيش»، ومشهد رقص، وأغنية محشوّة حشواً، وبطل لا يهزم، وخيانة زوجية، و«بتاع الحليب»، وهو النموذج الهندي نفسه الذي هجرته السينما الهندية الحديثة، وبدأت تبحث عن الفكرة وزخم الإنتاج، بينما بقيت الشاشة العربية تتمسّك به، لأنه السبيل الوحيد إلى شبّاك التذاكر.. منذ 100 عام وأكثر من صناعة الأفلام ومازلنا لا نستوعب أن «الحشيش» و«الرقص» و«بتاع الحليب» لا توصلنا إلى الأوسكار، وإنما الفكرة القوية والرؤية الخلاقة!
وفي الوقت نفسه، من حقي أن أغار، عندما أرجع إلى أرشيف الفائزين في كأس العالم منذ تأسيس اللعبة، وأجد أنه لم يصعد إلى منصة التتويج فريق عربي واحد، ولم يصل إلى نصف النهائي فريق واحد، وبالتالي لم يلتفت أحد إلى عروبتنا، وإلى سمرة ملامحنا، من كل هذا العالم المشبع بالتتويج والبطولات.. أكثر من 250 مليون عربي، وبلادنا تمسك بأطراف الكرة الأرضية، ومع ذلك إنجازنا لا يتعدّى الوصول إلى الدور الثاني من كل بطولة.
حتى في جوائز نوبل أكثر من 250 مليون عربي، ولا يوجد أديب واحد يظفر بجائزة نوبل سوى نجيب محفوظ، ولا عالم واحد سوى أحمد زويل.. أكثر من 250 مليون عربي ونفشل ــ في كل المضامير ــ في أن نتصدر منصات التتويج، أو مصافحة خزانة الجوائز، لنقول للعالم إننا لسنا مجرّد عدد في هذا الكون، مثل عدد الأشجار في كاليفورنيا، أو اللقالق في محميات أستراليا، نحن شعوب حية، لنا قضايا، وآراء، وأفكار، وأوطان كبيرة، لنا وجود، وإبداع، وتفوق، نحن لسنا أقل منكم، بل نحن أفضل منكم.
من حقي أن أغار وأحزن، عندما لا يتصدّر العربي شيئاً في هذا العالم الذي يتنافس بالحضارة، إلا بالأخبار العاجلة، إما قاتلاً أو مقتولاً، أحزن لأن الشريط الأحمر الذي يلون أسفل الشاشة، نزف عربي لا يتوقف.