قام قائد الانقلاب بمصر، عبدالفتاح
السيسي، الجمعة الماضي، بزيارة إلى كلية الشرطة بالقاهرة، تفقد خلالها تدريبات الطلبة على مهارات الفنون القتالية. وفي ختام زيارته؛ ألقى كلمة قصيرة أكد فيها أن "الدولة
المصرية استعادت هيبتها، وأن أحدا لن يستطيع المساس بها".
وشدد السيسي على أن قوات الجيش والشرطة تبذل جهودا كبيرة لحماية أمن مصر وشعبها، وتوفير الأمن والاستقرار للبلاد، مطالبا المصريين بالاطمئنان وعدم القلق.
لكن ادعاء قائد الانقلاب بأن الدولة المصرية استعادت هيبتها على يديه؛ أثار انتقادات واسعة بين المصريين، وأكد سياسيون وحقوقيون ونشطاء، أن السيادة المصرية لم تعرف هذا القدر الهائل من الانتهاك الحاصل في عهد السيسي.
سيناء أصبحت مثل سوريا والعراق
وعدّد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي المواقف التي شهدت انتهاك السيادة بعد وصول السيسي للحكم، ومن بينها السماح لأول مرة لمفتشين أجانب بمراجعة إجراءات الأمن في المطارات المصرية ومراقبة تأمين الركاب والبضائع، في محاولة لإرضاء دول الغرب التي أوقفت رحلاتها الجوية مع مصر بعد حادث تفجير الطائرة الروسية فوق
سيناء قبل عام ونصف.
وقالوا إن الأراضي المصرية شهدت اختراقا غير مسبوق في عهد السيسي، من خلال تكرار قصف الطائرات الإسرائيلية لأهداف تابعة لتنظيم الدولة في سيناء، وسط صمت النظام، مشيرين إلى أن "تنازل" السيسي عن جزيرتي تيران وصافير للسعودية؛ يعد أحد أبرز مظاهر فقدان
هيبة الدولة وانتهاك سيادتها.
من جانبه؛ انتقد الإعلامي المؤيد للنظام، إبراهيم عيسى، حديث السيسي عن استعادة الدولة لهيبتها، تزامنا مع تهجير الأقباط من سيناء، وقال إن "سيناء أصبحت مثل سوريا والعراق التي ظل النظام يخوف المصريين من مصيرهما كثيرا"، مؤكدا أن "مشهد اللاجئين المصريين المسيحيين أصاب النظام بالعار".
وأضاف عيسى في مقال له بصحيفة "المقال"، أن "هيبة الدولة في مدينة العريش، وليست في أكاديمية الشرطة" في إشارة إلى كلمة السيسي لطلبة كلية الشرطة، لافتا إلى أن فرض النظام للطوارئ في شمال سيناء لمدة زادت على 30 شهرا "لم يمنع مسلحي
تنظيم الدولة من اقتحام منازل الأقباط هناك، وحرقها وقتل من فيها".
الهيبة ضاعت على كافة الأصعدة
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، إنه "لم تعد هناك أي مظاهر لهيبة الدولة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية البائسة التي يعيشها المصريون الآن تحت حكم نظام السيسي"، مؤكدا تزايد إخفاقات النظام في شتى المجالات على الصعد الدولية والإقليمية والمحلية.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الأوضاع الأمنية بمصر في الشهور الأخيرة في أسوأ حالاتها، في ظل القصور الأمني الرهيب، والعمليات الإرهابية اليومية التي تثير مخاوف عديدة على المستقبل"، مشيرا إلى أن "الوضع المأساوي الذي يتعرض له الأقباط في سيناء؛ من قتل على يد تنظيم الدولة، ما دفعهم إلى التهجير من منازلهم؛ يؤكد أن الدولة بلا هيبة، وأن الأمن غير قادر على حمايتهم".
أما على المستوى الإقليمي؛ فقال نافعة إن "التعاون الواضح مع إسرائيل أضاع هيبة مصر، وخصوصا على مستوى الدول العربية".
وأكد أنه "على الصعيد الدولي؛ لم يعد لمصر ثقل دولي كما كان في السابق"، لافتا إلى أن "حادث إسقاط الطائرة الروسية وما ترتب عليه من آثار؛ كشف ضياع هيبة الدولة على المستوى الدولي، فلم يعد العالم يثق في النظام الحالي، والدليل على ذلك هو تفتيش الروس بأنفسهم على المطارات المصرية، ليقرروا ما إذا كانت آمنة أم لا".
وتابع نافعة: "أضف إلى ذلك؛ أن قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني؛ كشفت عن أن الدول الأوروبية لم تعد تثق في النظام؛ بسبب مواقفه المتناقضة، وانعدام المصداقية والشفافية في تلك القضية".
الشعب فقد الثقة بالنظام
من جانبه؛ ربط الناشط
الحقوقي محمد زارع، بين تدهور حقوق الإنسان في مصر، وبين ضياع هيبة الدولة، مشيرا إلى أن "سجون السيسي تحوي عشرات الآلاف من
المعتقلين، والعالم يعرف ذلك تماما، ويتعامل مع مصر الآن باعتبارها دولة عسكرية دكتاتورية تعاني من مشكلات سياسية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن الانتهاكات العديدة التي يعاني منها الأقباط "تثبت ضياع هيبة الدولة، ففي سيناء هجرت عشرات الأسر؛ لأن الدولة غير قادرة علي حمايتهم من تنظيم
داعش الإرهابي، الذي نجح في أن يصل إلى قلب القاهرة، ويفجر الكنيسة البطرسية؛ بعدما فشل الأمن في التصدي لهذه الهجمات، وفشل في حماية الأقباط، كما فشل في حماية جنوده بسيناء".
ورأى زارع أنه "طالما بقيت الأوضاع السياسية غير مستقرة، وخاصة ملف حقوق الإنسان؛ فلن تكون هناك هيبة للدولة محليا أو دوليا"، مشيرا إلى أن "الشعب فقد الثقة في النظام؛ بسبب تراكم المشكلات الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فقد هذا النظام هيبته أمام شعبه، كما أنه فقد هيبته دوليا منذ أكثر من عامين".