حاولت الدبلوماسية، الأمريكية زمن الرئيس أوباما، التغطية على فشلها السياسي، وإحداث اختراق، لإحياء عملية "السلام"، أمام اللاءات الإسرائيلية، لإقامة الدولة الفلسطينية، المستقلة، على حدود الرابع من حزيران 1967، ووقف الاستيطان، وتقسيم القدس.
إزاء ذلك، استبدل كيري، مسارا سياسيا تفاوضيا بإجراءات اقتصادية "جزئية"؛ بهدف تحسين الوضع الاقتصادي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ما يجعلها في حدود نظرته الأمريكية، حافزا تشجيعيا للقيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة التفاوض دون شرطيّ المرجعية ووقف الاستيطان، وبذلك يصبح السلام الاقتصادي، بديلا عن السلام السياسي، القائم على أساس حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين ـ المستقلة، على حدود الرابع من حزيران 1967، وحق العودة وتقسيم القدس وإزالة المستوطنات.
ما طرحه كيري ـ آنذاك- البدء ببناء الثقة، من أجل تهيئة الأجواء المواتية لعودة الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي إلى مائدة التفاوض عَبر إزالة الحواجز العسكرية، وتسهيل حركة التنقل وتوسيع نطاق سيطرة السلطة، لا سيما في المناطق المصنفة "ج" وتطوير بنيتها التحتية، والإفراج عن أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، المعتقلين قبل أوسلو.
تتضمن هذه الخطة ضخ أربعة مليارات دولار من الاستثمارات في الأراضي المحتلة، من شأنها أن تزيد الناتج المحلي الفلسطيني، بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات، وتخفيض نسبة البطالة إلى الثلثين، وتزيد متوسط الرواتب بنسبة 20%، مع السماح للسلطة، باستغلال الفوسفات في البحر الميت، وإعطاء السلطة، الحق في تطوير حقول الغاز قبالة شواطئ غزة.
لم تلق هذه الخطة أي نجاح، بل باءت بفشل ذريع؛ لمناقضتها للوقائع القائمة، ومعطيات ومنطق الأحداث الجارية، وخاصة المتعلق منها بمجريات المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وما آلت إليه.
عادت نغمة السلام الاقتصادي، ثانية، إبان لقاء نتنياهو، مع الرئيس ترامب، ووفقا لما أعلن رسميا، بأن هنالك تفكيرا إسرائيليا أمريكيا، بشأن تطوير وإنعاش الاقتصاد الفلسطيني! وعلى ما يبدو، فإن ثمة خططا بهذا الشأن ستطرح، خاصة من الجانب الإسرائيلي، فيما يتعلق، برزم تسهيلات إسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة، وسيكون الدور الأمريكي داعيا سياسيا وماليا لتلك الرزم "السخية".
من الواضح، أن توجهات ورؤية الرئيس ترامب، تنسجم مع رؤى وتوجهات نتنياهو، وهي تتقاطع بشأن الاستيطان، وحل الدولتين، وغيرها من الخطى، التي تحتكم للقانون الدولي، ومقررات الشرعية الدولية.
لدى حكومة نتنياهو، خطط سابقة، سبق أن تم الإعلان عنها بشأن الحدود المؤقتة، وما سيرافقها، من دعم اقتصادي، وسبق للفلسطينيين أن رفضوا ذلك، بوضوح وجلاء، ورأوا بالحدود المؤقتة، بديلا عن إقامة الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران 1967.
إسرائيل والولايات المتحدة تريان في التطرف الراهن، وعلى ضوء ما تعانيه المنطقة ـ الشرق الأوسط ـ، من مستجدات لها انعكاساتها على مرآة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتت الأمور مهيأة وشبه جاهزة لتمرير "السلام الاقتصادي"، ودفن حل الدولتين، أو وقف الاستيطان، وغيرها من حلول دولية، وإبدال كل ذلك، بحل إسرائيلي، يجعل من الفلسطينيين، قوة عمل، سقفها السياسي، لا يتعدى إدارات مدنية، لا أفق سياسيا لها، وتعيش في حالة اقتصادية، تجعل من العيش وبعض الرخاء بديلا عن الصراع!