خفضت الأمم المتحدة والأطراف الأخرى المشاركة في جهود السلام السورية من توقعاتها بشأن حدوث انفراجة كبيرة في
محادثات جنيف المقررة خلال أيام، في ظل ارتباك السياسة الأمريكية بشأن الأزمة السورية وعدم وضوح علاقتها مع روسيا.
وقال ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى
سوريا في كلمة بمؤتمر ميونيخ الأمني، إن عدم وضوح الموقف الأمريكي جعل حل القضايا الشائكة في الصراع الممتد منذ ستة أعوام أكثر صعوبة من جهود الوساطة التي أجراها بشأن العراق وأفغانستان في السابق.
وقال: "لا يمكنني أن أقول لكم (إن كانت ستنجح) ولكن علينا أن نعمل على أن تكون هناك قوة دفع، حتى إذا لم يكن من الممكن أن يصمد وقف إطلاق النار طويلا إن لم يكن هناك (حل) سياسي"؛ في إشارة إلى وقف إطلاق النار الهش الذي أعلن بوساطة روسيا وتركيا في أستانة عاصمة كازاخستان.
وزادت التساؤلات بشأن نهج واشنطن لإنهاء الحرب. ولم يتضح بعد هل سيفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوعد بناء علاقات أقوى مع روسيا، خاصة في الحرب ضد تنظيم الدولة.
وقال دي ميستورا للمندوبين: "شيء واحد أبحث عنه في هذه اللحظة...(وهو) استراتيجية أمريكية واضحة. أين الولايات المتحدة (من الحل السياسي)؟ ليس عندي رد لأنني لا أعرف."
وتستأنف المحادثات السورية في جنيف يوم الخميس المقبل بعد تسعة أشهر تقريبا من إعلان دي ميستورا وقفها، عقب سلسلة جولات أفضت في النهاية إلى تصعيد للعنف.
والرئيس السوري بشار الأسد في أقوى وضع منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية التي انطلقت شرارتها بانتفاضة شعبية في ربيع عام 2011 ثم ما لبثت أن تحولت إلى حرب أودت بحياة ما يصل إلى 400 ألف مقاتل ومدني.
كان الأسد قال في تصريحات لوسائل إعلام فرنسية قبل أيام، إنه يعتبر كل من يقاتله إرهابيين في دلالة على أن الوفد الحكومي سيظل على موقفه في محادثات جنيف.
وقال دبلوماسيون أوروبيون في وقت سابق، إن مسؤولين أمريكيين استبعدوا التعاون العسكري مع روسيا حتى تضغط على دمشق لقبول وجهة نظر أشمل.
وقال دي ميستورا إن المحادثات ستركز على صياغة دستور جديد، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وحكم يتسم بالشفافية وقابل للمحاسبة.
وسأل عدد من المندوبين دي ميستورا عن سبب توقف الأمم المتحدة عن استخدام عبارة "انتقال سياسي" في وصف أهداف المحادثات. وتعتبر
المعارضة العبارة خروج الأسد أو على الأقل تقليص سلطاته.
ولم يرد دي ميتسورا مباشرة على السؤال، لكنه قال إن تركيزه سيظل منصبا على قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يركز على الحكم الرشيد ودستور جديد وانتخابات.
المعارضة مستعدة لمحادثات جنيف
قال قيادي في المعارضة السورية الأحد إن المعارضة مُلتزمة بمحادثات السلام في جنيف في 23/شباط فبراير، مُضيفا أن المحادثات ستُمَهد الطريق أمام انتقال للسلطة.
وقال أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري في مؤتمر ميونيخ للأمن إن "المعارضة مُلتزمة بمحادثات جنيف 23 شباط/فبرايرر" مُضيفا أنه "لا يمكننا التعامل مع التهديدات الأمنية الكبيرة ... طالما بقي الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة."
في انتظار ترامب
تدعم الولايات المتحدة ودول الخليج العربية وتركيا المعارضة السورية، لكن الموقف معقد بسبب دور الفصائل الإسلامية؛ وفي مقدمتها تنظيم الدولة التي تعارضه واشنطن وموسكو.
وقال المبعوث الأمريكي بريت مكجورك، إن الإدارة الأمريكية تجري مراجعة شاملة لسياستها بشأن سوريا، يتوقع استكمالها في الأسابيع المقبلة، لكنه حذر من رفع سقف التوقعات.
وقال مكجورك للمشاركين في مؤتمر ميونيخ: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستخرج بحل يناسب الجميع لأنه لا وجود له."
وقال المبعوث الأمريكي، إن واشنطن تركز بشدة على تحرير الرقة من تنظيم الدولة وتتبنى مفهوم "أمريكا أولا" الذي أعلنه ترامب.
وتابع المسؤول الأمريكي قائلا: "سنكون أنانيين بشأن تقديم مصالحنا. أول شيء سيتعين علينا هزيمة داعش هذا مهم لأنه تهديد لنا جميعا. وحتى الآن تستقر داعش في الرقة ومنها تخطط هجمات كبيرة ضدنا كلنا."
وحث كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأخرى على تسريع الجهود، محذرا من أن الحكومة السورية قد تكرر التكتيكات الوحشية التي ارتكبتها في حصار حلب.