يميني متطرف يصف الإسلام بالدين "الأكثر تطرفا" في العالم. متكتم ومتوقد الذكاء، يلعب بمشاعر الخوف لدى مستمعيه، يقارن نفسه بشخصية متقمص الشر "دارث فيدر" في فيلم جورج لوكس "حرب النجوم".
تجمع مصادر مختلفة على توجهاته وعقيدته العنصرية، وعلاقاته الوثيقة مع حركات
اليمين المتطرف في أوروبا.
وهو أحد دعاة "اليمين البديل"، وهي حركة تعتنق الأفكار القومية، وتؤمن بتفوق العرق الأبيض، وتزدري تماما الطبقة السياسية الحاكمة في واشنطن.
ستيفن كيفين
بانون، المولود في عام 1953 في فيرجينيا، لعائلة ذات أصول أيرلندية تنتمي إلى الطبقة العاملة وداعمة للعمل النقابي، يتميز بلغة ذات طابع عسكري، ويقسم العالم إلى صديق وعدو، وخطاب يتخلله الخوف والرعب.
بانون حاصل على البكالوريوس في التخطيط العمراني من جامعة فيرجينيا للتقنية عام 1976، وعلى الماجستير في دراسات الأمن القومي من جامعة جورج تاون، والماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد عام 1985.
بدأ حياته ضابطا في البحرية الأمريكية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وكانت خدمته على مدمرة ضابط عمليات بحرية في أسطول المحيط الهادي، ثم مساعدا خاصا لرئيس العمليات البحرية في "البنتاغون".
بعد خدمته العسكرية، عمل لدى "جولدمان ساكس" مستثمرا مصرفيا في إدارة الدمج والاستحواذ.
وفي عام 1990، أطلق بانون برفقة بعض من زملائه بـ"جولدمان ساكس"، متجر استثمار مصرفي باسم "بانون وشركاه"، وهو متجر متخصص في الإعلام.
ومن خلال "بانون و شركاه"، قام بمفاوضات بيع "كاسل روك للترفيه"، وهي شركة إنتاج سينمائية وتليفزيونية أمريكية، لصالح تيد تيرنر، مؤسس شبكة "سي أن أن" الإخبارية، ومالك "استديوهات يونيفرسال لإنتاج الأفلام".
ومقابل ذلك، وافق "بانون وشركاه" على الحصول على حصة مشاركة مالية في خمسة عروض تليفزيونية منها المسلسل الشهير "ساينفيلد".
أصبح بانون في عام 1990 منتجا منفذا في "هوليوود لصناعة الأفلام والإعلام"، وأنتج 18 فيلما بداية من فيلم الجريمة "العداء الهندي" عام 1991 من إخراج شين بن، حتى عام 1999، وأصبح فيما بعد شريكا لـ "جيف كواتينيتز" في شركة "ذا فيرم"، إحدى الشركات العاملة في إدارة المواهب والإنتاج التليفزيوني.
ورغم ما جلبته له صناعة التلفزيون والسينما من ثورة، إلا أنه يعتبر هوليوود وكل الصناعة السينمائية "معقلا لليسار الأبله"، بحسب تعبير بانون.
وبينما كان لا يزال يدير "بانون وشركاه"، تم اختياره قائما بأعمال مدير مشروع "بايوسفير 2" البحثي الضخم في أوراكل في ولاية أريزونا، لكنه ما لبث أن ترك المشروع بعد فشله في عام 1995.
وقبل أن يباشر عمله السياسي، شغل بانون منصب الرئيس التنفيذي لشبكة "بريتبارت" الإخبارية، بعد وفاة مالكها آندرو بريتبارت عام 2012، وهو موقع إخباري يميني ينتهج سياسة معارضة للمؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبانون محسوب على اليمين المتطرف، ويمثل موقعا إلكترونيا للآراء والتعليق على الأحداث، الذي يصفه بانون بـ"اليمين البديل" على شبكة الإنترنت.
وقبل أن يشغل بانون منصب كبير المستشارين وكبير المخططين الاستراتيجيين في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد
ترامب، سبق له أن تولى منصب رئيس الموظفين التنفيذيين للحملة الانتخابية الرئاسية لترامب في عام 2016.
ومنذ تعيينه في منصبه قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، تثار ضجة حول بانون من "الديمقراطيين" و"الجمهوريين" أيضا، وذلك بسبب سجله ومواقفه التي ظهرت خلال الحملة الانتخابية لترامب.
واعتبر رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، نهاد عوض، أن تعيين بانون في إدارة ترامب "يبعث برسالة مقلقة، بأن نظريات المؤامرة المتعلقة بمعاداة المسلمين وعقيدة القوميين البيض سيكون مرحب بها في البيت الأبيض".
من جهتها، قالت ماري لويز بيكار، وهي طليقة بانون، إنه كان يرفض قبل عشر سنوات إرسال أولادهما إلى مدرسة معينة لوجود يهود فيها.
وأضافت في تصريحات أوردتها في المحكمة: "إنه لا يحب اليهود"، غير أن بانون نفى هذه المعلومات التي أوردتها صحيفة "نيويورك ديلي نيوز".
ولعل أكثر الأوامر التنفيذية لإدارة ترامب التي أحدثت ضجة، حظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى الأراضي الأمريكية.
وأكدت وسائل الإعلام الأمريكية، أن بانون هو من حض ترامب على إصدار الأمر، دون استشارة الخبراء المعاونين للرئيس التابعين لوزارة الأمن الوطني.
وقبل ذلك، وصف بانون في مقابلاته الإذاعية الإسلام بـ"الدين التوسعي تماما مثل الصين".
وقال في هذا الصدد: "لدينا إسلام توسعي وصين توسعية، وهما متحفزان ومتغطرسان وزاحفان إلى الأمام".
وبانون يشبه ترامب في كثير من الأمور، فهو يتعاطى مع الواقع بعقلية رجال الأعمال، كما يفعل رئيسه، ويفهم آلية عمل الماكينة الإعلامية.
لكنه على عكس ترامب السطحي، فقد احتك بانون طوال عشرات السنين بمختلف النظريات السياسية.
بدأ ذلك في السبعينيات، عندما كان يعمل في صفوف البحرية الأمريكية، وفي تلك الفترة، بدأ اهتمامه بالعمل السياسي.
وفي نظره، فإن رد فعل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، لم يكن في المستوى المطلوب خلال عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، والنتيجة كانت توجهاته اليمينية وعداؤه للإسلام، بل ونوعا من العنصرية.
وأعلن بانون في خطاب أمام مؤتمر مسيحي في الفاتيكان في صيف عام 2014، قائلا: "نحن في المراحل الأولى من الصراع الدموي الوحشي، الذي إن لم يتكاثف الحاضرون في هذه القاعة، وفي هذه الكنيسة، ويقومون بتشكيل ما أسميه مليشيا كنسية؛ لنكون قادرين على الدفاع عن معتقداتنا فقط، لكن القتال من أجل معتقداتنا ضد البربرية الجديدة التي ستمحو كل شيء ورثناه في الـ2000 أو 2500 عام".
كلماته هذه والأمر التنفيذي للرئيس ترامب، كانتا مؤشرا خطيرا على حرب قد تندلع في أي وقت، وترامب يلوح بورقة الحرب، وربما يرغب بأن يحتل بانون منصب التاجر والمسوق لها، فهو مصرفي خبير في إدارة الصفقات مثل ترامب.
الحرب ربما لم تبدأ بعد، لكن "الحملة الصليبية" بدأت، فمنع المسلمين ليس إلا نقطة انطلاق بانون، كما ترى أكثر من وسيلة إعلام إسرائيلية، أنه معني بـ"إشعال حرب صليبية ضد الإسلام"، متأثرا بالخط الدعائي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويحرص بانون على استخدام مصطلح "العالم اليهودي المسيحي"، وهذا المصطلح بات أحد المصطلحات التي يستخدمها بوفرة الساسة الأمريكيون، الذين ينتمون لليمين المسيحي الإنجلوسكسوني.
وعكس ما يدعي بانون، فإن الكثير من المؤرخين اليهود يرون أن الوقائع التاريخية دللت على أن معظم وقائع التنكيل التي تعرض لها اليهود على مر التاريخ كان المسيحيون هم المسؤولون عنها، وليس المسلمون.
ويريد بانون نزع الشرعية عن الإسلام دينا سماويا، من أجل تبرير حرب مقدسة سرية، يريد لها صبغة علنية مختلفة، وهي مواجهة "الإسلام المتطرف".
وهذا يتفق مع ما قاله محلل الشؤون الاستخباراتية والأمنية في شبكة "CNN" الأمريكية بوب بير، إن تصريحات بانون حول "حرب عالمية ضد الفاشيين الإسلاميين،" تبدو وكأنها "حملة صليبية جديدة".
وبانون هو مهندس استراتيجية ترامب في الانتخابات الرئاسية؛ إذ عمل على تكريس الخطاب الشعبوي الذي كان يعتمد عليه ترامب للوصول إلى الجماهير العريضة.
وبانون سيئ الصيت والسمعة، تفاخر بأن موقعه على الإنترنت كان منصة للحركات العنصرية، ومليئا بالأخبار التي تظهر الجرائم المرتكبة فقط من قبل المهاجرين.
وبحسب موقع "فوكس"، فقد سبق أن قال بانون إن الولايات المتحدة تحتاج إلى "اتخاذ موقف عدواني جدا ضد الإسلام الراديكالي".
وفي إحدى المرات، قال بشكل واضح إنه لم يكن متحمسا حتى تجاه المهاجرين السلميين والناجحين والمنتجين اقتصاديا.
وشبهته قناة "فوكس نيوز" المقربة من الحزب "الجمهوري" بغوبلز وزير دعاية النازية في ألمانيا.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا أواخر العام الماضي بعنوان "صوت العنصرية"، لتعبر عن موقفها من الآراء المتطرفة لبانون.