نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، تناقش فيه العلاقة بين البيت الأبيض، في ظل رئاسة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وجماعة الإخوان المسلمين.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن البيت الأبيض يدرس أمرا تنفيذا لتنصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية؛ في خطوة لاستهداف أقدم جماعة إسلامية في العالم العربي.
وتصف الصحيفة الجماعة بأنها "الحركة السياسية الاجتماعية، التي نبذت العنف منذ عقود، ولديها أتباع بالملايين، وفروع في أنحاء العالم العربي كله، وفازت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في
مصر بعد سقوط حسني مبارك عام 2011، ورفض الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الضغوط لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين إرهابية".
ويشير التقرير إلى أن بعض مستشاري ترامب ينظرون للجماعة على أنها جماعة راديكالية، ويعتقدون بأنها تهدف إلى اختراق أمريكا وتطبيق الشريعة، ولهذا فإنهم يتعاملون مع القرار التنفيذي، إن صدر، على أنه فرصة لاتخاذ أفعال ضدها، لافتا إلى أن بعض فروعها، مثل حركة حماس، مرتبطة بالعنف.
وتستدرك الصحيفة بأن تصنيف الجماعة إرهابية بشكل رسمي سيؤثر في علاقات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة أنها عماد للمجتمع في عدد من الدول العربية، مشيرة إلى أن مصر والإمارات ضغطتا على ترامب لحظر الجماعة؛ في محاولة منهما لسحق الأعداء الداخليين.
وينقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين يعرفون بالنقاشات الداخلية، قولهم إن حظر جماعة الإخوان المسلمين يأتي ضمن تصنيف أجنحة في الحرس الثوري الإيراني إرهابية، مستدركا بأنه رغم أن قادة فيلق القدس على
قائمة الإرهاب، إلا أن الجمهوريين يريدون تصنيف الفيلق نفسه إرهابيا؛ لإرسال رسالة لإيران.
وتورد الصحيفة أن "المسؤولين يقولون إن وجود إيران في الأمر التنفيذي أضفى دعما له، إلا أن الزخم لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية تباطأ؛ نظرا لمعارضة عدد من العاملين في الخارجية ومجلس الأمن القومي، الذين يناقشون بأنه غير قانوني، وكان من المتوقع توقيع الرئيس الأمر يوم الاثنين، إلا أنه أجل ربما للأسبوع المقبل".
ويجد التقرير أن التأخير يعكس ربما محاولة للتأني في القرارات الدستورية، خاصة بعد الفوضى التي تسبب بها قرار حظر القادمين من دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، ونظرا للطبيعة التي تفرضها جماعة الإخوان المسلمين، التي ترتبط فروعها الوطنية والإقليمية بطريقة مفتوحة "هلامية".
وتلفت الصحيفة إلى أن نقاد الإدارة الأمريكية يخشون أن يكون القرار محاولة لملاحقة الجمعيات الخيرية، وإغلاق المدارس، وملاحقة الأفراد، وتجميد أموال، ومنع التحويلات المالية، حيث يقول النائب المساعد لوزير الخارجية في إدارة أوباما توم مالينوسكي: "هذا يثبت أنهم مهتمون بإشعال النزاعات ضد طابور خامس متخيل، لا الحفاظ على شركائنا في الحرب على الإرهاب، تركيا وتونس والأردن والمغرب".
وينوه التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ظلت مصدرا للخوف من جانب اليمين، خاصة موقع "بريتبارت نيوز"، الذي كان يحرره مدير الاستراتيجيات في البيت الأبيض ستيف بانون، مشيرا إلى أن بانون اقترح في عام 2007 فيلما عن الإسلام الراديكالي، وحصلت عليه صحيفة "واشنطن بوست"، وصفت فيه جماعة الإخوان بأنها "أساس الإرهاب الإسلامي".
وتشير الصحيفة إلى سبستيان غوركا وكاثرين غوركا، اللذين يكتبان لموقع "بريتبارت نيوز"، وطالما حذرا من المتشددين الإسلاميين في الولايات المتحدة، لافتا إلى أن غوركا يعمل نائبا لمساعد مجلس الأمن القومي، فيما تعمل زوجته كاثرين في وزارة الأمن الوطني.
ويذكر التقرير أن فرانك غافني دعا الأسبوع الماضي في حوار على راديو "بريتبارت" ترامب لتنصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها إرهابية، وناقش أن فلسفة الإخوان المسلمين تمثل الجماعات الموجودة على قائمة الإرهاب، وقال غافني في مقابلة سابقة مع "نيويورك تايمز" إن أهداف جماعة الإخوان المسلمين "هي بالضبط أهداف تنظيم الدولة، وتشبه بالضبط أفكار حركة طالبان، وهي تشبه، كما تعلمون، أهداف تنظيم القاعدة وبوكو حرام وجبهة النصرة وحركة الشباب، وهي عن التفوق الإسلامي، وتحقيق دولة في النهاية".
وبحسب الصحيفة، فإن بعض الجمهوريين تقدموا الشهر الماضي بمشروع يطالب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين إرهابية، وطلبوا من وزارة الخارجية الإجابة عن سبب عدم شملها في قائمة الجماعات الراعية للإرهاب، وقال السيناتور الجمهوري تيد كروز: "حان الوقت لتسمية العدو باسمه".
ويفيد التقرير بأن من بين الذين يرفضون هذا التحرك مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، الذي يعد نفسه حركة حقوق مدنية في الولايات المتحدة، حيث اتهم غافني المجلس بأنه واجهة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يرفضه المجلس، ويرى المسؤولون فيه أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيكون محاولة واضحة لاضطهاد المسلمين، ويقول المتحدث باسم المجلس إبراهيم هوبر: "نعتقد أنه ذريعة لملاحقة واستهداف حقوق المسلمين المدنية"، مشيرا إلى أنه في ضوء المحاولات الكاذبة لربط المسلمين الأمريكيين بجماعة الإخوان المسلمين، التي يطالبون بتصنيفها جماعة إرهابية، فإن "هذا القرار سيستخدم بالتأكيد في الحملات السياسية للهجوم على الجماعات ذاتها والأفراد أنفسهم، وتهميش المجتمع الأمريكي المسلم، وشيطنة الإسلام".
وتقول الصحيفة: "لا يعرف الشكل الذي سيتخذه الأمر الرئاسي، فقد يطلب من وزير الخارجية ريكس تيلرسون مراجعة فكر الإخوان، وفيما إن كان يجب أن تصنف بأنها جماعة إرهابية أم لا، وكان تيلرسون في جلسة تأكيد تعيينه قد وضع الإخوان المسلمين إلى جانب تنظيم القاعدة؛ باعتبارهما (وكلاء للراديكالية الإسلامية)، إلا أن المسؤولين قد يضيقون مجال الأمر حتى لا يؤثر في الجماعات الأخرى خارج مصر، أو يضعونه على الرف بانتظار تشريع من الكونغرس".
ويؤكد التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين، التي أنشئت عام 1928، تبنت العنف في مرحلة من مراحل نشوئها، إلا أنها نبذته في السبعينيات من القرن الماضي، وانضم لها عدد من الحركات التابعة للعملية السياسية في تونس وحتى تركيا، التي يحكم فيها حزب العدالة والتنمية، حيث كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الداعمين لحركة الإخوان المسلمين.
وتبين الصحيفة أن المرحلة الناجحة للإخوان المسلمين انتهت عام 2013، عندما أطاح قائد الجيش المصري، الذي أصبح رئيسا، عبد الفتاح السيسي بالرئيس محمد مرسي، وقام بحملة قمع ضد الإخوان، وبدأ بالضغط على الأمريكيين لتصنيف الجماعة إرهابية، حيث يقول مسؤولون أمريكيون إن الحوارات الأمريكية المصرية، في الفترة ما بين 2013 إلى 2015، كانت دائما تشتمل على مطالب مصرية بتصنيف الجماعة إرهابية، منوهة إلى أن مصر قدمت تقريرا، أعدته الأجهزة الأمنية، لوزارة الخارجية الأمريكية، وضع أمام وزير الخارجية جون كيري، ولم يشتمل على معلومات جديدة، وقررت الخارجية الأمريكية بعد ذلك أن الأرضية القانونية ليست متوفرة من أجل تصنيف الجماعة إرهابية؛ لعدم وجود أدلة عن قيام قادتها بإصدار الأوامر وبطريقة منظمة لتنفيذ هجمات إرهابية.
ويلفت التقرير إلى أن الحكومة البريطانية قامت بمراجعة أصدرتها عام 2015، وتوصلت إلى أن الإخوان المسلمين "استخدموا العنف بطريقة انتقائية، وأحيانا الإرهاب؛ لتحقيق أهدافهم المؤسساتية"، وأكدت أن الحوار كان باللغة الإنجليزية والجهاد باللغة العربية، ودافع قادتها عن هجمات حركة حماس، وعن الهجمات ضد الأمريكيين في العراق وأفغانستان، مستدركا بأن المراجعة لم توص بتصنيفها منظمة إرهابية.
وتقول الصحيفة إن ترامب تعرض منذ دخوله إلى المكتب البيضاوي، قبل فترة قصيرة، لضغوط من الحلفاء العرب، الذين يضغطون لتصنيف الحركة إرهابية، حيث تحدث مع السيسي وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، والعاهل السعودي الملك سلمان، وتحدث مع أردوغان يوم الثلاثاء.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول دبلوماسي عربي بارز، رفض مناقشة ما جرى في المحادثات: "من السهل القول إن الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر كلها صنفت الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ولهذا سترحب هذه الدول بالقرار، بالإضافة إلى دول أخرى".