للشهر الثالث على التوالي، تتواصل المعارك بين قوات
درع الفرات وتنظيم الدولة في محيط مدينة
الباب، بريف حلب الشرقي، من دون أن تفضي هذه المعارك إلى طرد
تنظيم الدولة من المدينة حتى الآن.
وتحتل مدينة الباب أهمية عسكرية واستراتيجية للطرفين، إذ تعني سيطرة قوات درع الفرات لها، إيذانا بقرب تحقيق الأهداف المعلنة للمعركة، بينما تعني خسارة المدينة بالنسبة للتنظيم، انهيار خطوط الدفاع الأولى عن مدينة الرقة، معقل التنظيم الرئيسي في
سوريا.
ويبدو أن هذا الوضع استدعى من التنظيم أن يدافع وبكل شراسة عن المدينة. وفي سياق البحث عن أسباب القوة التي مكنت التنظيم من الثبات في المدينة التي تتعرض لغارات جوية يومية، وعلى الرغم من دخول قوات النظام والمليشيات الإيرانية واللبنانية المساندة لها على المشهد العسكري، يرى العقيد هيثم عفيسي، قائد "اللواء 51"، أحد التشكيلات العسكرية التابعة للجيش الحر والمشاركة في عملية درع الفرات، أن التحصينات العسكرية التي قام بها التنظيم على مشارف وداخل المدينة مكنته من الثبات في المدينة، إلى جانب أسباب أخرى.
ويشرح العفيسي هذه الأسباب في حديثه لـ"
عربي21"؛ قائلا: "تعتبر الباب المدينة الرئيسية لصناعة وتجهيز العربات المفخخة للتنظيم، ما يعني كثرتها في المدينة، إلى جانب تسوير المدينة بشبكة حقول من الألغام المتطورة".
ويضيف أن "الأهم من ذلك كله وجود أعداد لا بأس بها من عناصر التنظيم من أهالي مدينة الباب، ما يعني أنها مسألة حياة أو موت، ولذلك هم يستبسلون في الدفاع عن المدينة للحفاظ على وجودهم"، كما قال.
كما يشير عفيسي إلى غياب طيران التحالف الدولي عن معركة الباب، كما جرى في معركة منبج على سبيل المثال، ويقول في هذا السياق: "لم يشارك طيران التحالف بقصف مواقع التنظيم في الباب بقوة كما شارك في معركة منبج، بينما لا يشكل حضور الطيران التركي عامل قوة بالنسبة لنا، لأن غاراته محدودة وخفيفة".
لكن وبالرغم من كل ذلك، يعتبر العفيسي أن السيطرة على المدينة "مسألة وقت"، وهو ما يؤكده أيضا قائد "لواء أحفاد صلاح الدين"، محمود خللو، المعروف بـ"أبي حمزة"، الذي يعتقد أيضا أن "دفاعات التنظيم في المدينة منهارة، باستثناء حقول الألغام التي زرعها التنظيم بكثرة في محيط المدينة".
ويعتقد أبو حمزة أن الأساليب الدفاعية التي يتبعها التنظيم في المدينة؛ مكنته من الحفاظ على سيطرته على المدينة إلى الآن، رغم أن المدينة باتت شبه مدمرة"، ويوضح لـ"
عربي21" قائلا: "يقوم التنظيم باتخاذ المدنيين كدروع بشرية، وهناك حوالي 5 آلاف مدني داخل المدينة".
من جهته، يقول الناشط الإعلامي أحمد محمد، إن التنظيم حرص منذ بداية سيطرته على مدينة الباب، على معاملة أهالي المدينة بطريقة مختلفة عن بقية المدن والمناطق الخاضعة لسيطرته.
وفي هذا الإطار، يقول محمد، وهو من مدينة منبج: "لقد تجنب التنظيم تأليب أهالي الباب عليه، وعلى سبيل المثال لم يقم التنظيم بإعدام المطلوبين من أبناء المدينة داخل المدينة بالمطلق، وإنما كان يعدمهم في منبج أو في الرقة، تجنبا لخسارة الحاضنة الشعبية".
ويضيف لـ"
عربي21": "تلك السياسة الخطيرة التي مارسها التنظيم في الباب سابقا، اليوم يجني التنظيم ثمارها، من خلال التفاف الحاضنة الشعبية حوله"، وفق قوله.
ويقول أيضا: "الكتلة العمرانية الضخمة في مدينة الباب، ساعدت التنظيم على التخفي، وحدت من فعالية الضربات الجوية".
ويشير أبو حمزة، من جهته، إلى أن "حملة المحاسبة" في صفوف التنظيم، بحق القيادات المسؤولة عن خسارة منبج، والإعدامات الميدانية التي تلتها، "تساهم إلى حد كبير في صنع المقاومة الحديدية التي يظهرها عناصر التنظيم في مدينة الباب"، وفق قوله.