يُعرِّف قاموس أوكسفورد كلمة إسلاموفوبيا باللغة الإنجليزية على أنها "الكراهية أو التحيز ضد الإسلام والمسلمين وخاصة كقوة سياسية".
والمصطلح حديث نسبيا يعود وفقا لعدد من المصادر لحقبة التسعينيات. وقد درج استخدامه لوصف نوع من الاضطهاد من قبل بعض الأوروبيين والأميركيين ضد الإسلام والمسلمين.
وكانت تطبيقات الكتابة الإليكترونية مثل برنامج "ورد" لا تعترف بها ككلمة إنجليزية لفترة طويلة، ولا تزال التطبيقات ذاتها باللغة العربية تعطيك إشارة إلى أن هذه الكلمة غير صحيحة وتحتاج لتعديل.
وقد أحرزت بعض الدول الأوروبية تقدما ولو طفيفا في الاعتراف بهذه الظاهرة واتخاذ بعض الخطوات لمحاصرتها، ومنها بريطانيا والتي يدعم أحد برامجها الحكومية مشروع "تيل ماما" أو أخبر ماما، وهو مشروع يهدف لرصد الاعتداءات اللفظية والبدنية وغيرها بدافع
الإسلاموفوبيا، وتم تدشين خط ساخن متصل بالشرطة مباشرة للإبلاغ عن هذه الحوادث.
ورغم كثرة الحالات إلا أن ثقافة الإبلاغ عن الانتهاكات غير موجودة عند كثير من أبناء الجالية المسلمة وهذا موضوع آخر. ومثل هذه المشاريع في الدول الغربية هي حصيلة ضغوط وعمل دؤوب للعديد من الناشطين المسلمين وغير المسلمين.
لكن يبدو أن العوائق التي يمرون بها لا تنحصر في نطاق المجتمعات الغربية التي لدى كثير منها صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، بل إنها تمتد للدول ذات الأغلبية المسلمة ذاتها.
ففي الوقت الذي لا يوجد فيه جهد يذكر للدول الإسلامية لمحاصرة الإسلاموفوبيا عالميا نجد أن الظاهرة حاضرة في كثير من المجتمعات الإسلامية على خلاف ما هو متوقع.
الدكتور أنس الشيخ علي رئيس جمعية علماء الاجتماع المسلمين في بريطانيا، ومدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي، قال في مقابلة مع جامعة سراييفو الدولية قبل أربعة أعوام إن الإسلاموفوبيا موجودة في البلدان الإسلامية وضرب مثالا بالاضطهاد الذي تعاني منه الطالبات المسلمات بسبب حجابهن.
وطالب بوضع استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع هذا الأمر لا تقتصر على أوروبا وأميركا فقط بل إنها تمتد للدول الإسلامية أيضا، وتشمل التعليم والإعلام والأطر القانونية.
لقد كانت تركيا وتونس في السابق هما الدولتان الإسلاميتان مضرب المثال في الاضطهاد الديني.
لكن تغيرت الأحوال وخطت كل منهما خطوات واسعة نحو التسامح في هذا الأمر منذ عدة سنوات. وبقيت العديد من الدول الإسلامية تعاني من الظاهرة ذاته لكن ليس بالشكل الفج الذي كان لدى تركيا وتونس في السابق، فشبهة التدين أو الارتباط بأي حركة دينية، وحتى من دون ارتكاب أي جريمة هو سبب كافٍ للحرمان من العديد من الوظائف.
ناهيك عن المحاسبة والمحاكمة على الأفكار الدينية السلمية. وتفشي الظاهرة ضمن مشاكل سياسية في هذه البلدان ليس مبررا للتمييز ضد المواطنين على أساس ديني.
إن خطاب الدول غير الإسلامية التي تنتشر فيها هذه الظاهرة حافظ عادة على مسافة بينه وبين ما قد يفسر أنه تمييزا وكراهية للمسلمين بشكل واضح أو إنكارا لمسألة الإسلاموفوبيا. وكانت اللهجة الدبلوماسية الناعمة هي سيدة الموقف حتى ولو كانت الأفعال تكذب الأقوال، لكن على الأقل لم يساهم الخطاب الرسمي لهذه الدول في تأجيج الظاهرة. ويستثنى من ذلك إسرائيل الأمر الذي جعلها في مرمى انتقاد كثير من الدوائر الحقوقية حول العالم بينما هي تحاول التملص من هذه التهمة.
أما الآن فترمي الولايات المتحدة الآن بقيادة دونالد ترامب إلى أن تكون أحد رعاة الإسلاموفوبيا الرسميين بشكل واضح بحجة محاربة الإرهاب. وهي تقوم بذلك ضمن باقة كاملة من الانتهاكات الحقوقية التي لا يعيرها البيت الأبيض أي اهتمام في الوقت الحالي رغم المقاومة الشديدة التي يقوم بها المجتمع الأميركي لهذا الأمر مع بزوغ أولى قرارات منع رعايا سبع دول إسلامية من دخول البلاد.
وهو الأمر الذي خفَّض تصنيف الولايات المتحدة من ديموقراطية كاملة إلى دولة ذات ديموقراطية معيبة طبقا لمؤشر وحدة بحثية تابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية.
نحن في حاجة لمؤشر مثل هذا يرصد بطريقة مهنية مدى رعاية الدول لظاهرة الإسلاموفوبيا وقيامها بالتمييز ضد الإسلام والمسلمين خاصة على أسس سياسية عبر وضع دول العالم تحت هذا المجهر.
ولن نندهش ربما إذا تصدرت دول إسلامية كثيرة هذا المؤشر، لكن في الأغلب سيتناسب هذا الأمر عكسيا مع درجة ديموقراطيتها. فالديموقراطية الكاملة والإسلاموفوبيا ضدان لا يجتمعان.