نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من مارغاريتا ستانساتي وأحمد العمران، يقولان فيه إن السعودية، مسقط رأس الإسلام، وموطن أقدس موقعين للمسلمين، والتي لطالما استخدمت نفوذها الديني لتؤدي دور القائد الإقليمي، هذا النفوذ ذاته هو الذي يضع المملكة اليوم في مأزق شائك.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن رغبة المملكة في تشجيع علاقات أفضل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب من تلك التي كانت مع إدارة أوباما، يعرضها للنقد بأنها غير مستعدة للوقوف مع حلفائها المسلمين، خاصة الدول السبع ذات الغالبية المسلمة، التي فرضت إدارة ترامب حظرا على دخول رعاياها إلى الولايات المتحدة.
وينقل الكاتبان عن أستاذ علوم حل النزاعات في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات، قوله: "الحظر يضع
السعودية في موقف صعب.. يتوقع من السعودية أن تتخذ موقفا ضده؛ لأن بعض البلدان المتأثرة بالحظر، مثل السودان واليمن، حلفاء أساسيون، ولأنها تسوق نفسها على أنها قائدة للعالم الإسلامي"، مشيرين إلى أن وزارة الخارجية السعودية لم تستجب لطلب التعليق على الموضوع.
وتذكر الصحيفة أن ترامب تحدث يوم الأحد مع ملك السعودية الملك سلمان، حول لاجئي الشرق الأوسط، والاتفاقية النووية مع
إيران، والعلاقات الأمنية الأفضل بين البلدين، بحسب ما قاله البيت الأبيض،
وأضاف: "طلب الرئيس مناطق آمنة في سوريا واليمن، ووافق الملك على دعمها، بالإضافة إلى تأييد أفكار أخرى لمساعدة الكثير من اللاجئين، الذين شردتهم الصراعات الدائرة".
ويورد التقرير نقلا عن بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، قوله: "آراء الزعيمين كانت متطابقة"، بخصوص قضايا تضمنت مواجهة الإرهاب والتطرف، بالإضافة إلى مكافحة "أولئك الذين يسعون إلى تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى"، في إشارة لإيران وأنشطة وكلائها في المنطقة.
ويلفت الكاتبان إلى قول البيت الأبيض إن الطرفين اتفقا على "أهمية التنفيذ الدقيق لبنود الاتفاقية النووية مع إيران، التي عقدتها مع القوى الدولية، بما في ذلك أمريكا عام 2015"، مشيرين إلى أن ترامب والمسؤولين السعوديين انتقدوا مكررا الاتفاقية التي أدت إلى رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وتفيد الصحيفة بأن القيادة السعودية رحبت بحماس بانتخاب ترامب؛ أملا بأن يتماشى موقفه المتصلب من إيران مع أهداف المملكة الاستراتيجية، مستدركة بأنه رغم أن إيران من بين الدول السبع التي تأثرت بقرار حظر السفر، إلا أن بينها أيضا دولا تعدها السعودية حليفة لها.
وينوه التقرير إلى أن "الحظر يؤثر في المواطنين السودانيين، والسودان أحد أعضاء التحالف الذي تقوده السعودية لمكافحة الإرهاب، واليمن أيضا على القائمة، حيث تدخلت السعودية عسكريا عام 2015 ضد مليشيات الحوثي التي تدعمها إيران؛ بهدف إعادة عبد ربه منصور هادي للسلطة، بالإضافة إلى أن الحظر يؤثر في اللاجئين السوريين الذين يفرون من الحرب، وحيث تدعم السعودية الثوار ضد بشار الأسد ومؤيديه الإيرانيين والروس".
ويقول الكاتبان إن "السعودية أنتجت من المتطرفين الذين قاموا بهجمات على الأراضي الأمريكية، أكثر من أي دولة متأثرة بالحظر، وكان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هو ابن احدى أكبر العائلات الثرية، وكان 15 من 19 شخصا ممن شاركوا في خطف الطائرات يوم 11 أيلول/ سبتمبر يحملون الجنسية السعودية، ولم تتفوق عليها سوى تونس، التي قدمت أكبر عدد من المشاركين في تنظيم الدولة، بحسب دراسة عام 2015، أعدتها مجموعة صوفان للاستشارات الأمنية".
وتبين الصحيفة أن كبير المسؤولين في البيت الأبيض رينس برايبس ترك الباب مفتوحا لإضافة السعودية ومصر وباكستان، وكلهم حلفاء لأمريكا، إلى القائمة، حيث قال عمدة نيويورك السابق رودي جولاني، الذي ساعد في صياغة الأمر الرئاسي، لـ"فوكس نيوز" يوم السبت، إن استثناء السعودية من القائمة هو لأنها "تمر في حالة تغير ضخمة.. وأنها لم تعد السعودية القديمة".
ويجد التقرير أنه في حال تم فرض حظر على سفر السعوديين، فإن ذلك سيؤثر ذلك في التحالفات العسكرية والتجارية، التي لطالما ساعدت على تشكيل التفاعل الأمريكي مع المنطقة، وسيؤثر أيضا على عشرات آلاف الطلاب السعوديين في الجامعات الأمريكية، الذين يدرسون على نفقة الحكومة السعودية.
ويشير الكاتبان إلى أن المسؤولين السعوديين سكتوا عن القيود الأمريكية المفروضة على التأشيرات، لكن عندما تحدث ترامب خلال حملته عن منع المسلمين، فإن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير علق على الموضوع، ووصف المقترح بأنه "خطير جدا جدا"، مضيفا أن القرار سيعمق الخلافات بين الأديان المختلفة، لكنه قال خلال مؤتمر صحافي في الرياض الثلاثاء الماضي، إنه "متفائل جدا جدا حول إدارة ترامب"، وامتدح اختيارات ترامب للحكومة، بما في ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون.
وبحسب الصحيفة، فإن السعودية تأمل من خلال وضع ثقتها في رئاسة ترامب، أن يقوم بعكس سياسة مد اليد لإيران من سلفه أوباما، التي توجت باتفاقية نووية، حيث تقول السعودية بأن الاتفاقية مكنت طهران من التدخل في الشؤون العربية، ومن زرع عدم الاستقرار في المنطقة.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن المحللين يرون أن اعتبار رئاسة ترامب جيدة للمنطقة، في الوقت الذي لا يعرف فيه شيء عن سياسته تجاه الشرق الأوسط، ليس إلا إفراط في التفاؤل.