نشرت صحيفة "لو جورنال دي ديمونش" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن المعاناة التي يواجهها اللاجئون السوريون في
مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، مشيرة إلى أنه قد فر ما يقارب الـ4.8 مليون لاجئ من
سوريا "بعد أن مزقت الحرب المستعرة وطنهم منذ أكثر من خمس سنوات".
وأوردت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" تصريحات إحدى اللاجئات السوريات، واسمها البرشاء، وهي تبلغ من العمر حوالي 70 عاما، حيث تحدثت عن
البرد الذي ينخر في أجسام اللاجئين، والجوع الذي يكاد يقتلهم في هذا المخيم، نظرا لانعدام مورد رزق مستقر لهم في الأردن.
وأشارت إلى أن العجوز البرشاء، التي تتحرك بصعوبة وتتوكأ على عصا، رحبت بأعضاء منظمة كير الدولية في خيمتها الفارغة التي لا يوجد فيها غير بعض السجاد الذي يغطي الأرضية، بالإضافة إلى بعض المرطبات، مؤكدة أنها منذ أربع سنوات؛ أصبحت تخاف فصل
الشتاء، حيث إنها لا تستطيع مقاومته في هذا المكان.
وذكرت الصحيفة أن البرشاء كانت تعيش قبل الحرب مع عائلتها قرب مدينة حمص، لكنهم قرروا الفرار بعد وفاة أربعة من أبنائها الـ12، وقالت إن "اثنين من أبنائي قتلا جراء التفجيرات، وتوفي اثنان آخران بسبب غياب الرعاية الصحية اللازمة، بينما فضّل أحد أبنائي اللجوء إلى لبنان، والآخر إلى الأردن. أما أنا فقررت مع بقية أولادي اللجوء إلى الأردن".
وتابعت البرشاء: "بعد وقت قصير من وصولنا إلى الأردن؛ استقررنا في مخيم الزعتري بمدينة المفرق، حيث وزعت فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعض الخيام، واخترنا موقعا مرتفعا قليلا لكي لا نغرق داخل الخيمة عندما تهطل أمطار الشتاء، إلا أننا نعجز عن منع تسرب الرطوبة إلى فراشنا طوال الليل، وعلى الرغم من أن سقف الخيمة سميك، إلا أن الماء يتسرب من الجانبين".
وبينت الصحيفة أن بعض الخيام قد غرقت في برك المياه، إثر نزول أمطار غزيرة في المنطقة التي يتواجد فيها هذا المخيم. وفي هذا الصدد؛ قالت البرشاء إن "المعاطف والأغطية وحدها لا تكفي لحمايتنا من البرد.. منذ أربع سنوات، ونحن نعيش في هذا الواقع المرير".
وأشارت الصحيفة إلى أن البرشاء تقضي فصل الشتاء للمرة الرابعة على التوالي بعيدة عن وطنها، تحت هذه الخيمة التي تجوب في أرجائها رياح مدينة المفرق الصحراوية العاتية، وتنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير مساءً في كل الفصول، "أما في فصل الشتاء؛ فيتفاقم الوضع، إذ تصبح ليالي هذه المدينة باردة جدا نظرا لنزول درجات الحرارة تحت الصفر".
وقالت إن السلطات الأردنية أجْلت العام الماضي العديد من السوريين الذين استقروا في مخيم الزعتري من دون إذن، ما دفع البرشاء وزوجها إلى استئجار شقة صغيرة، ولكنهم أجبروا على تركها بعد شهر حين عجزوا عن دفع الإيجار. وفي هذا السياق؛ قالت البرشاء: "ليس لدينا أي مصدر للحصول على دخل مستقر في هذه البلاد.. عندما وصلنا إلى الأردن، حصل زوجي على عمل، ولكنه اضطر لتركه حين تدهورت حالته الصحية".
وأوضحت الصحيفة أن البرشاء وزوجها يتلقيان مبلغا شهريا قيمته 26 يورو من برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن "هذا المبلغ الزهيد لا يكفي إلا لتوفير بعض الطعام، وشراء بعض الضروريات، مثل مواد التنظيف، والأدوية، وبالكاد دفع تكلفة استهلاك الكهرباء".
وحول هذا الدعم؛ قالت البرشاء: "نحن ممتنون لما تقدمه منظمة الأمم المتحدة، ولكن سنكون أفضل حالا إذا تمكنا من الحصول على 135 يورو في الشهر. وعموما؛ اضطرتنا حالة الخصاصة التي نعيشها إلى اقتراض المال من جيراننا لدفع الديون المتخلدة بذمتنا".
وأضافت العجوز أن "منظمة كير وفرت في السنة الماضية مساعدات مالية للاجئين السوريين في الأردن، الأمر الذي خفف من حدة معاناتهم، ولذلك آمل أن نتمكن مرة أخرى من الحصول على مثل هذا الدعم".
وفي الختام؛ قالت البرشاء: "أجبرت وعائلتي على الفرار من سوريا؛ لأنه لم يعد بإمكاننا البقاء لفترة أطول.. لقد كانت حياتنا مهددة هناك، أما الآن فنحن مضطرون للبقاء هنا إلى يوم مماتنا".