بالرغم من إطلاق السلطات المصرية عمليات عسكرية الواحدة تلو الأخرى في شمال
سيناء منذ آب/ أغسطس 2013؛ إلا أنها لم تنجح في القضاء على
التنظيمات المسلحة، ولا إيقاف عملياتها التي تستهدف أفراد الجيش والشرطة، وسط توقعات باستمرارها.
وقتل الاثنين ثمانية من رجال الشرطة، ومدني، في هجومين على كمين "المطافئ" بمدينة
العريش شمال سيناء بسيارة مفخخة، وقذائف "آر بي جي" وعبوات متفجرة، وأسلحة رشاشة.
وألمح قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي في مداخلة هاتفية لبرنامج "كل يوم" المذاع على قناة "أون تي في" بعد العملية بساعات، إلى استمرار عمليات التنظيمات المسلحة في سيناء، قائلا إن الهدف من وراء دعوته المصريين إلى تفويضه بمواجهة الإرهاب والإرهاب المحتمل في أعقاب الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013؛ كان "مواجهة التحدي الكبير، وده مش هتشوفوه في يوم ولا في شهر، لكن في سنوات".
تكتيكات المسلحين
وعمدت الجماعات المسلحة إلى تغيير "تكتيكاتها" في العملية الأخيرة. وأوضح الصحفي المتخصص في الشأن السيناوي، أحمد أبو دراع، أن "العناصر المسلحة نقلت جزءا من نشاطها إلى منطقة العريش نفسها، بعد تشديد الإجراءات الأمنية، وإحكام السيطرة على منطقتي الشيخ زويد ورفح؛ لتخفيف الحصار على تلك المناطق".
وقال أبو دراع لـ"
عربي21" إن "الكمائن الثابتة في المدن تعد صيدا سهلا؛ لأنها معلومة الحجم والقدرات لدى الجماعات المسلحة التي تعد خططا مركبة لاستهدافها، بالرغم من درجة التأمين المحاطة بها"، مشيرا إلى أن "الجماعات المسلحة تغير من نمط وشكل هجماتها في كل عملية كبيرة تقوم بها".
وعن الجديد في استهداف كمين "المطافئ"؛ بيّن أنه "وقع على ثلاث مراحل؛ بدأت بإطلاق نار كثيف لتشتيت الانتباه، ثم الدفع بسيارة مفخخة لإحداث فوضى كبيرة في المكان، ثم إتباعها بسيارة أخرى محملة بالمسلحين؛ للاشتباك مع عناصر الحماية، وتأمين الكمين".
وذهب أبو دراع إلى القول بأن "الحملات العسكرية قللت من أعداد المسلحين، ولكنها لم تخفف من أعداد الهجمات ونوعياتها"، لافتا إلى أن "10 مسلحين كفيلون بتنفيذ هجمات نوعية".
التعامل الأمني مع القضية
ويعد التعامل الأمني مع شمال سيناء؛ أحد الأسباب الرئسة في جعلها بؤرة مشتعلة، وفق الناشط السيناوي حسام الشوربجي، الذي انتقد تعامل الدولة مع شمال سيناء كمنطقة أمنية، دون الالتفات إلى وسائل أخرى.
وقال الشوربجي لـ"
عربي21" إن "عمليات الاعتقال العشوائي، والتهجير المستمر، والهدم والتدمير للمتاع والممتلكات؛ يذكي حالة الاحتقان الشعبي، ويجعله حاضنة شعبية لهذه الجماعات المسلحة، عدا عن نعت أهل سيناء بالعملاء واليهود، والنظرة الرسمية والإعلامية المشككة في انتمائهم ووطنيتهم".
ورهن تراجع العمليات المسلحة بـ"تغيير تعامل الجيش مع أهالي سيناء، والعمل على تنمية المنطقة، والحفاظ على الأرواح والممتلكات، واحترام خصوصيات الناس"، مؤكدا أن "العملية العسكرية أخفقت في تحقيق أهدافها؛ لأن أي عمل عسكري لا يرافقه عملية تنمية واسعة محكوم عليه بالفشل".
وتوقع الشوربجي أن تستمر وتيرة الهجمات المسلحة "ما لم يتغير الأسلوب الأمني البحت، وخاصة أن بعض الأفراد العاديين الموتورين؛ انضموا للجماعات المسلحة، رغبة في الانتقام والتشفي من قوات الأمن".
فشل القيادات الأمنية
من جهته؛ أرجع محرر موقع "سيناء 24 الإخباري" المعني بشؤون سيناء، تكرار حوادث الهجوم على كمائن بالعريش، إلى "الفشل الأمني"، محملا القيادات الأمنية والعسكرية في سيناء مسؤولية وقوع مثل تلك الحوادث.
وقال المحرر، الذي فضل عدم كشفه اسمه، لـ"
عربي21" إن "جميع القيادات الأمنية والعسكرية التي فشلت سابقا في إدارة العمليات بسيناء؛ تجدَّد لها الثقة، وتستمر في خدمتها؛ من أجل استمرار نفس الفشل بنفس المنهج".
وانتقد عدم قدرة قوات الأمن على "الكشف عن هوية أي من منفذي تلك الهجمات"، مشيرا إلى أن المواطنين يتساءلون عن "قدرة المسلحين على التخفي بهذا الكم من الأسلحة والذخيرة والسيارات التي يستولون عليها عقب كل هجوم، في حين أن المواطن العادي لا يستطيع التجول في الشارع دون أن يحمل إثبات شخصيته".
واتهم المحرر الإعلام الرسمي بـ"التضليل"، قائلا: "نسمع في الإعلام عقب كل هجوم مسلح كبير؛ عن عملية عسكرية أكبر استهدفت عشرات ومئات المسلحين، ولا نفيق إلا على هجوم مسلح آخر مدروس، وسط عجز القوات الأمنية عن صده وإفشاله".