تعاني
مدينة الخليل المحتلة، التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني؛ من أزمات كبيرة بسبب سياسات
الاحتلال الإسرائيلية التي تهدف إلى إنهاء
الحياة الاقتصادية في الخليل، بحسب مراقبين ومختصين.
وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، محمد غازي الحرباوي، إن الخليل تحوي العديد من القطاعات الصناعية والتجارية، ما يجعلها رافدا هاما للاقتصاد الفلسطيني، مشيرا إلى أنها "تشكل 40 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي الفلسطيني، ويتركز فيها نحو 45 بالمئة من القطاعات الصناعية في كافة المجالات".
وأضاف أن "صناعة الحجر التي يطلق عليها (بترول الخليل الأبيض)؛ تشكل ما نسبته أكثر من 15 بالمئة من مجمل صناعته في فلسطين، وصناعة الأحذية أكثر من 95 بالمئة، وصناعة الذهب والمجوهرات 60 بالمئة، إضافة إلى الصناعات البلاستيكية والغذائية وغيرها"، مشيرا إلى أن الصناعات سابقة الذكر "كان لا بد لها أن تؤثر إيجابا على واقع التنمية الاقتصادية في المدينة، إلا أن سياسة التضييق والإجراءات المختلفة التي يفرضها الاحتلال؛ قلبت المعادلة، وأنهت أي فرصة للتأثير الإيجابي".
ولفت الحرباوي إلى أن الخليل "تعاني جملة من المشاكل بسبب الاحتلال الذي يحاصر المدينة عبر التقسيم السياسي والجغرافي الذي يصادر نحو 60 بالمئة من مساحتها، ويقطع تواصلها الداخلي عبر إقامة نحو 60 حاجزا عسكريا، كما أنه يقطع تواصلها الخارجي مع باقي المدن في فلسطين".
وأوضح أن "إسرائيل تعمل على رفع مدخلات وتكاليف الإنتاج الخاصة بالصناعات، سواء الطاقة أم المياه، ما يؤثر بشكل سلبي وكبير جدا على أسعار هذه الصناعات".
منطقة صناعية
وأكد رئيس الغرفة التجارية أن "الخطر الأعظم" على اقتصاد الخليل؛ هو "عدم وجود
مدينة صناعية فيها، وهو الأمر الذي يشل قدرتها على المشاركة في عملية التنمية؛ بسبب تركز المصانع والورش في الأحياء السكنية"، داعيا السلطة الفلسطينية والقطاع الخاص؛ إلى التعاون المشترك من أجل إجبار الاحتلال على السماح بإقامة منطقة صناعية آمنة.
وقال الحرباوي: "قدمنا طلبا رسميا عام 2015 للجهات المسؤولة في الجانب الإسرائيلي للحصول على ترخيص لإقامة منطقة صناعية، وتم تحديد مساحتها بالخرائط بـ2400 دونم في مناطق (c)".
وتابع: "نظرا إلى أن المساحة الأكبر يسيطر عليها الاحتلال؛ فقد تم تقليص المساحة إلى 1589 دونما، وقبلنا بذلك، إلا أن الاحتلال حتى اللحظة لم يحول المنطقة إلى (c) ما يجعلها آمنة، ويشجع أصحاب رأس المال على الاستثمار فيها".
وحذر رئيس الغرفة التجارية من خطورة سياسة الاحتلال في المدينة القديمة بالخليل، حيث "أغلقت نحو 1812 محلا تجاريا أبوابها بأوامر عسكرية، ونتيجة مضايقات المستوطنين"، مؤكدا أن "وضع البلدة القديمة الأسوأ على الإطلاق، اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا، ويكفي أن نعرف أن 400 مستوطن يدنسون شوارعها بحماية ألفي جندي".
وقال إن كثيرا من سكان الأحياء والضواحي في المدينة؛ يُحظر عليهم الخروج منها، ويمنع زوارها من الدخول إليها إلا بتصريح إسرائيلي، مؤكدا أن "وضع البلدة القديمة خصوصا، والخليل بشكل عام؛ آخذ في الانهيار؛ ما دام الاحتلال جاثما على أرضنا".
تأثير الانتفاضة الثالثة
وحول تأثير الانتفاضة الفلسطينية الثالثة على الوضع الاقتصادي في مدينة الخليل؛ أكد الحرباوي أن الاحتلال "عمل بذريعة الحالة الأمنية؛ على إغلاق وهدم العديد من المتاجر"، لافتا إلى أنه "في ظل الإجراءات الأمنية المشددة؛ لم يعد بمقدور المتسوقين من الأراضي المحتلة عام 1948 الوصول إلى أسواق الخليل".
وأضاف: "اقتصاد الخليل خلال الهبة الجماهيرية إذا ما قورن بالأعوام السابقة؛ فإن نسبة تدهوره تجاوزت الـ50 بالمئة؛ بسبب الاحتلال وإجراءاته المختلفة".
وتعليقا على اختيار "مجلس الحرف العالمي" الخليل "
مدينة حرفية عالمية للعام 2016"، قال الحرباوي إن "هذا شرف للمدينة وأهلها، ويؤكد على تاريخها وثوبها المهني والحرفي والصناعي والحضاري اللذين عرفت بهما"، مشددا على "ضرورة استثمار الوضع الراهن من خلال إيجاد قنوات تعاون وشراكة بين من يعملون في الحرف بالخليل، وبين دول العالم؛ بما يحقق ترويجا لبضائعهم، ودعما استثنائيا لاقتصاد مدينتنا".