قال خبراء وعلماء مصريون في مجالي الزراعة والري، إن مشروع استصلاح مليون ونصف المليون
فدان، الذي أعلن عنه قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي قبل عامين؛ هو
مشروع خيالي، ومن المستحيل تنفيذه.
وأكد الخبراء الذين تحدثوا لـ"
عربي21" أن الدراسات والأبحاث التي أجراها العديد من المتخصصين "أثبتت أن مخزون المياه الجوفية المتوفر في صحارى مصر؛ لا يكفي سوى لزراعة ربع أراضي المشروع".
وكان السيسي قد أطلق في أيار/ مايو الماضي إشارة بدء حصاد محصول القمح والشعير، ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان بمنطقة سهل بركة بالفرافرة.
ضرب من الخيال
وقال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، إن دراسات المشروع قائمة على ضرورة تغطية المياه اللازمة له بنسبة من 85 إلى 90 بالمئة من المياه الجوفية كشرط أساسي لإنشائه، على أن تكون هذه المياه جديدة وغير مكتشفة من قبل، بينما تعتمد 10 بالمئة من المساحات المنزرعة على مياه النيل، وهي المشروعات القديمة، مثل مشروع توشكى في جنوب الوادي الجديد، والمياه اللازمة لها متوفرة.
وأضاف نور الدين لـ"
عربي21" أنه لا بد للمياه الجوفية المكتشفة أن تكون المخزونات منها كافية لمدة 100 عام، كشرط أساس لاكتمال مشروع المليون ونصف المليون فدان، مشددا على أن المياه الجوفية في مصر لا يمكن أن تستمر لمئة عام، حيث إن أغلبها مياه ناضبة، وهذا كان السبب وراء الاعتراضات على المشروع.
من جانبه؛ قال وزير الزراعة الأسبق عادل البلتاجي، إن جامعة عين شمس عقدت مؤتمرا، الاثنين الماضي، حول الدراسات الفنية والاقتصادية لمشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، بحضور مجموعة من الخبراء والعلماء، من بينهم الدكتور عبدالغني الجندي الذي كان مسؤولا عن دراسات توفير المياه للمشروع، وأوضحوا أن الدرسات أثبتت أن المياه الجوفية الموجودة في هذه المناطق لا تكفي إلا لزراعة 26 بالمئة فقط من الأراضي، وبالتالي فإن تنفيذ المشروع أمر مستحيل.
وأضاف لـ"
عربي21" أن كلام السيسي حول إتمام المشروع هو "ضرب من الخيال؛ لأنه يتطلب توفير مياه جوفية كافية لأكثر من 100 سنة مقبلة، وهذه المناطق لا تتوافر فيها هذه الكميات"، مشيرا إلى أنه "حتى لو تم تنفيذ نسبة 26 بالمئة فقط من المشروع بكل ما لدينا من مياه جوفية؛ فإن هذا يعني ظلم الأجيال القادمة؛ لأننا سنستهلك احتياطي مصر من مخزونات المياه".
وطالب البلتاجي الدولة بتأجيل المشروع لحين إجراء مزيد من الأبحاث، موضحا أن هناك لجنة في وزارة الزراعة تقوم الآن بدراسة المشروع مرة أخرى للتوصل إلى قرار حول استكماله أو إلغائه.
وعلى النقيض من وعود السيسي بالتوسع في استصلاح مزيد من الأراضي الجديدة؛ حذر أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس، عبدالعزيز شتا، من أن الرقعة الزراعية القديمة في مصر تشهد تناقصا مستمرا بسبب التعديات عليها وتحويلها إلى مناطق سكنية، مشيرا في تصريحات صحفية، إلى أن محافظة القليوبية على سبيل المثال، فقدت 40 بالمئة من رقعتها الزراعية، خلال السنوات السبع الماضية.
المياه قد تكفي بشرط حسن الإدارة
وبينما دعا عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، عبدالحميد الدمرداش، الحكومة إلى مصارحة المستثمرين بأنهم لن يستطيعوا زراعة أكثر من 30 بالمئة من الأراضي المتاحة لهم؛ رفضت وزارة الري هذه الدراسات والتوصيات.
وقال رئيس قطاع المياه الجوفية بالوزارة، سامح صقر، إن ما يتردد عن عدم كفاية المياه الجوفية المتاحة لمشروع المليون ونصف المليون فدان، قصد به أن سوء إدارة واستخدام المياه من خلال زراعة المحاصيل الشرهة للمياه؛ سيؤدي إلى عدم كفاية المياه للمساحات المطلوبة.
وأضاف صقر، في بيان نشرته وزارة الموارد المائية والري الأسبوع الماضي، أنه إذا ما تم اختيار المحاصيل المناسبة للبيئة الصحراوية التي تحتاج لكميات مياه قليلة؛ فإن المياه المتاحة من الآبار الجوفية "قد تكفي" لزراعة كامل المساحة المتاحة حول كل بئر، والتي يتم تحديدها بناء على دراسات علمية دقيقة "لمنع استنزاف المخزون الجوفي، وضمان استدامة التنمية بمناطق المشروع، وهو التوجه المستقبلي للدولة".
ولتجنب مصير المشروعات السابقة الفاشلة في عهود سابقة، والتي من بينها مشروع توشكى؛ أعلنت الحكومة إنشاء شركة قابضة لإدارة المشروع تحت اسم "شركة الريف المصري الجديد" برأس مال بلغ ثمانية مليارات جنيه، لتقوم بوضع اللوائح والقوانين الحاكمة لطرح وتوزيع الأراضي على المزارعين والمستثمرين، بالإضافة إلى إدارة وصيانة وتطوير البنية الأساسية للمشروع بعيدا عن الحكومة.