صب أسلوب الغزل السياسي المتبادل بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب والرئيس الروسي فلاديمير
بوتين الماء على سخونة القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس أوباما بطرد 35 دبلوماسيا
روسيا من واشنطن، على خلفية اتهام الأخيرة لموسكو باختراق أجهزة الحواسيب الخاصة بالحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وكان لرد الرئيس بوتين الهادئ على القرار الأمريكي الأخير طرد الدبلوماسيين، دافعا على ما يبدو لبدء تصريحات الغزل السياسي من طرف ترامب التي أطلقها لاحقا على حسابه الشخصي بموقع "تويتر" .
وكان بوتين علق على قرار طرد الدبلوماسيين بالقول إنه "لن ينزل لمستوى أوباما" في طرد دبلوماسييه من روسيا، ما دفع بترامب لرد سريع حين وصف بوتين بأنه "شديد الذكاء".
وقال ترامب في تغريدة له على موقع "تويتر": "الخطوة العظيمة الأخيرة من فلاديمير بوتين، لقد عرفت دائما أنه شديد الذكاء".
وانتشر رد ترامب بشكل واسع، حيث انتقده كثير من المغردين على :تويتر: بالرد عليه بشكل مباشر، واتهموه بأنه مجرد لعبة في يد بوتين.
وتساءل عدد من المغردين أيضا حول سبب إعجاب ترامب بـ"الدكتاتور" بوتين كما وصفوه؟ إضافة لاتهامه بأنه مرشح بوتين المفضل للرئاسة الأمريكية إضافة للمجموعات النازية المتحدة.
بينما وصف متابع آخر تصريح ترامب بأنه أغبى تغريدة له على الإطلاق تم قراءتها حتى الآن، واتهمه آخرون بالخيانة.
روسيا تسعى للانتقام
تصريحات ترامب المتكررة عن إعجابه بشخصية بوتين أثارت التساؤلات حول علاقة الإدارة الأمريكية المقبلة مع روسيا.
وقال الدكتور خطار أبو ذياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "السوربون" بفرنسا في حديث مع "
عربي21" إنه وبالرغم من أهمية كل الأشخاص كبوتين وترامب، أو بوريس يلتسين وبيل كلينتون بالأمس، إلا أن روسيا تبقى هي روسيا، وأمريكا تبقى هي أمريكا، وبأن الأخيرة تبقى القوة العظمى دون منازع حتى إشعار آخر.
وأشار أبو ذياب إلى أن روسيا منذ عام 2007 تخوض مخاضا معينا وتعود من خلاله للمسرح الدولي بقوة.
وقال أيضا: "لا شك أن أمريكا هزمت الاتحاد السوفيتي بالضربة القاضية، وحاولت أن تركب روسيا كما تشاء في عهد يلتسين، ولكن ذلك لم يصمد".
وأضاف :"الآن هناك نوع من السعي الروسي للانتقام بدأ في عدة محطات كالحرب على جورجيا وضم القرم من أوكرانيا، والتدخل في
سوريا والتوتر مع الأطلسي".
ويشير أبو ذياب أيضا إلى أن إدارة أوباما حاولت تصحيح الوضع مع روسيا، ولكن ما وصفه بالاندفاع البوتيني الكبير والمصالح المتضاربة أدى إلى ما يشبه بالحرب الباردة، أو كما قال.
الزعيم ترامب
ونوه أستاذ العلاقات الدولية إلى أن شخصية ترامب تميل للإعجاب بفكرة الزعيم، وهو يتصور نفسه إلى جانب أنه رئيس الولايات المتحدة كزعيم معجب بأنواع مثل الرئيس التركي رجب أردوغان إضافة لبوتين، وهو تغريه مثل هذه النوعيات من الزعماء.
وقال أبو ذياب أيضا إن أمريكا تجسست سابقا واخترقت بريد أقرب حلفائها كالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، وأضاف: "آخر من يحق له الحديث عن الاختراق هم الأمريكان، فهم من أنتجوا الحرب الإلكترونية".
وذكر أيضا أن روسيا بدأت بالرد على أمريكا من خلال "ويكيليكس والعميل الأمريكي الهارب إلى روسيا إدوارد سنودن".
ووصف أبو ذياب خطوة بوتين بعد طرد الدبلوماسيين الأمريكيين بأنها مناورة واعتراف ضمني بأن الخطأ جاء من روسيا، وتساءل أيضا: "لكن هل بوتين سيتوقف عن ذلك؟".
وأشار للتخوف الأوروبي من تدخل روسيا في الانتخابات الفرنسية والهولندية والألمانية التي ستعقد قريبا.
الصين وإيران
ويقول الأستاذ خطار إن المسألة الصينية هي التي ستحدد العلاقة المستقبلية بشكل كبير في العلاقة مع ترامب، وتساءل: "هل يختار بوتين الوقوف مع الصين في نزاعها ضد أمريكا؟"، ويقصد مسألة بحر الصين، حيث يرى بأن المسألة الأهم لدى الإدارة الأمريكية هي "المسألة الصينية" والتي ستطغى على القضايا الجانبية في المنطقة.
وأشار أيضا إلى أن ما أسماه التهدئة الأمريكية الروسية لن تدفع بروسيا للتخلي بسهولة عن حليفتها الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط
إيران.
وأضاف قائلا: "روسيا بنت مع إيران منذ المشاكل مع الدول الغربية نوعا من العلاقة التجارية والصناعية والإستراتيجية، وهذا ما لن تتخلى عنه روسيا بسهولة".
وأوضح أبو ذياب بالقول إن: "أمريكا تغازل إيران بالرغم من وصول ترامب للحكم، وذلك ظهر جليا في بيع طائرات البوينغ لها،أ عتقد أن هناك رهانات على إيران ولن تتغير بسرعة"، وأشار إلى أن العلاقة مع طهران ستكون مرتبطة بلاعبين إقليميين آخرين مثل تركيا والسعودية وحتى إسرائيل.
وختم أبو ذياب حديثه قائلا: "المخاض في المنطقة مستمر وأعتقد أن الوضع لن يتغير إلا إذا أخطأ أحد اللاعبين، كالوصول لنوع من الترتيب لحل في سوريا وطلب من إيران الانسحاب ولم يحصل ذلك، عند هذه النقطة يمكن أن تحصل إشكالات مع روسيا".