وافقت الحكومة
المصرية، الخميس، على إحالة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية
السعودية، الموقعة بالقاهرة في 18 نيسان/ أبريل 2016، إلى مجلس النواب (
البرلمان)، طبقا للإجراءات الدستورية المعمول بها في هذا الشأن.
جاء ذلك في بيان أصدره مجلس الوزراء المصري، الخميس، وذلك على الرغم من حكم
القضاء المصري بإبطال الاتفاقية، التي تمنح المملكة العربية السعودية حق السيادة على جزيرتي "
تيران وصنافير".
وقال البيان إنه تم العرض على مجلس الوزراء بعد استكمال كل الترتيبات والإجراءات مع كل الأطراف اللازمة للعرض، مشيرا إلى أن المجلس تلقى عددا من طلبات الإحاطة بشأن عدم إرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب، وفقا لنصوص الدستور.
ومن جهته، علَّل المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، أشرف سلطان، هذا الإجراء، في تصريحات لشبكة "CNN بالعربية"، قال فيها إن الاتفاقية ستتم إحالتها على مجلس النواب، كونه صاحب الاختصاص للنظر في مثل هذه الاتفاقيات، بموجب المادة 151 من الدستور المصري.
وفي المقابل، أثار هذا القرار الحكومي ردود فعل غاضبة بين شخصيات سياسية وإعلامية وحقوقية مصرية عدَّة، أبدت اندهاشها من استعجال الحكومة اتخاذ هذه الخطوة.
وأكدت حركة شباب 6 أبريل مصرية "تيران وصنافير"، عبر حسابها بموقع "تويتر". ودونت قائلة: "تيران وصنافير مصرية.. مهما يحاولوا الحرمية".
وتساءل نائب رئيس الجمهورية السابق، الدكتور محمد البرادعي، عبر "تويتر"، مساء الخميس، قائلا: "ألم يكن من الحكمة، ومنعا للمزيد من الاستقطاب، واحتراما للشعب والقانون أن ننتظر حكم القضاء في مدى التزام الاتفاقية بالدستور؟".
واختتم البرادعي تغريدته متسائلا ثانية: "لماذا العجلة؟".
كما تقدم عضو مجلس النواب، هيثم الحريري، ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، قال فيه إن "اتفاقية ترسيم الحدود أصبحت هي والعدم سواء بعد حكم محكمة القضاء الإداري بإبطالها".
وأضاف: "صدر الحكم ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وبناء على هذا الحكم لم يعد هناك اتفاقية من الأساس"، مشيرا إلى أن "موافقة الحكومة المصرية على الاتفاقية، وإرسالها إلى البرلمان، هي مخالفة صحيحة للدستور والقانون، ولا تحترم أحكام القضاء المصري"، وفق البيان.
وشدد النائب أن شرعية النظام بأكمله، وشرعية مؤسسات الدولة، والسلطة التنفيذية ورأس السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، على المحك، مؤكدا أن مجرد مناقشة الاتفاقية "وصمة عار على الجميع"، بحسب تعبيره.
ومتفقا مع الحريري، قال أحد رافعي الدعوي، المحامي الحقوقي طارق العوضي، في تصريحات صحفية، إن قرار الحكومة "غير دستوري، ويفقدها مشروعيتها، بعد تجاهلها الحكم واجب التنفيذ الصادر من محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية".
لكن محامي الحكومة في القضية، عضو هيئة قضايا الدولة، رفيق عمر الشريف، قال -في المقابل- إن إحالة مجلس الوزراء للاتفاقية إلى مجلس النواب قرار دستوري بامتياز، مضيفا أن نظر الاتفاقيات هو أحد اختصاصات البرلمان، طبقا للمادة 151 للدستور.
وعن مصير طعن الحكومة على حكم القضاء الإداري بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، أكد الشريف أنه بموافقة البرلمان على الاتفاقية تصبح سارية، أيا كان حكم المحكمة الإدارية العليا، وفق زعمه.
وكان المحامي والناشط الحقوقي، أحد رافعي الدعوى، خالد علي، حذر، الاثنين الماضي، مما سماه "السيناريو الاحتياطي في التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.
وعلى صفحته بموقع "فيسبوك"، قال علي: "إلى من كانوا يقولون إن الدولة اختلفت مع السعودية، ومش عايزة تسلم الجزر، والقضية بقت محسومة، شوفوا الخبر دا، الدولة تستعد بالسيناريو الاحتياطي".
وأشار الخبر، نقلا عن صحيفة "المصري اليوم"، إلى تقديم عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، بيانا عاجلا، الأحد، طالب فيه رئيس مجلس الوزراء بالحضور إلى البرلمان يوم 2 يناير المقبل، لإعلان الأسباب الحقيقية لما سماه تراخي الحكومة، وعدم إبلاغها البرلمان، بنصوص اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي انتقلت بمقتضاها تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" إلى المملكة، بحسب بيان الأخير.
وتعليقا على ذلك، رأى خالد علي أن "الحكومة تفتعل خلافا بين مجلس النواب والقضاء، كي يقال من صاحب السلطة في هذا الاتفاق: هل هي السلطة التشريعية أم السلطة القضائية؟ وبعدها يتم التضحية بتيران وصنافير كعربون صلح مع السعودية"، بحسب قوله.
وتوقع أن تتم التضحية بحكومة شريف إسماعيل، بموجب هذا السيناريو.
ويذكر أن محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة حددت جلسة السبت للنطق بالحكم في الاستئناف المقدم من علي أيوب، المحامي، و182 متضامنا آخرين، ضد وقف حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وكانت المحكمة الإدارية (الدرجة الأولى في مجلس الدولة) قررت في 21 حزيران/ يونيو الماضي "بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، "المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للرياض".
وطعنت الحكومة في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، التي بدأت نظر الطعن في شهر حزيران/ يونيو نفسه.
وفي الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، رفضت المحكمة الإدارية طلب الحكومة وقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، ما يعني أن الحكم ببطلانها لا يزال ساريا إلى أن تصدر المحكمة الإدارية العليا حكمها النهائي.
وقد حددت هذه الأخيرة يوم 16 كانون الثاني/ يناير المقبل لصدور الحكم النهائي في طعن الحكومة.